يبدأ الرئيس المصري السابق حسني مبارك، ونجلاه علاء وجمال ووزير داخليته وستة من كبار مساعديه، رحلة محاكمتهم الثانية في تهم تتعلق بقتل المتظاهرين، أثناء الثورة، والفساد والتربح الوظيفي، في 13 أبريل/ نيسان المقبل.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: قررت محكمة مصرية إنهاء الأمر القضائي بوضع مبارك وأسرته وثلاثة من رموز نظام حكمهعلى قوائم الممنوعين من السفر، على ذمة القضية المعروفة إعلامياً بـquot;هدايا الأهرامquot;.

قررت محكمة جنايات القاهرة، اليوم الأحد، إنهاء الأمر القضائي بوضع كل من الرئيس المصري السابق حسني مبارك ونجليه جمال وعلاء، وزوجتيهما هايدي وخديجة، وزوجة الرئيس السابق سوزان مبارك، إضافة إلى ثلاثة من رموز نظام حكمه، وهم: صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق، وزكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق، وحبيب العادلي وزير الداخلية السابق ، على قوائم الممنوعين من السفر.

وستكون أماممبارك ونجليه ووزير داخليتهوستة من كبار مساعديهثلاثة سيناريوهات، لا رابع لها، إما البراءة أو تخفيف الحكم من الإعدام، أو تأييده، أو تغليظ العقوبة بالنسبة إلى باقي المتهمين، في حال إدانتهم بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، باستثناء مبارك، لاعتبارات الشيخوخة والمرض.

قاضي موقعة الجمل
وفقاً لقرار محكمة استئناف القاهرة، فإن مبارك سوف يمثل أمام القاضي المستشار مصطفى حسن عبد الله، رئيس الدائرة العاشرة في محكمة جنايات القاهرة، التي تضم ميدان التحرير الذي جرت فيه المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن، وهو القاضي الذي مثل أمامه 25 من رموز نظام مبارك في قضية قتل المتظاهرين، المعروفة إعلامياً بـquot;موقعة الجملquot;، وحصلوا جميعاً على البراءة.

صحة مبارك زي البمب
يرقد مبارك في مستشفى المعادي العسكري، وهو في حالة صحية، وصفها مصدر طبي في المستشفى بأنها quot;زي البمبquot;، وقال المصدر لـquot;إيلافquot; إن مبارك استقبل قرار محكمة استئناف القاهرة بتحديد موعد أولى جلسات إعادة محاكمته في 13 أبريل/ نيسان المقبل، بينما كان يشاهد التلفزيون، ويتابع برامج الأخبار الصباحية.

مشيراً إلى أنه تناول فطوره في السابعة صباحاً بتوقيت القاهرة، ومارس رياضة المشي الخفيف في أركان الجناح الذي يرقد فيه، وتابع المصدر: quot;كانت صحته في هذا الصباح زي البمبquot;، وكان مزاجه جيداً، ونبّه المصدر إلى أن ذلك لا يعني أنه لا يعاني أمراضًا ومشكلات، ولكنها أمراض تتعلق بتقدمه في السن، لاسيما أن عمره يتخطى الـ83 عاماً.

واثق من البراءة
أضاف المصدر أن فريد الديب محامي مبارك على اتصال دائم به، إما بشكل مباشر أو من خلال أسرته التي تزوره باستمرار، ولفت إلى أن مبارك لديه قناعة راسخة بأنه سيحصل على البراءة في قضية قتل المتظاهرين خلال المحاكمة الثانية، أسوة بجميع المتهمين بقتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير، التي أطاحت بنظام حكمه، وقضت على أحلام نجله جمال في خلافته.

أدلة جديدة
غير أن مصدرًا قضائيًا في لجنة تقصي الحقائق الخاصة بقضايا قتل المتظاهرين أثناء الثورة، وخلال المرحلة الانتقالية، قال إن اللجنة لديها أدلة جديدة تدين مبارك في قضية قتل المتظاهرين السلميين.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن اللجنة قدمت ملفاً ضخماً مشفوعاً بالصور ومقاطع الفيديو والمستندات، تؤكد إدانة مبارك وجميع المتهمين معه، وكذلك المتهمين في موقعة الجمل بالقتل العمد مع سبق الإصرار.

وأكد أن اللجنة رفضت إطلاع الرأي العام على فحوى التقرير، خشية هروب بعض المتهمين، الذين حصلوا على البراءة في حكم أول درجة، أو التأثير على الشهود، ولفت إلى أن النيابة العامة سوف تسلم الأدلة الجديدة إلى المحكمة في أولى جلسات المحاكمة الثانية.

