لم تمض أيام على إقرار البرلمان الأردني قانون منع الإرهاب باستثناء مُقاومة إسرائيل، حتى تدخلت الغرفة التشريعية العليا في البرلمان الأردني لفرملة هذه المادة.


قالت اللجنة القانونية في مجلس الأعيان الأردني، الغرفة التشريعية العليا في البرلمان، أن سائر أنواع المقاومة لإسرائيل جائزة ومباحة لكل فلسطيني يقوم بها ضد المحتل لأراضيه، لكنها ليست جائزة لمواطنين أردنيين إنطلاقًا من الأرض الأردنية، ما يعني أن توصية اللجنة القانونية لمجلس الأعيان تنتظر أقرب جلسة للأعيان لإقرار قانون منع الإرهاب، الذي أضاف عليه نواب البرلمان الأردني الأسبوع الماضي بندًا يشير إلى إستثناء أعمال وأفعال المقاومة لإسرائيل من العقوبة في قانون منع الإرهاب.

ووقف خلف هذا المقترح النائب الأردني طارق خوري، ولقي مساندة برلمانية كبيرة من دون أي تدخل حكومي وقتذاك يشير إلى عرقلة المقترح البرلماني، قبل أن تتكفل اللجنة القانونية للأعيان بالتصدي لهذا المقترح، الذي يؤدي بحسب قول الناشط السياسي الأردني معاذ الخوالدة لـquot;إيلافquot; إلى تركيز الأنظار على معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية الباردة أساسًا، والموقعة منذ شهر تشرين أول (أكتوبر) 1994. تعني الموافقة الرسمية الأردنية على قانون متضمن للمادة المثيرة للجدل وضع معاهدة وادي عربة في مهب الريح، ما يعني غضبًا إسرائيليًا ودوليًا عارمًا بوجه الأردن.

أمر متوقع

يقول الخوالدة: quot;لم يكن أي عاقل أردني يصدق أن السلطة يمكن أن تقر قانونًا يتضمن إباحة أعمال وأفعال مقاومة إسرائيل، لكن دوائر صنع القرار الأردنية أباحت للنواب إضافة مقترح يستثني مقاومة إسرائيل من تصنيفات وعقوبات العمل الإرهابي، لأنها كانت على قناعة أن مجلس الأعيان الذي يرأسه عبدالرؤوف الروابدة، سوف يحبط توجهات البرلمانquot;.

ويتذكر الخوالدة أن الروابدة حينما كان رئيسا للحكومة عام 1999 قد تصدى لحركة حماس بقوة حين كانت السلطات ترخص لها نشاطات سياسية وإعلامية، وكان رأي الروابدة وقتذاك ينسجم مع المواد الدستورية والقوانين الأردنية التي تحظر على أي أردني الإشتراك في تنظيم غير أردني، والإضرار بمصالح الأردن، في إشارة ضمنية إلى أن أغلب قيادات حركة حماس وقتذاك كانوا يحملون الجنسية الأردنية.

خوري والمقاومة

يريد النائب الأردني طارق خوري، الذي فاز عن المقعد المسيحي في مدينة الزرقاء الأردنية خلال الإنتخابات البرلمانية السابقة، من القانون أن يُسْقِط سلطة محكمة أمن الدولة العسكرية عن محاكمة من يشتركون في أفعال مقاومة وجهاد ضد من يسميه العدو الصهيوني، إذ يقول النائب الأردني أن للأردن والأردنيين حقوقًا في مدينة القدس، وأن التحرك الوحيد لإسترداد هذه الحقوق يكمن في الجهاد ضد إسرائيل ومقاومتها، فكيف يأتي قانون أردني ليحاكم المقاومين بتهم تتعلق بالإرهاب، والإخلال بالأمن.

ومنذ ظهر اليوم الإثنين، تصدى رئيس مجلس الأعيان شخصيًا لإجتماع اللجنة القانونية للأعيان، إذ يعتبر الروابدة مرجعية قانونية ودستورية في الداخل الأردني، وسبق له أن ساهم بقوة في كتابة دستور دائم لأحد الدول الخليجية، إذ جاء رأي الروابدة متسقًا مع رأي رئيس اللجنة القانونية للأعيان القاضي المتقاعد محمد صامد الرقاد رئيس المجلس القضائي الأردني الأعلى، إذ أكدا في جو من التوافق التام داخل اللجنة القانونية أن المادة التي أضافها النواب، وإستثنت مقاومة المحتل الإسرائيلي من العقوبة والتصنيف الإرهابي، هو أمر غير جائز، ويتعارض مع الدستور الأردني، وهو ما يعني أن مجلس الأعيان في طريقه لإقرار القانون كما ورد من لجنته القانونية، إذ سيحال مجددًا لمجلس النواب إما للسير فيه، أو للإعتراض عليه مجددًا.

جلسة مشتركة حاسمة

إذا أصدر أعيان الأردن قرارهم بإعتماد قانون منع الإرهاب، كما أفتت يه لجنتهم القانونية خاليًا من مادة إستثناء مقاومة إسرائيل، فإن الأعيان يعيدون القانون لمجلس النواب للمصادقة عليه، وإرساله للجهات المختصة للسير به دستوريًا، ورفعه إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لتوقيعه، والطلب بنشره في الجريدة الأردنية الرسمية. لكن، إذا رأى النواب أن الأعيان قد تجاوزا في تعديلات على القانون خلافًا لإرادة ورأي النواب، أصبح لزامًا من الناحية الدستورية أن تعقد جلسة مشتركة لأعضاء مجلسي الأعيان والنواب برئاسة رئيس مجلس الأعيان.

وخلال الجلسة المشتركة، يجري التصويت بشكل علني مع رأي الأعيان أو مع رأي النواب، إذ تنتهي الجلسات من هذا النوع غالبًا بإنتصار إرادة مجلس الأعيان، وهو ما يعني أن النواب لن يربحوا الجولة مع الأعيان إذا ما أصروا على موقفهم بإستثناء أعمال الجهاد والمقاومة ضد إسرائيل من العقوبة والتصنيف الإرهابي في القانون الجديد.

أعيان ونواب

كان مجلس النواب الأردني أنتخب في الثالث والعشرين من شهر كانون ثاني (يناير) الماضي، فيما أعاد العاهل الأردني تشكيل مجلس الأعيان في شهر تشرين ثاني (أكتوبر) من العام الحالي، ورفع عدد أعضائه إلى 75 بدلا من 60 عضوًا، قبل إعادة التشكيل الأخير أسوة برفع عدد أعضاء مجلس النواب من 120 إلى 150 نائبًا، علما أن نصًا دستوريًا أردنيًا لا يجيز أبدًا أن يزيد عدد أعضاء الأعيان عن نصف عدد النواب. فقد إستقرت أعراف سياسية تقضي بأن يكون عدد الأعيان نصف عدد النواب تمامًا، إذ يجوز للملك تشكيل مجلس أعيان من عدد أقل من 75 عضوًا بأي عدد كان.