التقدم الذي تحرزه قوات المعارضة في السيطرة على أرض المعركة في سوريا يشير إلى أن الثوار يحصلون على الأسلحة الثقيلة التي بدأت تتدفق من قبل قوى خارجية، في محاولة لتسليح المعتدلين في صفوف الجيش السوري الحر.


تشير التقارير إلى أن الأسلحة الجديدة، التي أرسلت عبر الحدود الأردنية، ومنها إلى محافظة درعا، خلال الأسابيع الأخيرة، تهدف إلى مواجهة نفوذ الجماعات الإسلامية المتشددة في شمال سوريا، من خلال دعم القتال في الجنوب السوري بجماعات أكثر اعتدالاً تتضمن أسلحة مضادة للدبابات.

واعتبرت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; أن هذه الأسلحة تعدّ أول أسلحة ثقيلة توفرها القوى الخارجية للثوار، الذين يقاتلون من أجل الإطاحة بالرئيس بشار الأسد وعائلته، التي حكمت البلاد طوال أربعة عقود.

الخوف من المتشددين
رفض المسؤولون المطلعون على هذه المسألة تحديد المصدر الذي يمد الثوار بالأسلحة الثقيلة، لكنهم أشاروا إلى أن من هذه الدول الولايات المتحدة وحلفاءها.

وأضافت المصادر أن هذه الشحنة تعدّ أولى شحنات الأسلحة الثقيلة، التي أمدتها قوى خارجية للمعارضة، منذ بدء الثورة في البلاد قبل عامين، مشيرة إلى أن هذه الدول شكلت لجنة تنسيق أمنية للتشاور حول الوضع في سوريا.

مصادر جديدة للسلاح
على الرغم من استمرار رفض إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في تسليح المعارضة السورية بطريقة مباشرة، إلا أنها قررت إمداد الدول، التي انخرطت في عملية تأمين السلاح، بالمساعدة الاستخباراتية التي تحتاجها.

وقال مسؤول عربي، رفض الكشف عن هويته، إن quot;الهدف من وراء شحنات الأسلحة يكمن في رغبتنا في تكوين صفوف معارضة قوية، إلى جانب ضمان وصول هذه الأسلحة إلى العناصر المرغوب فيهاquot;، مضيفًا أنه quot;في حال رغب المجتمع الدولي في إضعاف شوكة جبهة النصرة المتشددة، فعليه زيادة تسليح الطرف الآخر، وليس حجب الأسلحة عنهquot;.

من جانبه، قال لؤي المقداد، المنسق السياسي والإعلامي للجيش السوري الحر، إن صفوف المعارضة حصلت على أسلحة جديدة من quot;جهات متبرعةquot; خارج سوريا، ما جعلها في غنى عن السوق السوداء أو الاستيلاء على الأسلحة أثناء الهجوم على المؤسسات الحكومية.

الأردن ينفي تورطه
وعلى الرغم من التقارير التي تتحدث عن وصول هذه الأسلحة إلى سوريا عن طريق الأردن، نفت الحكومة الأردنية أن يكون لها أي دور في هذا الأمر، على الرغم من زيادة وتيرة تهريب الأسلحة على الحدود مع سوريا؛ حيث أكد المتحدث باسم الحكومة الأردنية سميح المعايطة أن quot;الأردن يحاول دوماً وقف ارتفاع وتيرة تهريب الأسلحة إلى سورياquot;.

أشرطة فيديو توثق حصول الثوار على الأسلحة
على الرغم من السرية التي تحيط هذه المسألة، تحدث إليوت هيغنز عن تدفق الأسلحة على ثوار سوريا هذا الشهر، وهو مدوّن بريطاني يستخدم اسم براون موزس، ويتابع نشاط الثوار من خلال مشاهدة أشرطة الفيديو التي يتم نشرها على موقع يوتيوب.

في سلسلة من التقارير، التي نشرها على مدونته، قال هيغنز إنه لاحظ ظهور أسلحة جديدة في أيدي الثوار، التي يكاد يكون من المؤكد أنهم لم يحصلوا عليها من السيطرة على القواعد العسكرية الحكومية.

تشمل هذه الأسلحة M-79 المضادة للدبابات وبنادق M-60 عديمة الارتداد، التي يعود تاريخها إلى الثمانينات في يوغوسلافيا، والتي من المؤكد أن الحكومة السورية لا تمتلكها، مما يشير إلى أن مصادر هذه الأسلحة من خارج البلاد.

وقال هيغنز أيضاً إن معظم المستفيدين من الأسلحة هم من الإسلاميين المعتدلين أو العلمانيين من الجيش السوري الحر. وفي مؤشر إلى كيفية تنظيم هذه الجهود، أشار المدوّن البريطاني إلى أحد أشرطة الفيديو، التي نشرت أخيرًا على quot;يوتيوبquot;، والتي يظهر فيها أفراد من جماعة quot;فجر الإسلامquot; يتعلمون كيفية استخدام بعض الأسلحة الجديدة.

quot;حلبنة درعاquot;
هذه الأسلحة الجديدة بدأت بالتأثير على مسار المعارك، إذ تصاعدت حدة القتال في درعا هذا العام، حيث تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على قواعد حكومية، بما في ذلك نقاط تفتيش عدة على طول الحدود الأردنية، التي كانت مهملة في السابق.

quot;ما يحدث في درعا شبيه للغاية بما حدث مع الجماعات الجهادية في حلب، عندما بدأت بالسيطرة على القواعد الحكومية ونهب أفضل العتاد منهاquot;، قال هيغنز، واصفاً ما يحدث بـ quot;حلبنة درعاquot;، نسبة إلى سير المعارك في مدينة حلب.

وقال جيف وايت، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن أسلحة M-79 المضادة للدبابات على وجه الخصوص، أعطت الثوار المزيد من الثقة لمهاجمة مواقع الحكومة والقواعد العسكرية. وأضاف: quot;على الرغم من أن هذه الأسلحة لا تقدم حلاً سحرياً يمكن أن يحدث تحولاً جذرياً في المعادلة، غير أنها تسمح للثوار بإلحاق المزيد من الضرر بقوات النظام، وتقدم إليهم المزيد من التقدمquot;.

تأثير محدود
يقول الخبراء إنه من غير المحتمل أن يكون تدفق هذه الأسلحة كافياً لتأمين التأثير الحاسم على نتيجة المعركة المستعرة التي تستمر إلى أجل غير محدد، من خلال مجموعة واسعة من التكتيكات والأسلحة والهجمات الانتحارية.

وعلى الرغم من التقارير، التي تؤكد حصول الثوار على أسلحة ثقيلة في أجزاء أخرى من البلاد، بما في ذلك حلب وإدلب ودير الزور، إلا أن المعركة في تلك المحافظات تدور بشكل رئيس بوساطة الأسلحة التي يستولي عليها الثوار من القواعد الحكومية، وفقاً لجوزيف هوليداي من معهد دراسة الحرب الأميركي.