quot;في السابق كان لدينا ديكتاتور واحد، اليوم لدينا المئات منهم. على الأقل كنّا سابقًا ننعم بالأمن. أما اليوم فالقتل والسرقة والفوضى تنتشر في الشوارعquot;، هكذا يختصر كاظم الجبوري بطل العراق في رفع الأثقال ندمه على تحطيم تمثال الرئيس السابق صدام حسين وشعوره بالحسرة على أيامه مقارنة بما يعيشه العراق اليوم.


سلطت الأضواء على كاظم الجبوري عندما حمل المطرقة وتوجّه نحو تمثال صدام حسين ليحطّمه، إبان سقوط بغداد بعد الغزو الأميركي. أما اليوم فيتمنى لو أنه لم يخطُ خطوة نحو ذلك المكان.

قبل عشرسنوات، تحوّل كاظم الجبوري إلى وجه شهير يرمز إلى سقوط بغداد، فظهر على كل وسائل الإعلام وسط مجموعة من المهللين، يحمل مطرقة ثقيلة أثناء محاولة هدم تمثال ضخم لصدام حسين في ساحة الفردوس في المدينة، وتصدرت صورته الصفحات الأولى للجرائد في أنحاء العالم كافة.

خيبة أمل
مع ذلك، وتقريباً بعد عقد من الزمان، يأسف الرجل (52 عاماً)، الذي كان يعمل كميكانيكي لتصليح الدراجات النارية، على تلك اللحظة وارتباطه برمزية سقوط الديكتاتور العراقي، قائلاً: quot;لقد كرهت صدام. حلمت لمدة خمس سنوات بتحطيم تمثاله، لكنني اليوم أشعر بخيبة أمل مريرةquot;.

quot;في السابق، كان لدينا واحد فقط. أما اليوم فلدينا المئاتquot;، يقول الجبوري، مردداً بذلك المشاعر الشعبية في بلده الغارق في المشاكل السياسية والفساد، حيث ترد أنباء القتل بشكل يومي تقريباً، مضيفاً: quot;لم يتغيّر شيء نحو الأفضلquot;.

تصليح دراجة عُدي مجانًا
البطل السابق في رفع الأثقال الذي قضى 11 عاماً في سجن أبوغريب في عهد صدام، يقول إن جريمته الوحيدة التي أوصلته إلى وراء القضبان طوال هذه الفترة هي أنه اشتكى من أن عُدي، ابن صدام، لم يدفع له مستحقاته مقابل تصليح دراجته النارية.

ويقول الجبوري إن اليوم الذي سقط فيه تمثال صدام مازال محفورًا في ذاكرته: quot;كنت في متجري هنا وحدي، وكان الوقت حوالي الظهر، سمعت أن الأميركيين كانوا في الضواحي، فحملت مطرقة ثقيلة وتوجّهت إلى ساحة الفردوسquot;.

وأضاف: quot;كنت دائماً أفكر في تحطيم هذا التمثال، وتوجّهت مسرعاً نحو الساحة، على الرغم من أن الشرطة السرية والفدائيين كانوا يشاهدون ما أفعله. وتجمع أصدقائي حولي لحمايتي، في حال أرادت الشرطة إطلاق النار عليّquot;.

الأميركيون ساعدوني
quot;جاء الأميركيون بعد 45 دقيقة. سألني أحدهم عما إذا كنت في حاجة إلى المساعدة، وربطوا التمثال بالمدرعة ليساعدوني على إسقاطه. في البداية كنت هناك وحدي، ثم أصبحنا 30، بعد ذلك 300، ثم الآلاف. لم أفكر بشيء سوى الانتقام للسنوات التي قضيتها في السجنquot;، يذكر الجبوري.

لكن بعد سنتين من تلك اللحظة، بدأ الاحتلال الأميركي، الذي يقول إنه quot;كرههquot; للغاية. ومن تلك اللحظة حتى اليوم لم يتغيّر شيء نحو الأفضل في البلاد.

عهد صدام أقل تكلفة وأكثر أمانًا
أوضح بطل رفع الأثقال: quot;في عهد صدام كان هناك أمن. صحيح كان هناك فساد، لكن كنا نشعر بالأمان، وكان العديد من الأساسيات مثل الكهرباء والغاز متوفراً بأسعار معقولة. لكن بعد سقوطه، جاءت عمليات القتل والسطو المسلح والعنف الطائفيquot;.

يلوم الجبوري الساسة العراقيين والأميركيين عمّا حدث للعراق، فيقول quot;بدأ الأميركيون بذلك، ثم أكمل بعدهم العديد من السياسيين الذين دمّروا البلاد. لم يتغيّر شيء، ويبدو أن الأمور تزداد سوءاً. ليس هناك مستقبل، مادامت الأحزاب السياسية تسيطر على السلطة في البلادquot;.

الجبوري يشارك العديد من العراقيين شعورهم بأن الأسوأ آتٍ، وأن ما يحدث في العراق ليس سوى بداية المرحلة المظلمة التي تنتظرهم.