دمشق: اتهم الرئيس السوري بشار الاسد تركيا بالكذب في كل ما يتعلق بالازمة السورية منذ بدايتها، في وقت تتواصل العمليات العسكرية على الارض، وتصل تداعياتها مجددا الى الاراضي اللبنانية المجاورة.

ومع تصاعد حدة المعارك على اطراف دمشق ومحيطها، هدد مصدر عسكري سوري quot;المجموعات الارهابيةquot; من الاقتراب من العاصمة، مؤكدا ان مصير افرادها سيكون quot;الموت المحتمquot;، في يوم سيطر مقاتلون معارضون على كتيبة للدفاع الجوي في جنوب البلاد.

وفي تصريحات الى قناة تلفزيونية وصحيفة تركيتين اوردت صفحة الرئاسة السورية على موقع quot;فايسبوكquot; الاربعاء مقتطفات قصيرة منها، قال الاسد ان رئيس الحكومة التركي رجب طيب اردوغان quot;لم يقل كلمة صدق واحدة منذ بدات الازمة في سورياquot;.

واوضحت الصفحة ان المقابلة كاملة ستبث الجمعة. وعرض شريط قصير على الصفحة، يظهر الرئيس السوري وهو يخرج من باب عريض الى رواق، حيث كان ينتظره صحافيون، قبل ان يصافحهم، ويدخل واياهم الى قاعة استقبال، حيث جلسوا يتحادثون.

وارتدى الاسد بزة رمادية اللون، وبدا هادئا ومبتسمًا. واظهرته بعض اللقطات جالسا، في حين يتنقل في اخرى مع الصحافيين في اروقة القصر الرئاسي. وترافقت هذه الرسائل السياسية، مع رسائل عسكرية تؤكد ثبات النظام وقوته. ونقلت صحيفة quot;الوطنquot; السورية القريبة من النظام عن مصدر عسكري مسؤول قوله ان الجيش quot;لن يسمح لأي من الارهابيين بتدنيس أرض دمشق التي ستبقى آمنةquot;.

وحذر المصدر هذه المجموعات من ان quot;اي اقتراب من دمشق يعني الموت المحتم لها ولقادتهاquot;، مشيرا الى quot;محاولات تسلل تحصل من محاور عدة، وغالبا ما يقتل جميع المتسللين أو أغلبيتهم ويفر الآخرونquot;. وسجلت في الايام الماضية معارك عنيفة وتصعيد ميداني في احياء على اطراف دمشق ومحيطها، حيث تحاول القوات النظامية منذ فترة السيطرة على معاقل للمقاتلين المعارضين.

من هذه المناطق داريا (جنوب غرب) التي تشهد معارك عنيفة، وحيث ذكر مصدر عسكري سوري لفرانس برس ان القوات النظامية quot;بسطت الامن في مقام السيدة سكينة ومحيطهquot;. وترافقت العمليات العسكرية في ريف دمشق مع غارات جوية طاولت ايضا مناطق واسعة في وسط البلاد وشمالها وشرقها، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

ويعد سلاح الطيران نقطة تفوق للقوات النظامية التي تمتع بقوة نارية ضخمة، مقارنة مع مقاتلي المعارضة الذي يعانون من ضعف في التسليح. واليوم، افاد المرصد ان مقاتلين معارضين quot;سيطروا على كتيبة 49 للدفاع الجوي عند اطراف بلدة علما إثر انسحاب القوات النظاميةquot;.

واظهرت اشرطة فيديو على موقع يوتيوب، مقاتلي المعارضة وهم في داخل الكتيبة التي تعرضت لقصف من القوات النظامية بعد السيطرة عليها. وبدا في احد الاشرطة صاروخ يعتقد انه من طراز ارض جو موضوع على منصة، لكنه متضرر ومفصول الى جزءين. ويقول احد الشبان بالقرب منه quot;عادت الصواريخ والاسلحة لاهلهاquot;.

وادت اعمال العنف اليوم الى مقتل 88 شخصا، في حصيلة غير نهائية للمرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا، ويعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في سوريا. وبلغت الغارات الجوية الاربعاء للمرة الثانية في اقل من شهر الاراضي اللبنانية، حيث افاد مصدر امني لبنان ان مروحية سورية اطلقت صاروخين عند اطراف بلدة عرسال في شرق لبنان، على بعد مئات الامتار من حاجز للجيش اللبناني.

وذكر نائب رئيس بلدية عرسال احمد فليطي لفرانس برس ان الصاروخين quot;سقطا في ارض صخرية خالية، ولم يؤديا الى اي اضرار مادية او بشريةquot;. وعرسال بلدة كبيرة ذات غالبية سنية، سكانها متعاطفون جدا مع المعارضة السورية. وهي تملك حدودا طويلة مع سوريا، غالبا ما يتم عبرها نقل جرحى من الجانب السوري. كما افادت تقارير امنية مرارا عن عمليات تسلل مسلحين عبرها الى سوريا او منها.

والحادث هو الثاني منذ 18 آذار/مارس، حينما قصفت طائرة حربية سورية جرود عرسال، ما اثار تنديدا لبنانيا ودوليا، وذلك بعد ايام من تحذير وزارة الخارجية السورية بقصف quot;تجمعات مسلحينquot; داخل لبنان في حال استمر تسللهم الى اراضيها.

في باريس، صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الاربعاء ان بلاده لم تحسم موقفها بشأن رفع الحظر عن الاسلحة الى سوريا، مؤكدا انه يجب تحديد quot;ما اذا كان من الممكن ان نثقquot; بالمعارضة، وانه لن يتم تسليم اي سلاح اذا كان سيذهب الى quot;متطرفينquot;.

