دعت الولايات المتحدة إلى دعم المهاجرين المشتتين في مختلف أنحاء العالم في حال نشوب أزمات، ويبلغ عديد هؤلاء 232 مليون إنسان، وهو يكفي ليكون عدد السكان لخامس أكبر بلد في العالم.


قالت آن ريتشارد، مساعدة وزير الخارجية في مكتب السكان واللاجئين والهجرة في الولايات المتحدة، إنه رغم أن هؤلاء المهاجرين مشتتون حول العالم، إلا أنهم يعتبرون أعضاء فعالين في مجتمعاتهم الأهلية.

وأضافت في مقال نشرته على موقع وزارة الخارجية الأميركية الالكتروني أن هؤلاء المهاجرين غالبًا ما يكونون غائبين عن منازلهم، إلا أن جهودهم تعني أن باستطاعة عائلاتهم بناء المنازل، وإرسال الأطفال إلى المدارس، ودفع تكاليف العناية الصحية.

ونوّهت ريتشارد الى أنه على الرغم من الملايين من الدولارات التي يرسلونها إلى ديارهم، فإنهم كثيرًا ما يكونون آخر من يتلقى المساعدات عندما تنشب الأزمات، رغم كل ما يبذلونه من تضحيات.

وقالت المسؤولة الاميركية: إنهم مهاجرو العالم، وقد أصبح هناك اليوم 232 مليوناً منهم عبر أنحاء العالم، وقد بلغ إجمالي ما أرسلوه لذويهم في العام 2013 قرابة 550 مليار دولار، وهو مبلغ كافٍ لتمويل الطاقة اللازمة لاقتصاد يفوق اقتصاد النرويج أو السويد. ولكن، عندما يذهبون إلى خارج بلادهم للعمل وتنشب الأزمات، فمن يكون مسؤولاً عنهم؟.

وتابعت: الجواب على هذا السؤال ليس واضحًا، كما ظهر ذلك بكل جلاء مأساوي خلال وبعد غياب الاستقرار في ليبيا سنة 2011. فقد وجد مئات الآلاف من العمال المهاجرين أنفسهم مشتتين في بلد غريب دون خيار في ذلك البلد بعد أن سرّحهم أرباب العمل وتركوهم دون مأوى، مُعرّضين للاستغلال، ودون مساعدة أو مرجع سواء كان ذلك من جانب أصحاب العمل، أو الحكومات، أو السلطات الليبية.

تساؤلات

وتساءلت ريتشارد: لماذا غدت الأمور على هذا النحو؟ لأنه حتى عندما أصبح المهاجرون يلعبون دورًا تتزايد أهميته في الاقتصاد العالمي، لم تكن هناك الكثير من أطر العمل أو المعايير الدولية لكي تساعدهم عندما تنشب الأزمات.

واشارت مساعدة وزير الخارجية إلىأن اليوم، هو اليوم الذي حددته الأمم المتحدة ليكون اليوم العالمي للمهاجرين، حيث يتم الاحتفال به يوم 18 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، وذلك إقرارًا بجهود ومساهمات وحقوق المهاجرين حول العالم. إنه يوم لتسليط الأضواء على حاجة البلدان الماسة إلى وضع أنظمة لحماية هؤلاء الناس.

وقالت إن الولايات المتحدة تدرك جيدًا أهمية المساهمة التي لعبتها الهجرة في بلادنا. فكما قال الرئيس أوباما، إن التدفق المستمر لأفواج المهاجرين الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة على مرور الزمن، والذين كانوا ولا يزالون يعملون بجهد ويتمتعون بالمواهب، quot;قد جعل من الولايات المتحدة بمثابة المحرّك الرئيسي للاقتصاد العالمي ونبراس للأمل بالنسبة للعالم أجمعquot;.

استنزاف العقول

واستطردت المسؤولة الأميركية انه في حين أننا لا نُركّز أحياناً سوى على الجوانب السلبية للهجرة مثل استنزاف العقول، وتشتت الأسر وفراق الأحبّة، فإن الحقيقة هي أن الهجرة ترفع مستوى التنمية الاقتصادية في كلا البلدين، البلد الأصلي وبلد الاغتراب.

وقالت إن البلاد التي يكثر فيها السكان المتقدمون في السن وتتراجع فيها معدلات الولادات، باتت تعتمد على اليد العاملة التي يؤمنها المواطنون القادمون من حول العالم الذين يعملون بجهد كبير.

وتابعت ريتشارد أن هناك، إلى جانب هذه الفوائد، مخاطر مهمة بالنسبة للأفراد الذين يسافرون إلى الخارج للعمل. فبالإضافة إلى الأزمة في ليبيا، فإن كل أزمة تقريباً- بما في ذلك الإعصار ساندي في الولايات المتحدة- قد تركت العديد من المهاجرين وحيدين دون معين.

ونبهت مساعدة وزير الخارجية الأميركية الى أنه عندما تنشب الأزمات، فإن البلدان المرسلة للمهاجرين كثيرًا ما لا تكون قد وضعت جانباً الموارد والأنظمة اللازمة لمساعدة مواطنيها في الخارج، في الوقت الذي تكون فيه البلدان المستقبلة نفسها تناضل من أجل مساعدة مواطنيها.

حماية المهاجرين

وحول كيف يمكن حماية المهاجرين بطريقة أفضل؟ قالت ريتشارد: كانت هذه القضية الأساسية التي نوقشت في الحوار الرفيع المستوى للأمم المتحدة حول الهجرة والتنمية الذي عقد في اكتوبر/ تشرين الأول من هذه السنة في نيويورك. وكان من أولى نتائجه الإعلان من جانب الولايات المتحدة والفليبين، بالشراكة مع الحكومات الأخرى، والمنظمات الدولية، ومجموعات المجتمع المدني، بأنها ستتولى قيادة مبادرة لأجل معالجة هذا التحدي.

وأكدت ريتشارد أن الهدف الأعظم لهذه المبادرة هو استحداث مجموعة من الإرشادات التوجيهية الرامية الى تحسين قدرة الدول وغيرها على حماية المهاجرين العالقين في البلدان التي تنشب فيها أزمات حادة. وسيكون أساس ذلك قيام كل بلد من البلدان التي ترسل والبلدان التي تستقبل، بوضع التدابير والموارد اللازمة لمساعدة هؤلاء الأفراد عندما تعصف الكوارث.

ونوّهت الى أنه لن يكون هذا الجهد سهلاً، وسوف يتطلب على الأرجح سنوات لكي يُستكمل- ولهذا السبب يتوجب على البلدان المبادرة إلى العمل الآن، مثل مطالبة أرباب الأعمال بالمساعدة أثناء الأزمات، ووضع خطط للحالات الطارئة مع المنظمات الدولية مثل المنظمة الدولية للهجرة، وتكليف سفاراتها بمسؤوليات مُعيّنة لمساعدة الجماعات المهاجرة.

وختمت مساعدة وزير الخارجية الاميركية بالقول: هذه الجهود تستحق أن نقوم بها، فمساعدة ملايين الناس التي ترفع تنمية الاقتصاد العالمي تستحق أكثر من ذلك.