تراهن ادارة باراك اوباما على قدرة بروفيسور سابق بالهندسة العسكرية في القوات المسلحة السورية، في بناء جيش ثوري متماسك، يستطيع الحاق الهزيمة بجيش بشار الأسد ومواجهة المتطرفين الاسلاميين، والمساهمة في بناء سوريا جديدة يسودها الاستقرار.


لندن: يتبوّأ مركز الصدارة في استراتيجية الرئيس الأميركي باراك اوباما الجديدة، اللواء الدكتور المهندس سليم ادريس، رئيس هيئة اركان الثورة السورية، الذي أكد مجددًا في حديث صحفي المواقف المعتدلة العقلانية التي تنال اعجاب الادارة الاميركية ورهانها عليه، لا سيما أنه ضابط يلتزم بكلمته ويتسم بالتروي والحكمة في اقواله.
ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة توجهت إلى اللواء ادريس متأخرة، طالبة منه أن يبني مركز قيادة وسيطرة شديد الفاعلية من قوات متشظية غير نظامية، حتى أن بعض هؤلاء المراقبين يرون أنها قد تكون مهمة مستحيلة.
يتسم اللواء ادريس، الذي درس الهندسة في المانيا وانشق عن جيش الأسد في صيف العام الماضي، بآرائه المعتدلة البعيدة عن أي نَفَس طائفي. وهو يعادي جبهة النصرة قائلًا لصحيفة واشنطن بوست إنه أمر رجاله بوقف التعاون معها. وكرر تصريحات سابقة اعلن فيها استعداده للتفاوض بشأن الانتقال السياسي مع قادة عسكريين في جيش النظام، على ألا تكون أياديهم ملطخة بدماء المدنيين.
كما أبدى اللواء ادريس استعداده للقاء المسؤولين الروس الآن. وقال لصحيفة واشنطن بوست: quot;إذ كانت لديهم مصالح فإننا سنناقش الدور الروسي في المستقبل وسنكون ايجابيين جدًاquot;.

بدائل قليلة
هذا الاستعداد للعمل مع روسيا والتعامل بروح تصالحية مع قادة عسكريين في جيش النظام هو أحد الأسباب وراء اعجاب الادارة الاميركية باللواء ادريس. وما زال الرئيس باراك اوباما يعتقد أن التسوية السياسية، بمساعدة من روسيا، أفضل من انتصار عسكري حاسم تحققه قوات المعارضة، بحسب صحيفة واشنطن بوست.
ويتخذ اللواء ادريس موقفًا حازمًا لا مساومة فيه من القطيعة مع جبهة النصرة، التي انبثقت بوصفها فرعًا لتنظيم القاعدة في العراق. وأكد رئيس هيئة اركان الثورة السورية ذلك قائلًا: quot;نحن لا نعمل مع جبهة النصرة ولا نشترك معها في أي شيءquot;. وأقر ادريس بأن مقاتلين من هذه الجماعة المتطرفة حاربوا إلى جانب بعض كتائبه.
وأكد مسؤول اميركي أن هناك ممانعة متزايدة بين رجال اللواء ادريس والفصائل المنضوية تحت قيادته ضد العمل مع جبهة النصرة، خصوصًا بعد مبايعتها قيادة تنظيم القاعدة قبل اسابيع. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن المسؤول الاميركي قوله: quot;مكاسب جبهة النصرة لم تُحجَّم ولكن تقدمهم عُطِّلquot;.
وقال مسؤول اميركي آخر إن ادريس quot;يقول ويفعل ما هو صحيح ونحن نعتقد أنه صادقquot;. ثم اضاف: quot;هل هناك مخاوف؟ نعم، ولكن ما هي الخيارات المطروحة؟quot;

إلا مطار بن غوريون!
ترسل الولايات المتحدة معدات غير فتاكة إلى اللواء ادريس، وتساعد في تدريب رجاله في الاردن. وكانت شحنة كبيرة من المساعدات الانسانية الاميركية وصلت من تركيا يوم الثلاثاء الماضي إلى مستودع في احدى المناطق المحررة شمالي سوريا، معبأة بعناية وملفوفة بيافطات تحمل شعار المجلس العسكري الأعلى للثورة السورية.
وهناك المزيد من المساعدات في الطريق، بما فيها دروع جسدية ومناظير ليلية ومعدات أخرى وعدت بها الولايات المتحدة. وتبحث الادارة ارسال اسلحة وذخائر ايضًا رغم أن مسؤولًا في الادارة حذر الأربعاء من أنه حتى إذا قرر اوباما إرسال اسلحة، فإنها على الأرجح لن تضم صواريخ مضادة للطائرات تُطلق من الكتف، أعلنت قوات المعارضة أنها بحاجة ملحة اليها.
وفي هذا الشأن، قال مسؤول اميركي لصحيفة واشنطن بوست: quot;هناك توجس وقلق لأسباب ليس اقلها أن يُصوَّب احد هذه الصواريخ في المستقبل نحو مطار بن غوريون في اسرائيلquot;.
ويتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه ادريس بالسيطرة على المقاتلين الاسلاميين، الذين يشكلون العمود الفقري للجيش السوري الحر منذ زهاء عامين، وكانوا من اشد المقاتلين بأسًا في هذه الفترة. وسيحتاج ادريس إلى أكثر من أمر عسكري يصدره لعزلهم عن الفصائل الأخرى. وسيكون تحجيم المتطرفين متعذرًا من دون مساعدة تركيا التي يتنقل المقاتلون الجهاديون بحرية عبر حدودها لتلقي التمويل والامدادات من عرب خليجيين أثرياء، بحسب صحيفة واشنطن بوست. وتأمل الولايات المتحدة بأن تتخذ تركيا موقفًا أشد حزمًا في مواجهة هذه الحركة عبر الحدود.

السيد الرئيس
ولتأكيد الحاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة، لا سيما ضد الأسلحة الكيماوية التي يمتلكها النظام السوري، وجه اللواء ادريس رسالة إلى اوباما قال فيها: quot;السيد الرئيس، اتفهم الأسباب التي تقف وراء دوركم الحذر في سوريا، نحن بأمس الحاجة إلى دعمكم لأن الجيش السوري الحر بقيادتي ليس لديه التدريب اللازم ولا المعدات المطلوبة لمواجهة آثار اسلحة الأسد الكيماوية أو تدميرهاquot;.
وتعهد اللواء ادريس في الرسالة بأن quot;سوريا الحرة لن تحتاج إلى أسلحة دمار شاملquot;، في إشارة إلى نيته التخلص من الأسلحة الكيماوية بعد إسقاط الأسد.
ويبدو أن قائد قوات الثورة السورية كسب اوباما إلى جانبه، ولكن يجب أن يكون ماثلاً في الأذهان بأن برنامج العمل الخفي شبه العسكري من هذا النوع، نادرًا ما ينتهي نهاية سعيدة، على حد تعبير صحيفة واشنطن بوست.