بعد عشر سنوات على غزو العراق، يبدو أن الذكرى المريرة لهذا النزاع، الذي لا يلقى أي شعبية في الولايات المتحدة، تردع واشنطن عن التدخل عسكريًا لوقف الحرب في سوريا أو البرنامج النووي الإيراني.


واشنطن: يرى محللون أن العملية في العراق سمحت بالتأكيد للولايات المتحدة بإسقاط صدام حسين، لكنها خسرت في المقابل 4500 جندي، وحوالى ألف مليار دولار، وكشفت حدود قوتها العسكرية وقدرتها على فرض نظام ديمقراطي في الشرق الاوسط.

وقال رمزي مارديني من معهد الدراسات الاستراتيجية حول العراق في بيروت quot;بمعزل عما اذا كان من الممكن اقامة ديمقراطية قابلة للاستمرار (في الشرق الاوسط)، لم تحقق الولايات المتحدة اية مكاسب استراتيجية من الحرب في العراقquot;.

ومع اندلاع ثورات quot;الربيع العربيquot;، وخصوصًا أعنفها في سوريا، يحاول أصحاب القرار في واشنطن أن يتجنبوا بأي ثمن الاخطاء الاستراتيجية، التي أدت الى التدخل الاميركي البريطاني في العراق في آذار/مارس 2003.

حذر بعد تجارب مريرة
من جهته، قال ستيف هايديمان المستشار لشؤون الشرق الأوسط في معهد السلام (اينستيتوت اوف بيس) المركز الفكري الاميركي إن quot;التجربة العراقية علمت الولايات المتحدة أن تنتبه لأي عثرةquot;.

ويرى النائب السابق لوزير الدفاع بول ولفوفيتز انه quot;من المنطقي تمامًا ان تمتنع ادارة (الرئيس باراك) اوباما عن القيام بأي عمل يمكن ان يؤدي الى تكرار غزو العراقquot;. وكتب ولفوفيتز، الذي يعد من صقور المحافظين الجدد المؤيدين لغزو العراق، quot;لا احد يسعى الى ذلكquot;.

وبعد عقد من حرب العراق، تواجه الولايات المتحدة مجددًا من تعتبره ديكتاتورًا هو الرئيس السوري بشار الاسد، المتهم بامتلاك اسلحة كيميائية ودعم مجموعات تعتبرها واشنطن quot;ارهابيةquot;، مثل حزب الله، وقتل شعبه.

لكن بعد سنتين من نزاع، أسفر عن سقوط أكثر من سبعين ألف قتيل، حتى الأكثر ميلًا للقتال في الولايات المتحدة يتحفظون على الدعوة الى تسليح مقاتلي المعارضة السورية مباشرة وفرض منطقة للحظر الجوي.

دعم المعارضين
ويرفض الرئيس باراك اوباما تسليم معارضي نظام دمشق اسلحة، ويكتفي بتقديم مساعدات quot;غير قاتلةquot;، وان كان الاميركيون يقدمون مساعدات غذائية وطبية مباشرة الى المقاتلين المسلحين على الارض.

وشهدت الحكومة الاميركية انقسامًا حول هذه المسألة صيف 2012، اذ ان وزيرة الخارجية حينذاك هيلاري كلينتون ومدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) سابقا ديفيد بترايوس دعوا مرارًا البيت الابيض الى تسليح المعارضين من دون جدوى.

الامر نفسه ينطبق على ايران. فادارة اوباما، وعلى الرغم من المأزق في المفاوضات الدولية حول برنامجها النووي، فعلت كل ما بوسعها لتجنب عمل عسكري، وتعوّل على استراتيجية quot;مزدوجةquot; تجمع بين العقوبات الاقتصادية والمحادثات الدبلوماسية مع طهران.

ويبقى الانسحاب من العراق في 2011 والانسحاب الذي سيليه من افغانستان في نهاية 2014 علامتي السياسة الخارجية للرئيس اوباما.

وفي مالي رفضت واشنطن ان تطأ الصحراء، واكتفت بتقديم دعم لوجستي الى الجيش الفرنسي. ولم تكن الولايات المتحدة في الصف الاول في ليبيا في 2011، مع انها كانت فعليا من المساهمين الرئيسين في عملية حلف شمال الاطلسي لاسقاط نظام العقيد معمّر القذافي.

وقال سفير الولايات المتحدة في العراق في 2009 و2010 كريستوفر هيل quot;علينا الحذر حتى لا نقع في اوضاع لا نفهمها ونتائجها غير متوقعة اطلاقاquot;.