رقم الترليون دولار من الضخامة بحيث أن معظم دول العالم لا تملكه في خزائنها، وحتى بالمقاييس الأميركية فهو رقم كاف لصنع الأخبار. وهكذا يصبح بالوسع تصور الفداحة في تكلفة حربي العراق وأفغانستان النهائية التي ستبلغ 6 ترليونات .


لندن: عندما يطوي التاريخ صفحة حربي العراق وأفغانستان، فسيكون هذان الصراعان الأكثر تكلفة على الإطلاق في تاريخ الولايات المتحدة. ووفقا ما نقلته الصحافة الأميركية والبريطانية عن تقرير بهذا الشأن تولت إعداده ليندا بيلمز، بروفيسيرة السياسة العامة بجامعة هارفارد، فالمتوقع ألا تقل تكاليف الحربين في الحساب النهائي عن 6 ترليونات دولار.

منظور

لتقريب الصورة فإن هذا الرقم يقارب ثلاثة أضعاف متوسط الميزانية السنوية الفيدرالية في الولايات المتحدة، أغنى الدول قاطبة والقوة العظمى الوحيدة على الأرض. ولتقريبها أكثر فقد بلغت الميزانية الأميركية بأكملها للعام الماضي 2.627 ترليون دولار.

وقارن متوسط الميزانية الأميركية هذا بما يربو على ترليوني دولار أنفقتها واشنطن حتى الآن بالعراق منذ 2003 في laquo;عملية الحرية العراقيةraquo; Operation Iraqi Freedom (صارت تسمى laquo;عملية الفجر الجديدraquo; Operation New Dawn)... ثم laquo;عملية laquo;الحرية الصامدةraquo; Operation Enduring Freedom في أفغانستان منذ 2001.

وتبعا للتقرير فإن تكاليف الحربين ستبلغ ثلاثة أضعاف ما أنفقته الولايات المتحدة الآن ليصل الى 6 ترليونات دولار. وهذه الزيادة الهائلة ستستدعيها أشياء أساسية - بضمنها الرعاية الصحية لجنود الحربين وإعاناتهم إضافة الى إعادة الإمداد والتموين والتحديثات العسكرية ndash; وستكون العامل الحاسم في تشكيل الميزانيات الفيدرالية لعقود مقبلة.

ويقول تقرير البروفيسيرة بيلمز إن الحكومة الأميركية ملزمة حاليا بتسديد 260 مليار دولار هي فقط سعر الفائدة على ما استدانته لتغطية متطلبات الحربين المقدرة حتى الآن بترليوني دولار. وبهذا يبلغ إجمالي الديون الأميركية 16.687 ترليون دولار تبعا للأرقام التي أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية نفسها في مطالع الشهر الحالي.

بالوعة العناية الصحية

كانت البروفيسيرة بيلمز، وأيضا جوزيف ستيغليت بروفيسير الاقتصاد حائز laquo;نوبلraquo;، قد تنبآ في 2006 بأن تصل تكاليف الحربين الإجمالية الى ما بين ترليون وترليوني دولار، ثم عدلا هذا الرقم الى 3 ترليونات دولار.

لكن بيلمز تقول الآن إن هذا الأخير نفسه رقم متواضع وبعيد عن الواقع، وهذا بالرغم من أن الرئيس باراك اوباما يسحب جنوده يوما بعد الآخر من مسرحي الصراعين ويعد بسحب آخر جندي بنهاية 2014.

وتضيف البروفيسيرة أن الرقم laquo;الواقعيraquo; لا يقل عن 6 ترليونات دولار. وهذا لأن قسما كبيرا منه لا ينبع من منصرفات laquo;البنتاغرنraquo; (وزارة الدفاع)، وإنما من تكاليف العلاج الطبي وإعانات الإعاقة لأولئك الذين جرحوا في المعارك... إضافة الى التعويضات وهلم جرا. وحتى الآن بلغت تكاليف العناية الصحية هذه 134.3 مليار دولار، ويتوقع لها أن تتجاوز خلال العقود الأربعة المقبلة عتبة 836 مليار دولار.

... وجراح نفسية

تقول بيلمز في تقريرها إن أكثر من بين 1.56 مليون جندي أميركي شاركوا في الحربين، فإن أكثر من نصف هذا العدد تلقوا علاجا من نوع أو آخر ويتلقون حاليا إعانات من الدولة ستدوم طالما ظلوا على قيد الحياة.

على أن ثمة ناحية أخرى تتعلق بأولئك الذين يتلقون العلاج من أمراض نفسية أو عقلية. ويشكل هؤلاء ما يقدر بثلث عدد المشاركين في واحدة من الحربين أو كلتيهما. والمعلوم أن حوالي 350 ألف جندي أصيبوا بطائفة من الأمراض في هذه المجال تقع جميعا تحت مظلة ما يسمى طبياً laquo;الأذى الارتضدادي العقليraquo; وبالطبع فإن هؤلاء يستلزمون من الرعاية الطبية أكثر مما يستلزمه صاحب الإصابة الجسدية التي تبرأ مع الزمن، في حين أن شفاء المصاب النفسي والعقلي قد لا يتم ابدا.