في خطوة تكريمية تبعث اشارة رفض لاستخدام الاسلحة المحرمة ضد الشعوب، فقد أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق عن تحويل مدينة حلبجة التي اشتهرت في العالم اثر فقدانها لخمسة آلاف من سكانها سقطوا ضحايا ضرب النظام السابق لها بالاسلحة الكيمياوية الى محافظة رابعة للإقليم، ولتكون المحافظة العراقية 19 .. وذلك بالتزامن مع الاعلان عن ترؤس رئيس الوزراء نوري المالكي اجتماع حكومته الاسبوعي في مدينة اربيل عاصمة الاقليم الاحد المقبل واجراء مباحثات مع بارزاني لحل الخلافات بين الطرفين.

قررت حكومة اقليم كردستان اعلان قضاء حلبجة بمحافظة السليمانية العراقية الشمالية، محافظة رابعة تُضم الى محافظات الاقليم الثلاث الحالية أربيل والسليمانية ودهوك . وجاء القرار عقب نقاش أجرته الحكومة لتقرير وضعته حول هذا الموضوع لجنة رسمية عليا تضم وزراء الداخلية والتخطيط والعدل ومحافظ السليمانية ونائب رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء، اضافة الى بحث النواحي القانونية والإدارية للقرار ووضع حدود للمحافظة الجديدة.
وبعد مناقشات مستفيضة ومفصلة تمت المصادقة على تقرير اللجنة وتقرر بموجب الدستور العراقي اتخاذ الخطوات اللازمة للحصول على موافقة مجلس الوزراء الاتحادي على هذا الاجراء . واعلن رئيس الحكومة نجيرفان بارزاني عن منح المحافظات الكردستانية صلاحيات جديدة توسع من مسؤولياتها من اجل تقليل نسبة كبيرة من المشاكل التي تواجهها ومعالجتها.
ووافقت الحكومة على أن تتشكل محافظة حلبجة من أقضية حلبجة وشارزور وسيد صادق وبنجوين فيما ستكون حلبجة عاصمة المحافظة .
ومن الناحية القانونية، يتطلب تحويل قضاء حلبجة الى محافظة تقديم طلب من الإدارة المحلية مصدقاً من مجلس محافظة السليمانية إلى مجلس النواب العراقي تمهيدًا لرفعه إلى رئاسة الوزراء بعد مصادقة المجلس عليه.
وقال النائب عن التحالف الكردستاني قاسم محمد إن قرار حكومة الاقليم بتحويل قضاء حلبجة الى محافظة رابعة بإقليم كردستان لم يكن وليد احداث الساعة وانما تم اطلاق هذه الفكرة قبل ثلاث سنوات مضت . واضاف قاس أن معوقات ادارية وقانونية كانت تحول دون تحقيق هذا الامر، مشيرًا الى أن هذه المعوقات قد حلت الآن ما نتج عنه اعلانها بشكل رسمي كمحافظة رابعة داخل حدود الاقليم.
ويتبع قضاء حلبجة محافظة السليمانية على حدود اقليم كردستان العراقي مع إيران وتعرضت المدينة للقصف بالاسلحة الكيمياوية التي استخدمها النظام السابق ضد سكانها في السادس عشر من آذار (مارس) عام 1988 ما تسبب في مقتل 5 آلاف من سكانها واصابة نحو 20 الفًا آخرين، حسب ما اوردتها احصاءات وتقارير رسمية محلية ودولية.
ويتشكل إقليم كردستان حالياً من ثلاث محافظات هي اربيل العاصمة ودهوك والسليمانية بينما يتنازع مع بغداد على محافظة كركوك ومناطق أخرى من محافظات نينوى الشمالية وديالى في الوسط وصلاح الدين بالغرب. وكان نيجيرفان بارزاني قد وعد في مراسم احياء الذكرى الـخامسة والعشرين لقصف مدينة حلبجة في 16 اذار الماضي بتحويل قضاء حلبجة إلى محافظة.
وتبعد حلبجة عن الحدود الإيرانية بحوالي 15 كيلومتراً وتقع على بعد 240 كيلومتراً شمال شرق بغداد وتعرضت في اذار 1988 لمعركة عنيفة بين القوات العراقية والايرانية خلال حربهما بين عامي 1980 و1988 دارت رحاها لعدة أيام واستخدمت فيها الأسلحة الكيمياوية.
والهجوم الكيماوي على حلبجة حدث في الأيام الأخيرة للحرب العراقية ـ الإيرانية، حيث كانت المدينة محتلة من قبل الجيش الإيراني وعندما تقدم إليها الجيش العراقي تراجع الإيرانيون إلى الخلف فقام العراقيون قبل دخولها بقصفها بغاز السيانيد مما أدى إلى سقوط هؤلاء الضحايا من الاكراد العراقيين من أهالي المدينة. وقد ادعت السلطات العراقية أن الهجوم قامت به القوات الإيرانية فيما اتهمت هذه الجيش العراقي بذلك .
وتشير شهادات لسكان المدينة الى أنه في الساعة الحادية عشرة والنصف قبل ظهر يوم 16 اذار من عام 1988 امتلأت اجواء المدينة باسراب من الطائرات القاصفة يحمل بعضها بالونات لمعرفة اتجاه الريح وكان عدد الاسراب يتراوح بين 6 الى 12 طائرة تتناوب بقصف مكثف على المنازل والمزارع والشوارع والناس، فما كان من السكان الا الفرار العشوائي باتجاه الجبال وهربت مجموعات منهم إلى إيران وأخرى إلى السليمانية.
