بدأ وفد من التحالف الشيعي العراقي الحاكم مباحثات في أربيل اليوم مع القادة الأكراد في محاولة لتسوية خلافاتهم مع الحكومة المركزية وإقناعهم بالعودة إلى اجتماعات الحكومة والبرلمان. ووسط دعوات دولية إلى الحكومة العراقية بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المتورطين بمهاجمة مقرات صحف في بغداد، دفعت وزارة الداخلية بقوات لحماية هذه المقار من تجدد مهاجمتها من قبل مجموعات يقودها رجال دين.


لندن: بدأ وفد من التحالف الوطني العراقي quot;الشيعيquot; يضم عددا من القياديين فيه، مباحثات في أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق، في محاولة لتسوية الخلافات مع التحالف الكردستاني وإقناعه بالعدول عن مقاطعة اعمال مجلسي الوزراء والنواب في بغداد وإمكانية التوصل إلى حلول وسط لمطالب الأكراد التي دفعتهم إلى هذه المقاطعة.

ويضم الوفد كلا من النائب خالد العطية رئيس كتلة ائتلاف دولة القانون النيابية بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي وطارق نجم القيادي في حزب الدعوة مدير مكتب المالكي ورئيس منظمة بدر وزير النقل هادي العامري ورئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري كرار الخفاجي.

وتشمل نشاطات الوفد اجتماعات مع رئيس الاقليم مسعود بارزاني وقيادات القوى التي يتشكل منها التحالف الكردستاني الذي يمتلك 4 وزراء في الحكومة المركزية و25 نائبا في البرلمان العراقي. كما ستعقد قيادتا التحالفين الكردستاني والشيعي مساء اليوم اجتماعا لمناقشة الأوضاع السياسية في البلاد وخاصة ما يتعلق منها بالخلافات بين أربيل وبغداد.

وتأتي هذه الاجتماعات عشية إعلان التحالف الكردستاني عن قرب توجيهه رسالة إلى التحالف الوطني خلال اليومين المقبلين يضع فيها تصوراته للمشاكل التي تعترض العملية السياسية ومحاولة حلها وخياراته للاوضاع الحالية. وقال القيادي الكردي المستقل محمود عثمان إن هذه الخيارات ستكون ذات تأثير مباشر على العملية السياسية وتحتمل عودة مشروطة للأكراد إلى الحكومة والبرلمان او اتخاذ خيار فضّ الشراكة والتخلي عن العملية السياسية برمّتها.

وتأتي هذه المباحثات بين التحالفين بعد ثلاثة ايام من قرار أعلنته يوم الاثنين الماضي القوى والأحزاب الكردية بعدم إعادة وزرائها ونوابها إلى الحكومة والبرلمان الاتحاديين في بغداد إلا بالعودة إلى مبادئ الشراكة الوطنية في صنع القرار والالتزام الكامل بالتوافق والتوازن.

وقال المتحدث باسم كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي مؤيد طيب إن الاجتماع، الذي ترأسه بارزاني في منتجع صلاح الدين (360 كم شمال بغداد)، بحضور الهيئة النيابية الكردستانية للكتل الكردستانية في مجلس النواب الاتحادي ووزراء كردستان في الحكومة الاتحادية، إلى جانب قيادات القوى السياسية، قد توصل إلى قرار مفاده أنه quot;لا عودة إلى وزراء ونواب إقليم كردستان إلى بغداد، ما لم يتم تحقيق العديد من المطالبquot;.

وأضاف طيب في تصريح صحافي مكتوب تسلمته quot;إيلافquot; أن quot;اجتماع الأحزاب والقوى الكردستانية سيسلم الائتلاف الوطني رسالة تتضمن مجموعة مطالب، في مقدمها وركنها الأساس العودة إلى مبادئ الشراكة الوطنية في صنع القرار والالتزام الكامل بالتوافق والتوازنquot;. وأكد طيب أن quot;عودة وزراء ونواب كردستان وفق قرار الاجتماع مرهون بتلقي إشارات واضحة وتطبيقات صريحة لما تم بموجبه تشكيل حكومة الوحدة الوطنيةquot;.

وشدد المتحدث على أن quot;اجتماع القيادات الكردستانية يؤمن بأن إخراج العراق من الأزمة الراهنة، وليس مجرد التوتر في العلاقات بين الحكومة الاتحادية والإقليم، يستلزم العودة إلى ثوابت الدولة الديمقراطية الاتحادية: الدستور والاتفاقات التي تمت بين القوى السياسية، التي من دونها ستظل أية معالجة للمشاكل مجرد ترقيع أو تهدئة موقتةquot;. وحذر من أنه في حالة عدم اتخاذ خطوات عملية وإجرائية، فإن القيادة الكردستانية، ستلجأ إلى اتخاذ خيارات مناسبة من دون توضيح ماهيتها.

يذكر أن القوى الرئيسة، التي حضرت الاجتماع، هي: الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، وحركة تغيير، والاتحاد الإسلامي الكردستاني، والجماعة الإسلامية الكردستانية، إلى جانب عدد من النواب المستقلين.

