ساعات ويطوي العام 2013 آخر أوراقه، وهو أبى إلا أن يلفح لبنان بلهيب حرب سوريا. فكان تدخل حزب الله مبررًا لسلسلة عمليات تفجير طالت مناطق عديدة.


بيروت: أتى اغتيال محمد شطح، وزير المال السابق ومستشار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، لينهي عامًا حافلًا بالارتباك الأمني اللبناني، وبالتفجيرات التي أسس لها تورط حزب الله في سوريا، وليعيد فتح الباب واسعًا أمام احتمالات عودة الاغتيالات السياسية في الفترة المقبلة، بكل ما يعنيه ذلك من فتح المشهد اللبناني على الاحتمالات الخطرة كافة.

صواريخ على بعبدا

بصفة عامة، لم يحمل العام 2013 ترجمة فعلية لتداعيات الأزمة السورية أمنيًا على لبنان فقط، بل سجل دخول العمليات الإنتحارية إليه للمرة الأولى، وبرزت أيضًا الاشتباكات المتنقلة بين المناطق.

طرابلس شهدت أربع جولات من العنف بين باب التبانة وجبل محسن، لتنال الحصة الأكبر من واقع الفلتان الأمني الذي يحكم مصيرها ومعاناتها المزمنة. الجولة الأولى في الأول من حزيران (يونيو) على وقع معركة القصير، فيما كانت موجة العنف رقم 18 بمثابة الإنكشاف الشامل والمخيف، وسط تطبيق الخطة الأمنية للمدينة، والتي كانت تُخرق بعد ساعات على المباشرة بها.

وليل 20-21 حزيران (يونيو)، أطلق صاروخ من بلدة بلونة ليصيب خطوطًا كهربائية في منطقة الجمهور - بعبدا، في حين عُثر على صاروخ ثانٍ على المنصة، وهما من طراز غراد عيار 122 ملم. هذه الظاهرة كانت بدأت بقصف الضاحية الجنوبية لبيروت بصاروخين، أصاب أحدهما شقة سكنية وسقط الثاني في معرض للسيارات، كما تكرر نحو محيط القصر الجمهوري ووزارة الدفاع في بعبدا، حيث سقط صاروخ على بعد 50 مترًا من مقر الرئاسة الأولى، وأصاب آخر فيلا يملكها آل فريحة في المنطقة ذاتها.

أسير وتفجير

جنوبًا، أنهى الجيش اللبناني ظاهرة الشيخ أحمد الأسير في عبرا، إثر اشتباكات عنيفة بين الجانبين اندلعت بعد مقتل ضابط وعنصرين من الجيش على حاجز. وترافقت هذه المعارك مع أنباء عن دور كبير قام به حزب الله على الأرض، وانتهت الاشتباكات بتواري الأسير ومعه الفنان المعتزل فضل شاكر عن الأنظار، وسيق نحو 201 من مناصريه إلى السجن، وقُتل نحو 30 وجرح أكثر من 50، وأعقب ذلك توتر أمني امتد على مدى أيام.

في 9 تموز (يوليو)، انفجرت سيارة مفخخة في مرآب بمنطقة بئر العبد، المعقل الحصين لحزب الله بالضاحية الجنوبية، قرب مركز التعاون الإسلامي للتسوق. أسفر الانفجار، الذي كان باكورة سلسلة من التفجيرات المتنقلة بين المناطق، عن سقوط أكثر من 50 جريحًا وخلّف أضرارًا مادية هائلة. وتبنت قيادة اللواء 313 - مهام خاصة، العملية كردٍ على مشاركة الحزب في القتال إلى جانب النظام السوري.

وفي الشهر ذاته، استُهدفت سيارتان تقلان أعضاء من حزب الله بقنبلة زُرعت على جانب الطريق في مجدل عنجر في البقاع. في 16 آب (أغسطس)، دوّى انفجار نتج عن سيارة مفخخة في محلة الرويس قرب مجمع سيد الشهداء الذي يعتمده حزب الله لإقامة مناسباته الجماهيرية، وأسفر عن سقوط عشرين قتيلًا و300 جريح.

تقوى وسلام وسفارة

بعد ذلك بأسبوع، هزّ مدينة طرابلس انفجاران استهدفا مسجدي التقوى والسلام، وأسفرا عن سقوط 49 قتيلًا وأكثر من 800 جريح. ويعتبر هذان التفجيران من الأعنف بين تلك التي حصلت في طرابلس ولبنان منذ الحرب الأهلية. وأظهرت التحقيقات احتمال ضلوع النائب السابق علي عيد، المقرّب من النظام السوري، في التفجيرات. وقد سُطّرت بحقه مذكرة توقيف، لكنه رفض المثول أمام القضاء.

في 23 أيلول (سبتمبر)، انتشرت قوة أمنية مشتركة من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، قوامها 1100 عنصر في الضاحية الجنوبية، منهية بذلك فترة من الأمن الذاتي الذي فرضه حزب الله بعد تفجيري بئر العبد والرويس.

وفي تشرين الأول، أُطلق المخطوفون اللبنانيون التسعة الذين احتُجزوا في أعزاز السورية لأكثر من عام، بعد جهود قطرية انتهت بمبادلتهم بالطيارين التركيين اللذين خطفا في لبنان.

في 19 تشرين الثاني (نوفمبر)، نفذ انتحاريان لبناني وفلسطيني تفجيرًا مزدوجًا أمام السفارة الإيرانية في بيروت، أسفر عن مقتل 23 شخصًا بينهم الملحق الثقافي الإيراني إبراهيم الأنصاري، وجرح 160 شخصًا آخرين. وأعلنت كتائب عبد الله عزام أن هذه العمليات ستستمر حتى انسحاب حزب الله من سوريا.

اغتيال شطح

في 25 كانون الاول (ديسمبر)، انفجرت سيارة مفخخة على الطريق بين بلدة صبوبة ووادي أبو موسى في بعلبك، على بُعد أمتار من أحد مراكز حزب الله. ويضاف إلى هذا المشهد كله سلسلة من عمليات ضبط سيارات مفخخة في مناطق مختلفة، أبرزها واحدة في الناعمة، جهّزت بنحو 250 كيلوغرامًا من المواد المتفجرة، وأخرى في البقاع بين بلدتي مقنة ويونين، وكانت تحتوي على 400 كيلوغرام من مادة تي أن تي، وثالثة في منطقة المعمورة بالضاحية الجنوبية.

في 27 كانون الأول (ديسمبر)، ضربت يد الإجرام قلب بيروت لتغتال محمد شطح، الدبلوماسي والأكاديمي ووزير المال السابق، بسيارة مفخخة أثناء مروره قرب مبنى ستاركو في وسط بيروت، متوجهًا إلى اجتماع لقوى 14 آذار. وأسفر الانفجار عن مقتل ثمانية أشخاص وجرح نحو 80 آخرين.