تتعرض السلطات العراقية الى انتقادات متكررة جراء تركيزها على العاملين الامني والعسكري في المناطق السنية، وعدم سعيها الى ايجاد حلول لجذور المشكلة القائمة على شعور السنة بالتهميش والاستهداف من قبل قوات الامن، وسط انتقادات لأساليب التحقيق والتوقيف التي تحدث.

بغداد: تواجه القوات العراقية انتقادات متزايدة حيال الأساليب التي تتبعها في عمليات التوقيف والتحقيق، والتي يخشى مراقبون أن تؤدي الى ردود فعل عكسية مع تصاعد اعمال العنف في البلاد.
ويرى محللون ودبلوماسيون ونواب وجمعيات حقوقية أن الاعتقالات الجماعية، وابقاء الموقوفين في السجن لمدة طويلة من دون محاكمة، واغلاق بعض المناطق، باتت تثير سخطاً اكبر لدى الاقلية السنية التي تشعر أنها المستهدفة من هذه الاجراءات.
وتقول ارين ايفيرز التي تعنى بأخبار العراق في منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان لوكالة فرانس برس: quot;من المستحيل تجاهل الرابط بين انتهاكات القوات الامنية والتصاعد الكبير في اعمال العنفquot;.
ويعيش العراق منذ شهر نيسان/ابريل على وقع موجة عنف متصاعدة هي الأسوأ منذ العام 2008، أي نهاية النزاع الطائفي الدامي بين السنة والشيعة، والذي قتل فيه الآلاف بين عامي 2006 و2008.
ومنذ بداية العام الحالي، قتل اكثر من 6750 شخصًا في اعمال العنف اليومية في العراق، بحسب حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس استناداً الى مصادر امنية وعسكرية وطبية.
وتشن القوات العراقية منذ نحو اسبوع عمليات عسكرية في محافظة الانبار التي تسكنها غالبية سنية تستهدف معسكرات لتنظيم القاعدة على طول الحدود مع سوريا التي تمتد لنحو 600 كلم وتشمل ايضاً محافظة نينوى التي تسكنها كذلك اغلبية سنية.
وتتعرض السلطات العراقية التي يسيطر عليها الشيعة الى انتقادات متكررة جراء تركيزها على العاملين الامني والعسكري، وعدم سعيها الى ايجاد حلول لجذور المشكلة القائمة على شعور السنة بالتهميش والاستهداف من قبل قوات الامن.
ويقول منجد الرزالي، المدير العام لمعهد الطب الشرعي، عن الاتهامات بحصول تعذيب في السجون، quot;إنها مشكلة كبيرةquot;، مضيفًا أن موظفي معهد الطب العدلي عادة ما يعثرون على آثار تعذيب لدى المتهمين الذين تطلب المحاكم فحصهم للتأكد من عدم تعرضهم لأي نوع من انواع التعذيب.
ويرى من جهته دبلوماسي غربي أنه quot;ما دام السنة الى جانبك فأنت بخير. لكن عندما خسّروا السنة، فتحوا الباب والساحة أمام الاسوأquot;.
ورأى الدبلوماسي أن تكتيكات قوات الامن العراقية واعلاناتها عن نجاحات كثيرة لا تساهم في تحسين الاوضاع، وتتسبب بدل ذلك في توسيع الهوة بين السنة والسلطات.
ويوضح quot;بغض النظر عن عدد الاشخاص الذين يتعرضون للاعتقال، واعداد التقارير التي تتحدث عن نجاحاتها (القوات الامنية)، فان العنف مازال مستمرًا والناسما زالوا يقتلون، وهذا هو المقياس الحقيقي للنجاح. لم يتوقف هذا الامر، انما حدث الأسوأ، والأسوأ وحتى الأسوأ. ما يقومون به لا ينجح، بل يفشلquot;.
وتتلاقي وجهة النظر هذه مع تصريحات المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف الشهر الماضي، والتي قال فيها بأن القوات العراقية تحتاج الى quot;مقدار كبير من اعادة التدريب (...) في ما يتعلق بحقوق الانسان وكيفية احترام المعايير الدولية لحقوق الانسانquot;.
كما وجهت انتقادات من مسؤولين محليين، بينهم نواب شيعة احدهم موالٍ لرئيس الوزراء نوري المالكي، حيث دعوا الى مصالحة واسعة مع ابناء السنة، وكذلك من قبل زعماء شيعة بينهم مقتدى الصدر الذي طالب في مؤتمر صحافي الاحد القوات الامنية بالابتعاد عن العمل بطريقة طائفية.
وقال النائب عزت الشابندر، الذي اعلن مطلع الشهر الحالي انسحابه من كتلة المالكي الانتخابية، إن quot;طبيعة الاعتقالات العشوائية خلقت فجوة طائفيةquot;.
واضاف أن quot;مئتي شخص اعتقلوا في قرية واحدة، رغم أن المطلوبين كانوا عشرة فقط، لذا فإن 190 شخصًا اصبحوا على يقين بأنهم اعتقلوا لأنهم سنة، وهذه ممارسة طائفيةquot;.