خلص تقرير دولي إلى أن الضغوط التي يمارسها الغرب بحق إيران لوقف برنامجها النووي ليست مجدية، لأن تصعيد العقوبات عملية تمنح طهران الحافز للمضي قدماً في مشروعها النووي.

القاهرة: قال مسؤولون إيرانيون إنه ورغم الأضرار التي تلحقها العقوبات الصارمة باقتصاد بلادهم، إلا أنها قد تزيد أيضاً من تحدي النظام لأي شكل من أشكال الاستسلام.
ورغم اعتراف المسؤولين الإيرانيين الآن بأن العقوبات التي تفرضها عليهم الولايات المتحدة تضر بالفعل بوضع بلادهم الاقتصادي، إلا أن الضغوط التي تتم ممارستها في هذا الشأن لم تحقق هدفها الأساسي وهو منع إيران من إحراز تقدم ببرنامجها النووي.
وهو ما بدا واضحاً للمسؤولين الأميركيين والأوروبيين الذين يفرضون العقوبات الصارمة، في الوقت الذي بدأت تبرز فيه حقيقة أن العقوبات ربما عملت على تسريع تقدم إيران النووي.
وأوضح تقرير صدر مؤخراً، ارتكازاً على 30 مقابلة شاملة أجريت مع مسؤولين إيرانيين ومحللين ورجال أعمال، تلك المعضلة، وكذلك اعتزام إيران تحدي الساسة الغربيين، الذين سيعقدون جولة خامسة للمفاوضات مع إيران في كازاخستان الأسبوع المقبل.
وقدمت النتائج التي خلص إليها التقرير لمحة نادرة من مستويات عليا في إيران بشأن الطريقة التي عملت ولم تعمل من خلالها العقوبات، وهو ما قد يؤثر بشكل مباشر على القرارات التي يتخذها المفاوضون النوويون الغربيون، في وقت يهتم فيه الكونغرس الأميركي بإضافة مزيد من العقوبات، ويرفض تخفيف العقوبات بمقدار كاف لإقناع الجمهورية الإسلامية بأن توقف برنامجها الحساس المرتبط بالأنشطة النووية.
ونقلت في هذا الصدد صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية عن تريتا بارسي، رئيس المجلس الأميركي الإيراني الوطني، الذي يوجد مقره في واشنطن وأنتج هذا التقرير، قولها quot; من الضروري فهم مدى الألم الضخم الذي يتم استيعابه في إيران، لأن مجرد الجلوس هناك بانتظار أن يتمخض الألم عن نتائج لهو أمر ساذج نوعاً ماquot;.
وتابعت بارسي حديثها بالقول quot; ممارسة الضغط هو نصف المعادلة، وقد نجح المسؤولون الأوروبيون والأميركيون في ذلك، وبدا أن الضغوط التي تتم ممارستها على إيران ضغوط هائلة بلا شك. أما توجيه الألم فأنا أعتقد أنها مهمة مختلفة للغايةquot;.
وأشار التقرير، وفقاً لما تضمنه من نتائج، إلى أن تلك الضغوط التي تتم ممارستها بحق الجمهورية الإسلامية ليست مجدية، لأن تصعيد العقوبات عملية تمنح إيران كذلك الحافز للمضي قدماً ببرنامجها النووي لنفس السبب.
كما أوضح التقرير أن إعادة النظر بمدى التخفيف بشأن العقوبات قد يكون أمراً ضرورياً حين تجلس مجموعة 5+ 1 ( أميركا، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا وألمانيا ) لإجراء محادثات نووية مع إيران الأسبوع المقبل، إن كان لديهم أي فرصة للنجاح.
وسبق أن قال الأسبوع الماضي الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، إن إيران قامت بتحويل quot;التهديداتquot; إلى quot;فرصquot;، وأنها خرجت منتصرة على الرغم من quot;الآثار السلبيةquot; للعقوبات.
وأكد خامنئي أن الولايات المتحدة هي quot;العدوquot; وquot;المركز الرئيسي لوضع المكائدquot; ضد إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وأضاف quot;وللعقوبات تأثيرات، لكنهم لم يصلوا للتأثيرات التي يريدونهاquot;.
كما لفت مسؤولون إيرانيون كبار، عبروا عن آرائهم في التقرير، إلى الطريقة التي أثارت من خلالها ردة فعل إيران غير المتوقعة رزمة من التساؤلات بشأن منفعة العقوبات. وأوضح مسؤول برلماني إيراني بارز أن رفض إيران بات quot;نموذجاً يحتذي بهquot; بالنسبة للدول النامية، وهي نفس وجهة النظر التي عبر عنها مسؤولون إيرانيون آخرون.
وأضاف أحد المسؤولين الإيرانيين الحاليين quot; توقعت الحكومات الغربية تعرض الاقتصاد الإيراني لحالة من الانهيار. وقد عرفوا الآن أنهم أخفقوا في هدفهم. وإن استمروا على هذا المنوال، فإن ذلك لن يعمل إلا على تقوية عزم إيران في مواجهة الدول الغربيةquot;.
وقال نائب سابق لوزير الخارجية الإيراني، متحدثاً عن النظام في طهران، إنه كان من الواضح بالنسبة لنا أن ضغط العقوبات سيتزايد، وأن الهدف الأول هو إضعاف النظام، غير أن ذلك قد أجبر الإيرانيين على التزام القوة والاتحاد في العمل واثبات خطأ الإستراتيجية الغربية.
وأكدت مصادر إيرانية لكريستيان ساينس مونيتور أن العرض المقدم حالياً لا يحوي quot;أي توازنquot;. فيما يمكن رفع أو تعديل كثير من العقوبات الأميركية من جانب الكونغرس، الذي أظهر قدراً محدوداً من الاهتمام في منح إيران ما يعتبرها البعض quot;مكافأةquot; على تحديها.