وكان التحالف الكردستاني قد أعلن مقاطعته جلسات البرلمان مطلع الشهر الماضي احتجاجًا على إقرار الموازنة الاتحادية في مطلع الشهر الماضي من دون الأخذ بمطالبه فيها، وقرر سحب وزرائه ونوابه إلى أربيل للتشاور مع قيادتهم . وأشار التحالف إلى أن مقاطعته هذه تأتي بسبب عدم موافقة التحالف الشيعي على المقترحات التي تقدم بها لتجاوز الخلاف حول مستحقات شركات النفط العاملة في إقليم كردستان، وعلى تنفيذ المادة 140 من الدستور حول المناطق المتنازع عليها، وموازنة قوات البيشمركة الكردية ومطالب أخرى.

وصادق مجلس النواب العراقي أخيرًا على أضخم موازنة عامة في تاريخ البلاد، بلغت قيمتها 118 مليار دولار، من دون تلبية مطالب الأكراد، الذين قاطعوا التصويت، في جلسة شهدت ملاسنات كلامية، في حين وضعت الموازنة سعر 90 دولارًا لبرميل النفط على أساس تصدير 2.9 مليون برميل يوميًا، وتوفير 100 ألف درجة وظيفية.

وتشهد العلاقة بين بغداد وأربيل توتراً مستمرًا يتعلق بخلافات سياسية ودستورية وبعض الملفات العالقة، أبرزها التعاقدات النفطية للإقليم وإدارة الثروة النفطية، والمادة 140 من الدستور الخاصة بتطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها، وإدارة المنافذ الحدودية والمطارات، وتسليح قوات البيشمركة الكردية ودفع مرتبات عناصرها من الموازنة الاتحادية، وغيرها من الصلاحيات الإدارية والقانونية.

دعوات دولية لحماية المؤسسات الصحافية

وسط دعوات دولية إلى الحكومة العراقية بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المتورطين في مهاجمة مقرات صحف في بغداد فقد دفعت وزارة الداخلية العراقية بقوات لحماية هذه المقار لحمايتها من تجدد مهاجمتها من قبل مجموعات يقودها رجال دين.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن إن الوزارة بدأت من خلال قواتها نشر دوريات مسلحة حول مقار الصحف في العاصمة بغداد لحمايتها من إمكانية تكرار الاعتداءات التي تعرضت لها اربع صحف الاثنين الماضي من قبل شبان يقودهم رجال دين يحملون أسلحة بيضاء واعتدوا على العاملين فيها بالسكاكين كما أحرقوا سياراتهم وحطّموا اثاث تلك المقرات ومحتوياتها.

واعتبر الاعتداء على الصحف خروجًا عن القانون مشددا على أنّ السلطات مهتمة بحماية الصحافيين والإعلاميين. وأشار إلى أن هناك الان quot;عملية تنسيق عالي المستوى، بين قيادة عمليات بغداد وبين جميع تشكيلات وزارة الداخلية مثل النجدة والاستخبارات من أجل توفير الاجواء الأمنية المناسبة وحماية الصحافيينquot;.

وقد جرى استهداف مقار الصحف الأربعة في أعقاب نشرها تقارير توجه انتقادات لرجل الدين الشيعي محمود الصرخي حيث دخل اتباع له هذه المقرات وناقشوا العاملين فيها حول هذه التقارير قبل أن يعتدوا عليهم.

ومن جهتها، أدانت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي الهجمات الأخيرة على الصحافيين ووسائل الإعلام التي استهدف اربعة مقرات للصحف في بغداد وهي الدستور والبرلمان والناس والمستقبل.
وأشارت إلى خطورة انتهاكات حقوق الإنسان الصريحة من قبل الجماعات الإرهابية التي شكلتها الهجمات وشملت التجاوز على مؤسسات الدولة برمتها دون استثناء .

وأضافت اللجنة في بيان صحافي تلقته quot;ايلافquot; أن استهداف الأقلام الحرة لمنعها من إيصال الحقيقة هو محاولة فاشلة من الجماعات الإرهابية كي تثني المؤسسة الإعلامية عن العمل بشفافية وديمقراطية ومهنية.

وشددت على أنّ حرية التعبير والتفكير وتداول المعلومات مكفولة دستورياً وينبغي تطبيق أحكام الدستور واحترام مبادئه . وقالت quot;إن محاولة تكميم الأفواه وإرعابها بهذه الأساليب الجبانة لن تثني مسار السلطة الرابعة عن السير بعملها وأخذ دورها في المجتمعquot;.

وطالبت اللجنة بملاحقة الجناة وتقديمهم إلى العدالة وتوفير الحماية اللازمة للمؤسسات الصحافية من اجل عدم تكرار هذه الاعتداءات ضدها كما دعت الحكومة والقيادة العامة للقوات المسلحة إلى توفير أعلى درجات الحماية لكل المؤسسات الإعلامية في البلاد.