واعلنت باريس ولندن أخيرا عزمهما تسليح المعارضة السورية حتى في غياب موافقة الاتحاد الاوروبي الذي يفرض حظرا لارسال السلاح الى سوريا، سواء الى النظام الذي ياخذ عليه قمعه للمعارضين، والى المعارضة بسبب الخشية من المجموعات المتطرفة فيها.

واليوم، اصدرت محكمة تونسية quot;بطاقة ايداعquot; بالسجن ضد quot;جهاديquot; عائد من سوريا في إجراء هو الاول من نوعه ضد تونسي شارك في قتال القوات النظامية السورية. وقالت وزارة العدل ان قاضي التحقيق quot;أصدر (..) بطاقة ايداع (بالسجن) ضد المدعو أبو زيد التونسي، بعدما فتحت النيابة العمومية تحقيقا في شأنه على ضوء ما تضمنه محضر فرقة مكافحة الارهابquot;.

تأتي الخطوة بعد نحو اسبوع من اعلان النيابة العامة فتح تحقيق قضائي في مغادرة شبان تونسيين للقتال ضد النظام السوري، وتقارير صحافية عن تفكيك شبكات quot;تجنيد تونسيين وارسالهم الى سورياquot;.

ومن الفاتيكان، وجه بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام نداءا الى البابا فرنسيس quot;لمساعدة سورياquot;. وقال لاذاعة الفاتيكان quot;اوجه نداء مؤثرا ومليئا بالصداقة والرجاء الى البابا الجديد: تعالوا لمساعدة سوريا التي لم تعد قادرة على تحمل درب صليب طويلةquot;.

اضاف quot;لسنا خائفين من المسلمين؛ نحن خائفون من هذه الفوضى، التي تزداد تجذرا في الشرق الاوسط (...) لقد خسرنا كل ما هو ديموقراطية، كل ما هو حرية، كل ما هو علمانية. ضاق الناس ذرعا بما يحصلquot;.

وتأتي هذه المناشدة بعد يومين من دعوة البابا في رسالته الفصحية الى وقف المعارك والبحث عن حل سياسي في quot;سوريا الحبيبةquot; التي يشكل المسيحيون نحو 5 بالمئة من عدد سكانها البالغ 23 مليون نسمة.

عدد الأوروبيين المقاتلين في سوريا قد يصل إلى 600 شخصًا
هذا وكشفت دراسة، اجراها المركز الدولي للدراسات، حول التطرف، في كينغز كوليدج في لندن الاربعاء، ان عدد الاوروبيين الذين انضموا الى المقاتلين المعارضين السوريين لمحاربة القوات النظامية قد يصل الى 600.

وجاء في هذه الدراسة quot;ان بين 140 و600 اوروبي توجهوا الى سوريا منذ بداية العام 2011، ما يمثل بين 7 و11% من العدد الاجمالي للمقاتلين الاجانبquot;. وهذه الارقام تستند الى quot;450 مصدرا من وسائل اعلام عربية وغربية، وكذلك الى اعلانات عن حالات استشهاد بثتها مواقع الجهاديين على الانترنتquot;.

والتقدير المنخفض يمثل حالات فردية مؤكدة فيما التقدير المرتفع يتضمن ارقاما قدمتها مصادر حكومية واعلامية. وتقدر الدراسة عدد المقاتلين الاجانب في سوريا بما بين 2000 و5500.

والمقاتلون الاوروبيون يتحدرون من 14 بلدا بينها فرنسا (بين 30 و92 مقاتلا وفق التقديرات)، والمانيا (من 3 الى 40)، وبريطانيا (من 28 الى 132) وايرلندا (26) وبلجيكا (من 14 الى 85) والدنمارك (3 الى 78) وهولندا (5 الى 107 مقاتلين). واشارت الدراسة ايضا الى اسبانيا والسويد وكوسوفو وفنلندا وبلغاريا والنمسا والبانيا، لكنها باقل من عشرة مقاتلين من كل منها.

واضافت هذه الدراسة quot;ان بين 70 و441 اوروبيا لا يزالون موجودين في سورياquot; ما يشير الى quot;ان معظم الاوروبيين الذين توجهوا الى سوريا ما زالوا يقاتلونquot; كما اوضح المركز الدولي للدراسات حول التطرف.

ولفتت الدراسة الى ان الاجانب الذين يقاتلون في سوريا ليسوا جميعهم من الاسلاميين وان الاسباب التي تردد ذكرها اكثر من غيرها لتوضيح هذا الانخراط في القتال هي quot;الصور المريعة عن النزاعquot; وquot;الروايات عن الفظائع التي ارتكبتها القوات الحكوميةquot;.

واوضح الباحث كاتب الدراسة ارون زيلين quot;ان حركات المتمردين في سوريا ليست جميعها من الجهاديين وان المجموعات الجهادية ليست كلها مرتبطة بالقاعدةquot;. واضاف quot;ان الذين انضموا الى المتمردين السوريين ليسوا جميعهم مرتبطين بالقاعدة، وان عددا صغيرا فقط منهم يمكن ان يشاركوا في اعمال ارهابية بعد عودتهم الى اوروباquot;.

واعتبر هذا الخبير quot;مع ذلك سيكون من الخطأ الاستنتاج ان الافراد الذين تدربوا وقاتلوا في سوريا لا يشكلون تهديدا محتملاquot;.وكانت هولندا رفعت الشهر الماضي مستوى الخطر باحتمال هجوم ارهابي الى درجة quot;اساسيquot; مؤكدة ان التهديد المتزايد يأتي خصوصا من عودة الجهاديين الذين قاتلوا في سوريا.