مبارك شاهد القتل
أشار المصدر إلى أن لجنة تقصي الحقائق المشكلة بقرار من رئيس الجمهورية، كشفت أن وزير الإعلام السابق أنس الفقي، أنشأ قناة تلفزيونية سرية ومشفرة، كانت مهمتها نقل كل أحداث الثورة على الهواء مباشرة إلى القصر الجمهوري.

وأوضح أن الرئيس السابق حسني مبارك، وقرينته سوزان ثابت ونجليهما علاء وجمال، كانوا يتابعون وقائع ثورة 25 يناير بالبث المباشر، ومنها أحداث موقعة الجمل، التي وقعت يومي 2 و3 فبراير/شباط 2011. ونبّه التقرير إلى أن الفقي استغل كاميرات المراقبة المثبتة في مبنى ماسبيرو في نقل الأحداث إلى مبارك في قصر الحكم.

قناصة الشرطة
كما كشف المصدر أن اللجنة توصلت إلى أن وزارة الداخلية تمتلك إدارة للقناصة تابعة لجهاز أمن الدولة المنحلّ، رغم أن وزراء الداخلية نفوا مراراً وتكراراً تلك المعلومات، مشيراً إلى أن اللجنة رصدت تدريبات للقناصة يوم 26 فبراير/شباط من العام 2011، على حماية وزير الداخلية اللواء محمود وجدي وقتها.

ولفت إلى أن اللجنة توصلت إلى أن العشرات من الضباط القناصة صعدوا إلى أعلى فندق شهير يطلّ على ميدان التحرير، وكانوا يحملون أسلحتهم وكاميراتهم، غير أن اللجنة لم تتأكد مما إن كانوا مارسوا أعمال القتل أم لا؟.

ضغوط وزارة الداخلية
وقال إن اللجنة كشفت أن قيادات الحزب الوطني المنحل، المتهمين في قضية موقعة الجمل، عرضوا على وزير الداخلية السابق حبيب العادلي فضّ المظاهرات في ميدان التحرير بطريقتهم الخاصة، ومن خلال أنصارهم، وذلك في 28 يناير، المعروف بـquot;جمعة الغضبquot;، إلا أنه رفض، مشيراً إلى أن اللجنة توصلت إلى أدلة جديدة تدين المتهمين، وسوف تدفع بها إلى المحكمة من أجل إعادة المحاكمة.

وأوضح المصدر أن قيادات حالية في وزارة الداخلية، مارست ضغوطاً شديدة على أعضاء اللجنة، من أجل عدم إدانة الشرطة في الأحداث، وإغفال الأدلة الجديدة، بحجة أن ذلك سوف يؤثر بالسلب في الروح المعنوية لضباط وأفراد الشرطة، مما يؤثر بدوره على قدرتهم على العمل وحماية الأمن.

ثلاثة سيناريوهات
في السياق عينه، قال حسن أبو العينين، محامي المدعين بالحق المدني، لـquot;إيلافquot; إن ثلاثة سيناريوهات في انتظار مبارك ونجليه والمتهمين معه في قضية قتل المتظاهرين.

وأوضح أن القضية سوف تبدأ من المربع رقم صفر، مشيراً إلى أنه بإمكان جميع الأطراف، سواء الدفاع عن المتهمين أو أهالي الضحايا أو النيابة العامة، تقديم أدلة جديدة، ولفت إلى أنه ومحامي أهالي الضحايا والمصابين لم يتسلموا نسخًا من تقرير لجنة تقصي الحقائق، منوهاً بأن هذا التقرير محاط بسياج من السرية، متوقعاً أن تسلمه النيابة العامة إلى القاضي في الجلسة الأولى.

وأضاف أن مبارك سوف يكون مصيره، إما تأييد الحكم بالسجن المؤبد أو تخفيف أو البراءة، لكن أبو العينين يعتقد أن العقوبة لن تصل إلى الإعدام في حالة تغليظها، لاعتبارات الشيخوخة، لاسيما أن القانون لا يبيح إعدام كبار السن والمرضى، وتوقع تغليظ العقوبة لباقي المتهمين في حالة إدانتهم بارتكاب جريمة القتل.

وتوقع أبو العينين عدم الإفراج عن مبارك في شهر أبريل/نيسان المقبل، بسبب انتهاء مدة الحبس الاحتياطي، حسب ما يروّج محاموه، مشيراً إلى أن مبارك محبوس على ذمة مجموعة أخرى من القضايا، لم تنتهِ مدد الحبس الاحتياطي فيها.