رأى مسؤول أميركي أن السهولة التي ضرب بها الإسرائيليون أهدافًا في دمشق تدحض حجة أن الدفاعات الجوية السورية ستكون عقبة في طريق إقامة منطقة حظر جوي فوق الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة. ومعتبرًا الغارات محفزًا لتدخل أميركي.


قال أعضاء في الكونغرس الأميركي إن الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا رسالة إلى الولايات المتحدة والدول الحليفة تفيد بأن دفاعات النظام الجوية دفاعات ضعيفة، وأن هذا يشجّعها على اتخاذ خطوات أكثر جرأة وأشد فاعلية لدعم المعارضة السورية، بما في ذلك فرض منطقة حظر جوي فوق الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة.

وأوضح رئيس اللجنة الفرعية لتخصيصات العمليات الخارجية في مجلس الشيوخ باتريك ليهي أن منظومات الدفاع الجوي الروسية ليست قوية كما يُشاع، وأن القوات الإسرائيلية استخدمت طائرات فالكون اف ـ 16 أميركية الصنع لضرب أهداف سورية بالصواريخ.

وأعلن ليهي في مقابلة مع شبكة quot;إن بي سيquot; quot;ليكن ماثلًا في الأذهان أن الإسرائيليين يستخدمون أسلحة نحن زوّدناهم بها، ولديهم قوة هائلة بهذه الأسلحةquot;.

ضغط لتغيير التكتيك
وذكر عضو مجلس الشيوخ جون ماكين على قناة quot;فوكس نيوزquot; أن الغارات الإسرائيلية ستمارس مزيدًا من الضغط على البيت الأبيض، لمساعدة قوات المعارضة السورية. ودعا ماكين إدارة أوباما إلى القيام بتحرك يغيّر قواعد اللعبة، بدلًا من اتخاذ خطوات تدريجية.

ويدرس البيت الأبيض حاليًا تسليح المعارضة السورية مباشرة، بعدما أشارت تقارير إلى أن نظام الرئيس بشار الأسد ربما استخدم غاز الأعصاب.

رجّح مراقبون أن تعمل الغارات الإسرائيلية على تسريع القرار الأميركي بشأن تسليح المعارضة. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين كبار في إدارة أوباما أن إرسال قوات أميركية إلى سوريا يبقى مستبعدًا، ولكن القرار سيُتخذ في غضون أسابيع للبتّ في خيارات، تمتد من تسليح قوات المعارضة مباشرة.. إلى استخدام طائرات وصواريخ أميركية لتعطيل دفاعات الأسد الجوية بتدمير طائراته ومدارج مطاراته ومنصات صواريخه داخل سوريا.

تنسيق مع إسرائيل
ويلاحظ أن المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين على السواء امتنعوا عن تأكيد غارات الأحد، التي تردد أنها استهدفت شحنة صواريخ إلى حزب الله. لكن الرئيس أوباما قال في مقابلة بعد ساعات على الغارات الإسرائيلية إن من حق إسرائيل أن تمنع وصول السلاح إلى حزب الله. وأضاف أوباما في مقابلة مع قناة تيليموندو الأميركية، التي تبث برامجها باللغة الأسبانية، أن الولايات المتحدة تنسّق تنسيقًا وثيقًا مع إسرائيل، مدركة أنها quot;قريبة جدًا من سوريا وقريبة جدًا من لبنانquot;.

ودأبت الإدارة الأميركية منذ بداية الأزمة السورية على القول إن سوريا أصلًا تعجّ بالسلاح، وإن إرسال المزيد لن يغير ميزان القوى لمصلحة المعارضة.

لكن تطورات حدثت في هذه الأثناء، منها تزايد ثقة الإدارة بالجيش السوري الحر، quot;وأن طاقم الأمن القومي والطاقم الدبلوماسي المحيط بالرئيسquot; يدعو الآن إلى قيام الولايات المتحدة بدور أكبر، وهي دعوة أخذت تكتسب زخمًا، رغم الحذر الذي يبديه مستشارو أوباما السياسيون، كما أفادت صحيفة واشنطن بوست، نقلًا عن مسؤول غربي رفيع، قالت الصحيفة إن حكومته تنسّق سياستها تجاه الأزمة السورية بصورة وثيقة مع واشنطن.

