تتصاعد اعداد الضحايا العراقيين نتيجة العبوات الناسفة التي تضرب مناطق العراق، ويتراشق رئيسا الحكومة والبرلمان الاتهامات حول المسؤولية عن ذلك، ما يهدد فعليًا إمكان انعقاد الجلسة البرلمانية.


دعا رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي أعضاء المجلس quot;إلى الحضور الفاعل للجلسة الطارئة التي ستعقد اليوم لمناقشة تداعيات الوضع الامني الخطير الذي تعيشه البلاد هذه الأيامquot;، كما قال في بيان صحافي تلقته quot;إيلافquot; الليلة الماضية. وأشار إلى أنه قد تنسب quot;استضافة وزيري الدفاع والداخلية والقادة الأمنيين لجهاز المخابرات وقيادة عمليات بغداد وقيادة عمليات دجلة لحضور الجلسة الاستثنائية لمناقشة التدهور الامني والتفجيرات الاخيرة التي طالت حياة المواطنين في عموم العراقquot;.
وجاءت هذه الدعوة رداً على مطالبة رئيس الوزراء نوري المالكي للنواب بعدم المشاركة في الجلسة الطائرة اليوم، متهمًا مجلس النواب بالمشاركة بتأزيم الأوضاع الأمنية في البلاد، وقال إنها ستساهم بتصعيد الأوضاع الأمنية وستتحول إلى سوق عكاظ.
واضاف المالكي خلال مؤتمر صحافي في بغداد امس بحضور نائبيه لشؤون الخدمات صالح المطلك والطاقة حسين الشهرستاني وعدد من الوزراء أن quot;كل الأداء الذي قدمه مجلس النواب كان واحداً من الأسباب التي أزّمت الأوضاع في البلد من خلال الطرح الطائفي والتصدي للجنود واتهامهم والتمييز بين دم ودم، ومن خلال الإعلامquot;.
واتهم مجلس النواب بأنه quot;شريك أساسي في الاضطرابات التي تشهدها البلادquot;، داعيًا أعضاء مجلس النواب quot;الذين يحرصون على ضرورة التهدئة إلى عدم الحضور إلى الجلسة الطارئة التي ستعقد اليوم لأننا إذا أردنا أن ننطلق انطلاقة صحيحة علينا أن ندعو إلى الهدوءquot;.
واشار الى أن الحكومة بصدد اجراء تغييرات في مواقع المسؤولين عن الامن في البلاد، وفي الخطط الامنية، بعد تزايد وتيرة العنف في الاسابيع الاخيرة. واعتبر المالكي أن العراق يشهد quot;عدم استقرار مجتمعي بسبب الفتنة الطائفية التي ارتبطت هذه المرة بمعطيات خارج الحدود وبصراعات طائفية في العراق ادخلها المفسدون والسيئون من الطائفيينquot;.
وجاء المؤتمر الصحافي للمالكي في وقت تشهد مناطق متفرقة من العراق سلسلة تفجيرات وهجمات دامية خلال الساعات الاخيرة قتل فيها حوالي 80 عراقيًا واصابة 350 آخرين ومقتل 24 شرطيًا، وقالت الشرطة ومسعفون إن 80 شخصاً قتلوا في تفجيرات سيارات ملغومة وهجمات انتحارية استهدفت مناطق متفرقة في اطار موجة من أسوأ اعمال العنف الطائفي منذ انسحاب القوات الأميركية نهاية عام 2011. وزادت التفجيرات عدد قتلى الاشتباكات الطائفية في الأسبوع الاخير الى اكثر من 200 شخص مع بلوغ التوتر الطائفي مرحلة يخشى البعض معها العودة إلى الصراع الأهلي.
ولم تعلن أي جماعة على الفور مسؤوليتها عن التفجيرات، لكن في العراق توجد عدة جماعات سنية مسلحة من بينها جماعة دولة العراق الإسلامية المنتمية للقاعدة، والتي تستهدف الشيعة سعيًا لاشعال فتيل صراع طائفي. وقد أدى هجوم للجيش العراقي على ساحة اعتصام في بلدة الحويجة بمحافظة كركوك الشمالية الشهر الماضي إلى موجة من العنف اسفرت عن سقوط أكثر من 700 قتيل الشهر الماضي طبقًا لأرقام الأمم المتحدة وهو أعلى عدد من القتلى في شهر واحد منذ نحو خمس سنوات. وفي أوج الصراع الطائفي في العراق عامي 2006 و2007 كان عدد القتلى يتجاوز أحيانًا ثلاثة آلاف في الشهر.
رئاسة البرلمان تقاضي رئيس الوزراء وخلافات حول طارئة اليوم
ورداً على اتهامات المالكي للبرلمان بالمشاركة في تأزيم اوضاع البلاد، قال محمد الخالدي مقرر مجلس النواب إن رئاسة المجلس ستلجأ الى مقاضاة رئيس الوزراء على اكثر من قضية اقلها سعيه الى الاخلال بعمل المؤسسات الدستورية.
واضاف أن رئاسة مجلس النواب سترفع دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء لما وجه من اهانة للمؤسسة الدستورية الأهم في الدولة العراقية. واشار في تصريح نقلته الوكالة الوطنية العراقية للانباء الى أن quot;ما صدر عن رئيس الوزراء في مؤتمره الصحفي يعتبر من الجرائم الماسة بسير العمل المنصوص عليها في قانون العقوبات العراقية رقم 224 365 229 المعدلquot;.
