الثورات العربية كانت حلمًا تحقق، فتحول سريعًا إلى كابوس من التشدد والتقييد، مع تسلق الاسلام السياسي سلم السلطة، ما يدفع بالمرأة، الأكثر تضررًا من هذه التحولات، إلى التساؤل عن الجدوى من ديمقراطية تهينها.


بيروت: تتجه الاقتصادات في بلدان الربيع العربي مثل تونس ومصر نحو الانحدار، فيما التوترات السياسية والاجتماعية آخذة في الازدياد. وفي بعض مناطق ليبيا، تحكم القبائل المختلفة وفق قوانينها الخاصة، ولا تعير حكومة طرابلس أي اهتمام.
هناك الكثير من الصفات المشتركة بين البلدان المتضررة. فالقادة في مرحلة ما بعد الثورة صاروا أكثر تدينًا، والنساء أكثر التزامًا بالتقاليد، والمتشددون المسلحون أكثر التصاقًا بتنظيم القاعدة، لا سيما في سوريا التي أصبحت ساحة مفتوحة للحركات الجهادية المتطرفة.

لحماية المرأة
قالت جيسيكا ستيرن، الباحثة في كلية هارفارد للصحة العامة وعضو سابق في مجلس الأمن القومي، إن الربيع العربي نعمة ونقمة على الشعوب في المنطقة، quot;فالديمقراطية ليست الدواء الشافي الذي يتخيله العديد من الأميركيينquot;، كما روت لصحيفة نيويورك تايمز، مشيرة إلى أن الانتقال من الحكم الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي الذي يستوعب الرغبة في مزيد من الحرية هو مسألة حساسة وخطيرة.
أضافت: quot;الحروب الأهلية والإرهاب يميلان إلى الصعود، وإذا لم يتم توفير الحماية للأقليات والنساء، فإن حياتهم ستسوء أكثرquot;، مشددة على أن واقع المرأة خطر بشكل خاص في سوريا، حيث أصبح الاغتصاب سلاحًا في الحرب.
وقد أبلغ مكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة أن الاغتصاب، أو التهديد بالاغتصاب، واحد من أهم الأسباب التي تدفع بالأسر إلى الفرار من سوريا.

مناخ اكثر تحفظًا
سافرت فوتيني كريستيا، أستاذة مشاركة في العلوم السياسية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إلى سوريا لمقابلة النساء هناك، وقالت إن كثيرات منهن نزحن بسبب الحرب والخوف من التعرض للاغتصاب.
وقالت كريستا إن العديد من النساء اللواتي قابلتهن شاركن في تظاهرات سلمية ضد نظام الرئيس بشار الأسد في العام 2011، وهن على يقين من أنه سيكون عليهن شن معركة أخرى لنيل حريتهن وحقوقهن، لأنه من المتوقع أن يكون المناخ السياسي أكثر تحفظًا عندما تنتهي الحرب في سوريا.
ونساء سوريا لسن ساذجات أو من هواة الثورة الرومانسية، فقد رأين كيف تم تهميش المرأة في دول الربيع العربي الأخرى، مثل مصر واليمن وليبيا. فتوكل كرمان، التي حازت على جائزة نوبل للسلام عام 2011 لدورها في في قيادة الثورة في اليمن، بقيت خارج ما يسمى بـ quot;الحوار الوطنيquot; حول مستقبل بلدها. وفي ليبيا، شهدت النساء إعادة الشرعية لتعدد الزوجات، فيما فقدت نساء مصر أكثر من 50 مقعدًا في البرلمان، وبقيت تسعة منهن فقط.

لحظة الانفجار آتية
قالت سهى بيومي، المحاضرة في تاريخ العلوم في كلية الآداب والعلوم في جامعة هارفارد، إن وضع المرأة في مصر مثير للقلق في ظل التحرش والاعتداء الجنسي المستشري، والانتقاص من حقوق المرأة وموقعها في الدستور. وأشارت إلى معاناة المرأة مما وصفته بـquot;حذف الشخصيات التاريخية من الحركة النسوية المصرية من المناهج الدراسيةquot;.
وقالت بيومي إن روح التضامن كانت مرتفعة بعد تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك، quot;لكن ذلك تغيّر بسبب سوء إدارة المرحلة الانتقالية وصعود الإخوان المسلمين إلى السلطةquot;.
أضافت: quot;الغطرسة والتسلط والبلطجة، جنبًا إلى جنب مع الوضع الاقتصادي المتردي، أدت إلى تغيير المزاج العام بعد الثورة في مصر، لكن هذا الوضع ليس مستدامًا، ولا بد أن تحدث لحظة الانفجار عاجلًا وليس آجلًاquot;.

مكيالان للديمقراطية
السؤال الذي يدور الآن هو: هل الديمقراطية هي بالضرورة الطريق الصحيح لكل المجتمعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تكون اليد العليا في بعض البلدان للقبائل أو القيادات الدينية، ويكون الولاء للمؤسسات السياسية الجديدة ضعيفًا؟
ويصيغ نعوم تشومسكي، عالم الألسنيات والناقد السياسي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، السؤال بطريقة أخرى: quot;السؤال هو: هل تريد الدول الغربية وخصوصًا الولايات المتحدة الديمقراطية في الشرق الأوسط حيث تؤدي الانتخابات الحرة إلى فوز مناوئين لإسرائيل وأميركا؟quot;
في دول كالبحرين التي بدأت جولات الحوار بين الحكومة والمحتجين، من غير الواضح ما إذا كانت العملية السياسية قادرة على تجاوز الفجوة بين الشيعة والسنة.
وقالت امرأة بحرينية تحضر لنيل شهادة الدكتوراه في الولايات المتحدة، رفضت الكشف عن هويتها: quot;لماذا يسمي الغرب انفجار سيارة مفخخة في البحرين، كما يحدث في الأيام الأخيرة، بأنه بحث عن الديمقراطية، بينما يرى أن ما حدث في بوسطن عمل إرهابي؟quot;.