ومن جانبها، عدّت النائبة المستقلة صفية السهيل اقتحام مسلحين لمقار اربع مؤسسات إعلامية سابقة خطيرة لا يمكن السكوت عنها . ودعت السهيل في تصريح صحافي مكتوب تلقته quot;ايلافquot; الحكومة والقيادة العامة للقوات المسلحة إلى توفير اعلى درجات الحماية لكل المؤسسات الصحافية في البلاد. وقالت إن quot;على الحكومة ان توفر الحماية الكافية للمؤسسات الصحافية أسوة بالمؤسسات الحكومية لأن الصحافية لا تقل أهمية عن الحكومية اذ انها واحدة من الجهات التي تعدّ حامية للديمقراطية في البلادquot;.

ودعت السهيل كل الاطراف السياسية والشعبية في البلاد إلى أن quot; تتفهم العمل الصحافي، وان تقدر التضحيات التي بذلتها المؤسسات الإعلامية والدماء التي سالت لكثير من الإعلاميين في سبيل الكلمة الحرة حتى اصبح العراق البلد الاول في العالم في عدد الشهداء الإعلاميين quot;. وأدانت الهجوم الذي تعرضت اليه اربع مؤسسات إعلامية وعدته عملا غير حضاري quot;ويندرج في خانة محاولة تقويض الديمقراطية وكبت الكلمة واشاعة الفوضى في البلادquot;.

اما الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر فقد أكد أن quot;الاعتداءات ضد المؤسسات الإعلامية أو الصحافيين أمرٌ غير مقبول تحت أي ظرف من الظروفquot; وحث الحكومة العراقية على ضمان حماية الإعلاميين ضد جميع أشكال الترهيب والعنف بسبب آرائهم أو أفكارهم.

كما أعربت مديرة اليونسكو في العراق لويس هاكستهاوزن عن قلقها العميق إزاء التأثير الخطير لمثل هذه الحوادث على حرية الصحافة وحرية التعبير.. ودعت إلى تقديم المتورطين في هذه الهجمات إلى العدالة ومحاكمتهم. وقالت السيدة quot;إن حرية التعبير عنصر مهم لإقامة ديمقراطية حقيقية وبناء سلام مستدام في العراقquot;.

كما أكدت السفارة البريطانية في بغداد شجبها لأعمال العنف التي طالت عددًا من مقرات الصحف العراقية وقال القائم بالأعمال البريطاني روبرت دين إن quot;وجود صحافة حرة هو جزء حيوي من الدولة الديمقراطيةquot; مؤكدا ان quot;الحكومة البريطانية تشجب استخدام العنف ضد وسائل الإعلامquot; داعيا السلطات العراقية إلىquot; إتخاذ الإجراء اللازم بحق المتورطينquot;. وأشار إلى أنّ السفارة البريطانية تعمل مع الحكومة العراقية على تشجيع صحافة حرة وصحية يمكن لها أن تلعب دوراً محورياً في تعزيز قيم المسؤولية والشفافية .

وكان مرصد الحريات الصحافية العراقي قد سجل في تقريره السنوي الاخير بشأن مؤشرات العنف والاعتداءات ضد rlm;الصحافيين 31 حالة اعتداء بالضرب، تعرض لها صحافيون ومصورون ميدانيون من قبل قوات rlm;عسكرية وأمنية ترتدي في بعض الأحيان زيا مدنياً، واحتجاز واعتقال 65 صحافياً وإعلامياً rlm;تفاوتت مدد اعتقالهم واحتجازهم .

كما سجلت حالات المنع من التصوير أو التغطية، أعلى rlm;مستويات لها وسجل المرصد في هذا الإطار 84 حالة، مع استمرار التضييق على حركة الصحافيين rlm;التي سجل منها 43 حالة، فيما جرى رصد 12 حالة اعتداء تضمنت تحطيم المعدات أو مصادرتها rlm;من قبل القوات الأمنية.rlm;

rlm;وأشار المرصد إلى أنّ العراق ما زال على مدار العقد الماضي يتصدر مؤشرات rlm;الإفلات من العقاب وفقا للجنة حماية الصحافيين الدولية حيث تعرض الصحافيون والعاملون معهم rlm;لهجمات متتالية منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، فقتل 261 صحافيا عراقيا وأجنبيا من rlm;العاملين في المجال الإعلامي ومنهم الزميل غزوان انس، منهم 147 صحافياً قتلوا بسبب عملهم rlm;الصحافي وكذلك 52 فنيا ومساعدا إعلاميا، فيما لفّ الغموض العمليات الإجرامية الأخرى التي rlm;استهدفت بطريقة غير مباشرة صحافيين وفنيين لم يأت استهدافهم بسبب العمل الصحافي، واختطف rlm;rlm;64 صحافياً ومساعداً إعلامياً قتل اغلبهم وما زال 14 منهم في عداد المفقودين . إلا أنّ جميع هذه rlm;الجرائم لم يُكشف عن مرتكبيها، ويتجاوز تصنيفها بكثير أي بلد آخر في العالم.