ويشهد انعقاد طارئة البرلمان اليوم خلافات بين القوى السياسية، ففيما قال ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي إن نوابه لن يشاركوا في الجلسة اليوم، اكدت القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي تأييدها لعقدها للوقوف على أسباب التدهور الأمني ووضع الخطط والأطر الكفيلة بإخراج العراق من نزيف الدماء المتواصل داعية جميع نوابها إلى قطع إجازاتهم والتوجه لبغداد لحضور الجلسة.
وشددت القائمة في بيان صحافي تلقته quot;ايلافquot; على quot;ضرورة المشاركة الفعالة والتعاون الكامل مع القوى الوطنية وشركائنا في العملية السياسية بما يضمن وحدة العراق وحقن الدماء الزكيةquot;.
ودعت quot;كافة القوى الاقليمية الى وقف التدخل في شأننا الوطني وأن تتبنى مواقف وسياسات ايجابية تصب في التقريب بين الفرقاء وتبتعد عن اسلوب تغذية الصراعquot;. وطالبت السكرتير العام للامم المتحدة وامين عام جامعة الدول العربية الى بذل اقصى المساعي الحميدة لنزع فتيل التوترات القائمة وخلق اجواء من التهدئة، وصولاً الى مقاربة مقبولة تزيل بؤر التوتر في منطقة تقف على برميل بارود متفجرquot;.
ومن جانبه، اكد فرات الشرع النائب عن كتلة المواطن بزعامة رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم أن كتلته ستحضر بكامل اعضائها جلسة البرلمان الطارئة اليوم واصفاً اياها بأنها خطوة مهمة لدعم الاجهزة الامنية بمواجهة الارهاب. وقال إن ما يشهده العراق من خروقات امنية مستمرة بحاجة ماسة لتطبيق الدستور واقرار ما نراه مناسباً لدعم الاجهزة الامنية.
اما النائبة عن كتلة الاحرار الصدرية النيابية مها الدوري دعتالقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي الى التنحي عن منصبه جراء ما تشهده البلاد من تفجيرات.
وقالت الدوري لوكالة كل العراق: quot;الى متى يبقى المالكي يتفرج والدم العراقي يسيل والى متى نصحو في كل يوم على ايام دامية وانفجارات تفجعنا باعزتنا وابنائنا واوجه خطابي الى المالكي واقول له إن الفرصة اليوم امامك لتحقن دماء الشعب العراقي وتحافظ على وحدة الصف بتنحيك عن رئاسة الوزراء والتنازل لأي شخص داخل التحالف الوطني فغدا امام الله لاطاقة لك بهذا السيل من الدماء فاعقلها وتوكل على الاقل من اجل نفسك امام اللهquot;.
وأضافت: quot; فالمسؤولية الشرعية الضامنة في حماية امن الشعب العراقي كلها تقع على عاتقك يا رئيس الوزراء لانك وحدك من تتصدى لهذه المسؤولية الكبرى فاتقِ الله في نفسك واتقِ الله في شعبك وارفض صوت حاشيتك فإنها تريد بقاءك من اجل بقاء مصالحها الدنيويةquot;.
وكان النجيفي دعا السبت الماضي الى عقد جلسة نيابية طارئة بحضور مسؤولين أمنيين وعسكريين بهدف مناقشة التدهور الامني في البلاد في وقت تتواصل اعمال العنف، وقال quot;إن هدف هذه الجلسة مناقشة ملابسات التدهور الخطير وتقديم التفسيرات المقنعة والمهنية الى الشعب العراقيquot;.
واعتبر النجيفي في بيانه أن الاسبوع الاخير quot;واحد من اشد اسابيع العراق دمويةquot;، مشيرًا الى أن هذا الامر يدل quot;على عمق الفشل المنكر للحكومة والاجهزة الامنية واخفاقاتها المتتالية في حماية المواطنينquot;. ورأى أن العراق يعيش quot;تداعيات خطيرة quot;نتيجة هذا التدهور المريب الذي تقف خلفه قوة ظلامية تهدف الى اشعال الفتنة بين مواطنيه واضعاف ارادته وعزمه ووحدته وتمزيق نسيجه الاجتماعيquot;.
وعلى الصعيد نفسه، دعا المالكي الاحد الماضي الى اقامة صلاة موحدة بين السنة والشيعة كل يوم جمعة في بغداد، بعد تزايد استهداف مساجد الطرفين في الاسابيع الاخيرة. وقال المالكي في بيان وزعه مكتبه الاعلامي إن quot;الصلاة الموحدة يفهم منها أنها تجمع العراقيين من السنة والشيعة وهذا ما نتمناه فالصلاة الموحدة الحقيقية يجب أن تجمع المسلمين بكل طوائفهم في مسجد واحدquot;. واضاف quot;ادعو الى اقامة صلاة موحدة بهذا الشكل في احد مساجد بغداد الكبيرة وتستمر بصورة دائمة كل يوم جمعةquot;.
وقال إن quot;الذين يستهدفون المساجد هم اعداء السنة والشيعة على حد سواء ويخططون لاشعال الفتنة وهو مخطط قديم يُراد احياؤهquot;. وناشد quot;علماء الدين الافاضل الى القيام بواجبهم بنبذ الطائفية والفرقة والدعوة الى وحدة الصفquot;.. مؤكدًا أن quot;توجيهاتنا الى الاجهزة الامنية بحماية جميع المساجد ودور العبادة واضحة ومشددة ولا تساهل مع أي تقصير في هذا المجالquot;.
وفي واحد من أعنف الهجمات ضد دور العبادة قتل 41 شخصًا واصيب العشرات بجروح في انفجار عبوتين ناسفتين الجمعة استهدفتا مصلين قرب مسجد سني وسط بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد)
وذلك غداة مقتل 12 شخصًا في هجوم انتحاري بحزام ناسف عند مدخل حسينية في كركوك (240 كلم شمال بغداد) مساء الخميس.