السلاح للموثوق بهم
ويبدو أن أعضاء في الكونغرس أعربوا سابقًا عن تحفظات على زيادة الدور الأميركي في النزاع السوري، يسلِّمون الآن بأنه لا مفرّ من ذلك الآن. وقال عضو مجلس النواب بيتر كنغ لشبكة سي إن إن quot;إذا قررنا تسليح المعارضة علينا أن نتأكد من عدم وقوع هذه الأسلحة بأيدي مؤيدين لتنظيم القاعدةquot;. وأعرب رئيس اللجنة الفرعية لتخصيصات العمليات الخارجية باتريك ليهي عن اعتقاده بأن أوباما يتجه إلى إرسال السلاح مباشرة إلى الفصائل التي تثق بها الإدارة الأميركية.

وحثّ زعيم الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب داتش روبنزبرغر على تحرك الولايات المتحدة بمشاركة الحلفاء وليس بمفردها، قائلًا quot;نحن لا نستطيع أن نكون شرطي العالم كله. إذ لدينا قضايانا الآن، بما في ذلك العراق وأفغانستان، وخفض الإنفاق في الداخل، وبالتالي فإننا عندما نتحرك علينا أن نتحرك في إطار ائتلافquot;.

ويبدو أن الغارات الإسرائيلية، التي جاءت عقب التقارير عن استخدام قوات الأسد أسلحة كيمياوية، دعمت وجهة نظر الداعين منذ فترة إلى تحرك أميركي مباشر لتسليح المعارضة.

وتحدث عضو مجلس الشيوخ ماكين بمفردات ملموسة عن شكل الدور الأميركي المطلوب، حين اقترح إقامة quot;منطقة آمنة وحمايتها وإرسال السلاح إلى الفصائل التي تقاتل من أجل المبادئ التي نؤمن بها نحنquot;.

دفاعات هشّة
وقال ماكين في حديثه لقناة فوكس نيوز إن السهولة التي يضرب بها الإسرائيليون أهدافًا في دمشق quot;تدحض حجة الجيش الأميركي بأن الدفاعات الجوية السورية ستكون عقبة في طريق إقامة منطقة حظر جوي فوق الأراضي التي تسيطر عليها المعارضةquot;. وأضاف ماكين quot;يبدو أن الإسرائيليين يخترقونها بسهولةquot;، وأن الخطر الأحمر الذي رسمه أوباما متوعدًا بعواقب وخيمة إذا استخدم الأسد أسلحة كيمياوية quot;كُتب على ما يبدو بحبر سريع الزوالquot;.

والتزمت إدارة أوباما جانب الحذر طيلة هذه الفترة، خشية أن يؤدي تدخل الولايات المتحدة إلى تفاقم الوضع. لكن دولًا حليفة للولايات المتحدة طعنت في تحفظات أوباما، ودعت إلى اضطلاع الولايات المتحدة بدور قيادي أقوى في جهودها لمساعدة المعارضة. وفي الوقت نفسه تعاظمت ثقة الولايات المتحدة بتماسك قوات الجيش السوري الحر وقيادة اللواء سليم إدريس رئيس هيئة أركانه.

وكان اللواء إدريس، الذي التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري في إسطنبول قبل أسبوعين، تعهد ألا تصل أسلحة إلى جماعات إسلامية متطرفة تقاتل مع المعارضة ضد جيش الأسد، وقال إن السلاح سيخضع لرقابة شديدة، ويعاد إلى مانحيه بعد انتهاء النزاع.

وسيتوجّه كيري خلال الأيام المقبلة إلى موسكو لدعوة الرئيس فلاديمير بوتين إلى التخلي عن دعم الأسد، والانخراط في المجهود الدولي لمنع انتشار الأسلحة الكيمياوية وإنهاء نزيف الدم في سوريا. ولكن مسؤولين في إدارة أوباما تحدثوا لصحيفة واشنطن بوست طالبين عدم ذكر أسمائهم أكدوا أنهم ليسوا متفائلين بنجاح مهمة كيري في موسكو.