وقد اعتبر هذا الهجوم ابادة جماعية وأكبر هجمة كيماوية وُجّهت ضد سكان مدنيين هم الاكراد، وهو أمر يتفق مع وصف الإبادة الجماعية في القانون الدولي والتي تكون موجهة ضد جماعة أو عرق بعينه بقصد الانتقام أو العقوبة.
ويبلغ عدد سكان حلبجة حوالي 100 الف نسمة وتقع على ارتفاع 1770 قدماً عن سطح البحر في وسط سهل شارزوور على الاراضي الزراعية .
المالكي يعقد الاحد اجتماع حكومته بأربيل في خطوة لحل الخلافات
كشف المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي علي الموسوي أن اجتماعًا للحكومة العراقية سيعقد في أربيل عاصمة اقليم كردستان الشمالي الاحد المقبل وسيكون مشتركًا بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم.
وقال الموسوي إن اجتماع مجلس الوزراء العراقي سيعقد في اربيل كما حصل في اوقات سابقة في الجلسات التي عقدت في البصرة والموصل وغيرهما من المحافظات العراقية . وأضاف quot;ستجمع الجلسة المشتركة للحكومتين الاتحادية وحكومة الاقليم ولا يوجد شيء ضمن جدول الجلسة الخاص بالاقليمquot;، كما نقل عنه موقع المسلة المقرب من حكومة بغداد. وأوضح أنه سيتم اعداد جدول الجلسة قبل يومين من انعقادها ومن الطبيعي أن يلتقي رئيس الوزراء بالشخصيات السياسية في الاقليم .
ويخيّم جو من التفاؤل بين الأوساط السياسية العربية الكردية ينبئ بانفراج الأزمة في العلاقات بين أربيل وبغداد إثر توقيع الاتفاق التي توصل إليه رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مؤخرًا، حيث استأنف معظم المسؤولين الكرد مهامهم الرسمية في بغداد بعد مقاطعة دامت عدة أسابيع.
وشهدت العلاقة بين بغداد وأربيل توتراً يتعلق بخلافات سياسية ودستورية وبعض الملفات العالقة أبرزها التعاقدات النفطية للإقليم وإدارة الثروة النفطية والمادة 140 من الدستور الخاصة بتطبيع الأوضاع في المناطق المختلف بشأنها اداريًا، وإدارة المنافذ الحدودية والمطارات وتسليح قوات البيشمركة وغيرها من الصلاحيات الإدارية والقانونية.
ويأتي الاعلان عن اجتماع الحكومة العراقية في اربيل بعد يوم من تصريحات لرئيس اقليم كردستان
مسعود بارزاني هدد فيها بأن الاقليم سيضطر للبحث عن quot;شكل جديد من العلاقاتquot; مع الحكومة المركزية في بغداد اذا فشلت المفاوضات في حل نزاعات بشأن النفط والارض.
وقال بارزاني إن الجولة الحالية من المحادثات التي بدأت الشهر الماضي هي الفرصة الأخيرة لانهاء النزاع الذي تسبب في توتر شديد داخل الاتحاد الفيدرالي في العراق. وكان بارزاني لمح من قبل الى استقلال المنطقة الكردية بشكل كامل عن العراق. واشار الى أن quot;المحادثات الحالية هي الفرصة الأخيرة. حدث تخفيف في موقفهم (في بغداد) لكن من الناحية العملية لم يحدث تقدم.quot; وأضاف: quot;إما أن نتمكن من التوصل الى اتفاق...او سيكون علينا أن نفكر في شكل جديد من العلاقات بين المنطقة وبغداد.quot;
وشدد بالقول quot;إنه هدف الشعب الكردي كله وهذا حق. أعتقد أن هذا سيكون الحل النهائيquot;.
وسيكون للطريقة التي تحسم بها القضية تأثير كبير على شركات نفط مثل إكسون موبيل، وتركيا جارة العراق التي أغضبت بغداد وواشنطن بتعزيزها العلاقات في مجال الطاقة مع كردستان العراق.
ويتبنى اقليم كردستان الشمالي الذي يضم من 4.5 ملايين شخص سياسات خارجية ونفطية مستقلة بشكل متزايد أثارت غضب بغداد لدرجة أن الجانبين نشرا قوات لتعزيز مواقعهما على طول الحدود الداخلية المتنازع عليها. وحتى لو أمكن التوصل الى تسوية مع بغداد سيظل الهدف النهائي لبارزاني هو إقامة دولة. وهو محارب سابق ولد عام 1946 في جمهورية مهاباد الكردية التي لم تدم طويلاً.
ويصل عدد الاكراد المقسمين بين ايران وسوريا وتركيا والعراق الى أكثر من 25 مليونًا وعادة ما يوصفون بأنهم أكبر جماعة عرقية في العالم دون دولة خاصة بها.
ويلعب النفط دوراً هامًا في تحقيق هذا الطموح. وخلال السنوات القليلة الماضية وقع الاكراد عقوداً بشروطهم مع شركات نفط مثل إكسون موبيل وتوتال وشيفرون. وأغضب هذا الحكومة المركزية التي تصر على أنها وحدها صاحبة الحق في السيطرة على عمليات التنقيب عن النفط في العراق.
ويقول الاقليم إن الدستور يسمح له باستغلال الاحتياطيات الموجودة في اراضيه وهو يمد حاليًا المرحلة الاخيرة في خط أنابيب مستقل للتصدير يمكنه من تجاوز الحكومة المركزية وتصدير ما يصل إلى 300 ألف برميل يومياً إلى الأسواق الدولية من خلال تركيا.