العراق مهدد من تنظيم القاعدة، ما دفع بنوري المالكي للاستغاثة بباراك أوباما. فأرسل إليه سرًا صواريخ وطائرات استطلاع من دون طيار، على الرغم من أن خبراء يؤكدون أن هذه الطائرات غير فعالة حيث تسيطر القاعدة على مساحات عراقية واسعة.


لندن: ترسل الولايات المتحدة، بعيدًا عن الأضواء، صواريخ جو ـ أرض وطائرات استطلاع من دون طيار لمساعدة رئيس الوزراء نوري المالكي وقواته، في مواجهة تنظيم القاعدة الذي يحقق مكاسب على الأرض في غرب العراق وسوريا المجاورة.
المالكي يستغيث
ويأتي ارسال الصواريخ والطائرات من دون طيار بعد استغاثة المالكي طالبًا النجدة من الرئيس الأميركي باراك اوباما، الذي التقاه الشهر الماضي في واشنطن. لكن خبراء عسكريين يشكون في أن تكون استجابة واشنطن المحدودة كافية لوقف التردي الحاد في الوضع الأمني، الذي شهد مقتل أكثر من 8000 عراقي هذا العام، بينهم 952 من قوى الأمن، بحسب أرقام الأمم المتحدة، مؤكدة ارتفاع اعمال العنف إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008.
ويتجول مسلحو تنظيم القاعدة في قوافل لا تجرؤ القوات العراقية على اعتراضها، يرهبون المدن والبلدات في غرب العراق حيث اغتالوا مسؤولين واستخدموا انتحاريين ومتفجرات لقتل قائد الفرقة السابعة في الجيش العراقي. واشتدت سطوة تنظيم القاعدة في غرب العراق، حتى أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جين ساكي حذرت من أن فرع التنظيم في العراق يسعى إلى السيطرة على رقعة ارض داخل الحدود العراقية، وتعهدت أن تساند الادارة الاميركية القوات العراقية، quot;لأن فرع تنظيم القاعدة في العراق عدو مشترك للولايات المتحدة والعراق، ويشكل تهديدا لمنطقة الشرق الأوسطquot;.
لا طلب رسمي
لكن الدعم الذي تعهدت الولايات المتحدة تقديمه إلى حكومة المالكي له حدوده. وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري طرح فكرة إرسال طائرات من دون طيار إلى العراق، لكن المالكي الذي يطمح في ولاية ثالثة ويدرك حساسية العراقيين تجاه الوجود الأجنبي والاميركي تحديدًا لم يقدم طلبًا رسميًا لمثل هذا التدخل.
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي برناديت ميهان إن واشنطن لم تتلق طلبًا رسميًا لطائرات مسلحة من دون طيار في العراق، وليس في نية الولايات المتحدة القيام بعمليات استخباراتية واستطلاعية. وتشمل المساعدات الفتاكة التي يشتريها العراق الآن 75 صاروخًا من طراز هيلفاير تسلمها العراق أخيرًا، تُطلق الصواريخ من تحت جناح طائرة خفيفة، فيما تقدم وكالة المخابرات المركزية في السر مساعدتها في تحديد الأهداف. ومن المتوقع أن يتسلم العراق بحلول شهر آذار (مارس) 10 طائرات استطلاع من دون طيار من طراز سكان ايغل. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين اميركيين استخباراتيين وخبراء في مكافحة الارهاب انهم حددوا بالفعل مواقع شبكة القاعدة في العراق ومناشئها، وهم يتبادلون هذه المعلومات مع العراقيين.
هل تحدث فارقًا؟
وأكد مسؤولون في ادارة اوباما أن هذه المساعدات ذات اهمية بالغة لأن العراقيين ليس لديهم صواريخ من طراز هيلفاير والجيش العراقي لا يملك قوة جوية من الناحية العملية وقدراته الاستطلاعية محدودة جدًا لرصد مسلحي القاعدة وضربهم بسرعة اثناء تحركهم في غرب وشمال العراق. ويهدف الجمع بين ارسال الصواريخ وطائرات الاستطلاع إلى سد بعض النقص في قدرات العراقيين. ومدت ادارة اوباما حكومة المالكي بثلاثة بالونات تحمل أجهزة استشعار وثلاث مروحيات استطلاع اضافية وهي تخطط لإرسال 48 طائرة استطلاع من دون طيار من طراز رايفن قبل نهاية 2014. وتعتزم الولايات المتحدة تسليم الدفعة الاولى من مقاتلات اف 16 التي تعاقد عليها العراق في خريف العام المقبل.
لكن خبراء عسكريين لاحظوا أن غياب الطائرات المسلحة من دون طيار من هذه الشحنات سيعيق التصدي بنجاح لخطر تنظيم القاعدة خلال الأشهر المقبلة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مايكل نايتس، الخبير بالشؤون العراقية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن اعطاء العراقيين طائرات استطلاع خطوة كبيرة، quot;فهل ستحدث فارقًا كبيرًا؟، فالمطلوب اليوم هو طائرات مسلحة بعيدة المدى وذات قدرة عالية على الاستمرار، والمكان الوحيد الذي تعمل فيه القاعدة بلا خوف من هجمات الولايات المتحدة بطائرات من دون طيار أو غارات جوية هو العراق وسورياquot;.
وطلبت ادارة اوباما موافقة الكونغرس على إعارة مروحيات اباتشي للحكومة العراقية، لكن عددا من اعضاء الكونغرس ابدوا خشيتهم من أن يستخدمها المالكي لترهيب خصومه السياسيين.
صباح ومساء
ويرى عراقيون أن تنظيم القاعدة استغل عوامل مختلفة لتعزيز مواقعه في العراق، منها تهميش السنة وامتناع المالكي عن تقاسم السلطة مع قادتهم، وهذه السياسة أوجدت تربة صالحة لنشاط تنظيم القاعدة. وقال هيثم عبد الله الجبوري، الذي يعمل موظفًا في مدينة بعقوبة شمال شرق بغداد، لصحيفة نيويورك تايمز: quot;سياسة الحكومة الطائفية أسهمت في انتقال عناصر من الشباب السنة اليائسين إلى صفوف القاعدةquot;.
وفي الموصل، حيث يسيطر تنظيم القاعدة على مساحات من الأرض، قال مسؤول أمني طلب عدم ذكر اسمه: quot;في الصباح لدينا قدر من السيطرة، لكننا في الليل نختفي، والجماعات المسلحة تتحركquot;.
وفي الانبار، قال ضابط الشرطة اياد شاكر إن تنظيم القاعدة رفد صفوفه بسلسلة من عمليات الهروب من السجون، وتنامت قوته بسبب القدرات المحدودة للقوات العراقية. واضاف شاكر: quot;أنا قاتلتُ القاعدة، ويحزنني أن أراهم اصحاب السلطة العليا في الانبار يتحركون ويعملون في وضح النهار بلا رادعquot;.