الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية في مصر دفعت بالعديد من القوى المعارضة لحكم الرئيس الإخواني محمد مرسي بتعليق آمالها على أن يأخذ الجيش زمام الأمور في البلاد.


بيروت: طبول الحرب الأهلية تقرع في البلاد على إيقاع السقوط الموشك في هوة انهيار اقتصادي، والمنقذ الوحيد برأي الكثير من المصريين هو الجيش الذي يجب أن يتولى زمام الأمور ويفرض السيطرة على البلاد.

وما زالت المعارضة المصرية منقسمة وغير منظمة وتستغل الآن الأوضاع الاقتصادية التي آلت اليها البلاد في الدعوة لعودة الجيش للسيطرة على البلاد وتحقيق الاستقرار تحت مسمى quot;البدء من جديدquot; لتعود المعارضة للسيطرة على المشهد مرة أخرىrlm;.rlm;

الندم

نفاد الصبر والندم أمر شائع في دول الربيع العربي التي تشهد عملية انتقال من حكم ديكتاتوري طويل الأمد إلى الديمقراطية للمرة الأولىrlm;. هذا الحال جعل المواطن عاجزاً عن احتمال المزيد من الاضطراب السياسي والعنف والجوع ليظهر الحنين مرة أخرى لأنظمة استبدادية قديمة - إنما أكثر تنظيماً - وفقاً لصحيفة quot;واشنطن بوستquot;.

وكلما انهار الاقتصاد المصري وتعثر التحول الديمقراطي، يعلّق بعض المعارضين للرئيس مرسي آمالهم على المنقذ المحتملrlm;، الجنرالات الأقوياء الذين تم تهميشهم معظم الوقت منذ انتخابات العام الماضيrlm;. وفي ظل احتمالات انزلاق الأمة قريباً إلى انهيار اقتصادي، أو أتون حرب أهلية، فمن غير المستغرب أن ينادي الليبراليون والعلمانيون بانقلاب عسكري لإنهاء حكم الاخوانrlm;.rlm;

وقال شادي غزالي حربrlm;،rlm; وهو ناشط ليبرالي بارز، إن الجيش له دور مهم في هذه المرحلةrlm;. من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد ولإخراجنا من المأزق الدرامي الذي وضعنا فيه الإخوانquot;.

بدوره، قال زعيم المعارضة محمد البرادعي في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية في شباط (فبراير) الماضيrlm;: quot;لا أحد يريد أن يعود إلى حكم الجيشrlm;،rlm; لأنها كانت تجربة فظيعة في سوء ادارة المرحلة الانتقاليةrlm;quot; لكنه أضاف: quot;نحن بحاجة الآن إلى الجيش من أجل تحقيق الاستقرارrlm;،rlm; وبعد ذلك سوف نبدأ من جديدquot;.

إنقسام المعارضة

ويقول ناشطون مناهضون للإسلاميين: quot;نحن لم ننسَ الذكريات السيئة لحكم العسكر في مصر، ولا التعتيم غير الديمقراطي الكامل للمؤسسة، لكن المعارضة في مصر منقسمة وغير منظمة، ولذلك نحن بحاجة للجيشquot;.

يشار إلى أن المعارضة المصرية وجدت صعوبة في الاتفاق على وسيلة للحد من تنامي نفوذ الإسلاميين في الأشهر الأخيرة. ويرى البعض فرصة في ما يعتقدون أنه quot;مشاعر شعبية متزايدةquot; لهذا النوع من التدخل الذي من شأنه أن يضع حداً لمرسي والإخوان المسلمين.

