لاحظ فرانك غاردنر مراسل الـquot;بي بي سيquot; الذي كان تعرّض لهجوم مسلح في السعودية فروقات واضحة في مساحات الحرية الاجتماعية المتاحة اليوم في المملكة، مؤكدًا أن الأخيرة تشهد انفجاراً صحياً للنقاش الحر والنقد والسخرية على الإنترنت وأن معظم المواطنين يشعرون بمودة غير عادية لمَلِكَهم.


تحدث مراسل quot;بي بي سيquot; للشؤون الأمنية، فرانك غاردنر، الذي سبق أن أصيب بجروح بالغة إثر التعرّض لهجوم مسلح في المملكة العربية السعودية قبل تسعة أعوام، عن الأوضاع الراهنة في البلاد، بعد عودته إلى هناك للمرة الأولى منذ الحادثة.

وقال إنه لمس فروقات واضحة عن آخر مرة تواجد فيها في المملكة، وهو ما لمسه في انتشار المقاهي الدولية في صالات الوصول الموجودة في مطار الرياض، ووجود مسافرين أجانب يرتدون سراويل، ومشاهدته كذلك أحد رجال الجمارك والابتسامة على وجهه.

كما شدد غاردنر على حقيقة أن حركة التمرّد القاتلة، التي سبق لها أن حصدت أرواح كثيرين في منتصف العقد الماضي، بما في ذلك تلك الواقعة التي أدت إلى مقتل زميله المصور سيمون كمبرز، قد تم كبحها إلى حد كبير، حيث تعرّض أفرادها المسلحون للقتل أو الاعتقال أو حتى المطاردة عبر حدود اليمن الصحراوية.

انفتاح ملحوظ
ثم مضى يتحدث عن حقيقة الانفتاح، الذي شعر بأنه بات من أبرز سمات المملكة، مشيراً في هذا السياق إلى تلك الإشارة الإعلانية المضيئة عن متجر quot;هارفي نيكولزquot; الشهير، أسفل برج الفيصلية المرتفع، المشيد على هيئة ناطحة سحاب على شكل قلم حبر، والذي أضحى واحداً من العلامات المميزة لمدينة الرياض الحديثة.

لفت بعدها إلى اهتمام الأسر السعودية داخل الرواق المكيف هناك بزيارة البوتيكات، التي تبيع منتجات ماركات عالمية وملابس تحتية من الدانتيل. وأكد أن حكام المملكة بات لزاماً عليهم أن يسيروا على ذلك الحبل المشدود الصعب، لإحداث توازن بين قوى التقدم والحداثة، التي تود أن ترى المملكة أكثر اتساقاً مع بقية دول العالم، من جهة، وبين المحافظين دينيًا، الذين يتعاملون بريبة مع أي تغيير، من جهة أخرى.

وقال إنه ليس سراً أن الملك عبد الله يود أن يرفع الحظر على قيادة السيدات للسيارات، غير أنه يخشى من ردود الفعل، التي قد يحدثها هذا القرار بين رجال الدين.

مودة غير عادية للملك
أعقب غاردنر حديثه بالقول إنه وبغضّ النظر عن الانتقادات التي قد يكنها السعوديون لحكومتهم، إلا أنه وجد أن معظم المواطنين يشعرون بثمة مودة غير عادية لمَلِكَهم.

وأكد غاردنر كذلك أن السعوديين يخشون من الفوضى التي قد تحدث، إذا ما حصلت اضطرابات في البلاد، على غرار ما يحدث في الوقت الحالي في سوريا. فضلًا عن الحظر الصارم المفروض هناك على احتجاجات الشوارع، والمتاعب التي يواجهها من يخالف.

مساحات حرية
ولفت غاردنر كذلك إلى مساحة الحرية الكبرى، التي باتت متاحة الآن أمام السعوديين، من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية، مثل فايسبوك وتويتر ويوتيوب. ونوّه بلقائه بهذا الشاب العشريني المتخرج من إحدى الجامعات الأميركية، ويدعى فهد البوطيري، داخل إحدى الاستوديوهات السينمائية في الرياض، حيث يقوم هناك بإعداد مقاطع قصيرة ولاذعة لما يصفها بـ quot;عبثية مواقف الحياة اليوميةquot;. وعرض له فهد، مرتدياً قميصًا فضفاضًا وحذاء رياضيًا، مقطعاً قام بإعداده عن الفساد.

وأضاف فهد أن بعضاً من المقاطع التي يقوم بإعدادها تجذب أكثر من 50 مليون مشاهدة على الإنترنت، وأن بعض المشاهدات تكون من جانب أمراء من الأسرة الحاكمة.

بعيداً عن مشاهد العنف، المرتبطة بموجة الربيع العربي، التي غمرت أخيرًا دولًا أخرى في الشرق الأوسط، أوضح غاردنر أن المملكة تشهد انفجاراً صحياً للنقاش الحر والنقد والسخرية على شبكة الإنترنت. واللافت أيضاً، وفقاً لما ذكره غاردنر، هو أن السلطات تتعامل بتسامح حتى الآن، طالما أنه لا يتم توجيه أية إهانات إلى الإسلام أو إلى الملك، وطالما أن الاحتجاجات الحاصلة في الفضاء الإلكتروني لم تمتد وتصل إلى الشارع.