العودة إلى المربع الأول

في شباط (فبراير) الماضي، أسفرت اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمحتجين في مدينة بور سعيد عن موجة من الأصوات المحلية التي تطالب بانقلاب عسكري في البلاد. وأتى بعض هذه الدعوات من أفراد الطبقة الوسطى الذين صوتوا لمرسي في وقت سابق. هذه الدعوات قد تشكل فرصة جديدة للمعارضة للخروج من الانقسامات والهزائم، التي كان آخرها خسارة معركة مع الإسلاميين لوضع دستور البلاد الجديد.

quot;البدء من جديدquot; هو مفهوم شعبي بين السياسيين المعارضين، حتى أنه تحول إلى الرد الوحيد على النتائج الديمقراطية غير المؤاتية، إذ أن الحل يكون في العودة إلى المربع الاول.

وقالت هدى عبد الباسط، عضو في الحزب اليساري الشعبي، إنها تعارض الحكم العسكري، مشيرة إلى أنه من الممكن quot;البدء من جديد مرة أخرى'' عبر تنحي مرسي وتشكيل ائتلاف من الزعماء للسيطرة على البلاد حتى تتمكن جميع الأطراف من التوصل إلى اتفاق بشأن وضع دستور جديد.

إحباط ما بعد الثورة

الإحباط المتجذر في مصر هو رد فعل على سياسات الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي المنتمي إلى الجماعة، التي أدت إلى تدهور اقتصادي في مرحلة ما بعد الثورة، وانعدام الأمن في الشوارع، والخوف من التعصب الديني، والشعور بالحرمان من الحقوق بين العديد من النخب السياسية الليبرالية والشباب الذي ساعد في الاطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك.

ويفترض بعض النشطاء أن تعميق الفوضى قد يدفع إلى التدخل العسكري، ولذلك يستمرون بالاحتجاج في الشوارع، ممتنعين عن أي مفاوضات مباشرة مع الرئيس وحلفائه لصياغة حلول وسط بشأن الإصلاحات الاقتصادية وغيرها.

quot;جماعة الإخوان المسلمين لديها القوة والسلاح والميليشيات، لذلك لا يمكن لأحد أن يواجهها من دون جيشquot; قال حرب، مشيراً إلى أن الجيش هو الجهة الوحيدة القادرة على quot;إنقاذ البلاد من أي احتلالquot;.

نعم للعسكر!

ووثقت جماعات حقوق الإنسان انتهاكات عسكرية واسعة خلال فترة السنة والنصف التي حكم فيها الجنرالات كحكام انتقاليين، بما في ذلك الاعتقال التعسفي وتعذيب المتظاهرين ومحاكمة الآلاف من المصريين من قبل محاكم عسكرية مغلقة.

ولكن حتى ذلك الحين، ظلت المؤسسة العسكرية رمزاً للفخر في مصر. ففي ظل الاحتجاجات ضد الجيش التي اشتدت بعد سقوط مبارك، أظهر استطلاع رأي أن نحو 88 في المئة من المصريين ما زالوا يثقون بالجيش، وفقاً لمؤسسة غالوب التي أجرت الاستطلاع في ذلك الوقت.

وعلى الرغم من عدم وجود استطلاعات رأي في الآونة الأخيرة لبيان مدى شعبية الجيش اليوم، إلا أن الدعوات المتكررة للجنرالات لإنقاذ الأمة اليائسة تزداد وتتردد بوضوح في هتافات الاحتجاج وعلى البرامج الحوارية.

الجيش لن يعود

لكن بعض المحللين والديبلوماسيين يعتبرون الآمال المعقودة على الجيش بمثابة quot;أمنيات وأحلامquot; لأن الجيش ليس لديه أي حافز يذكر للانقلاب على الحكام والدخول في المجال السياسي.

ويقول هؤلاء إن أولويات الجنرالات هي الحفاظ على حصانتهم من الملاحقة القضائية والحفاظ على الإمبراطورية الاقتصادية التي يقومون بإدارتها، لا سيما وأنهم يستفيدون من الامتيازات التي تم الحفاظ عليها وفقاً للدستور الذي وضعه الإخوان.

وقال ديبلوماسي غربي طالبًا عدم الكشف عن هويته، إن quot;الجيش ليست لديه مصلحة على الإطلاق في العودة الى البيئة السياسيةquot;.