مع انحيازه لإرادة الشعب المصري، فإن رجل مصر القوي الآن الفريق أول عبدالفتاح السيسي يلغي عن شخصيته العسكرية المحايدة ما كان وصف به حين تقلد منصبه الحالي كقائد عام للقوات المسلحة ووزير للدفاع انه quot;إسلامي الهوىquot;، لكنه سيدخل التاريخ على أنه أول رجل كسر quot;التابوهquot; الذي حاول الإخوان المسلمين فرضه على مصر من خلال رئاسة محمد مرسي الذي كان يأتمر بقرارات من مرشد الجماعة.

لقد كان لتصريح الفريق أول السيسي يوم 24 حزيران (يونيو) 2013 بانحياز الجيش لإرادة الشعب، الأثر الكبير في تحريك جماهير الشباب لإسقاط حكم الإخوان المسلمين بعد أن تجاوز الرئيس محمد مرسي quot;الخط الأحمرquot;.

من بعد أن خلف المشير حسين طنطاوي الذي كان يعتبره ابنهquot; ساهم السيسي في إعادة بناء صورة الجيش المصري، التي تمت إثارة الكثير من الجدل حولها بسبب قرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تسلم البلاد عقب سقوط مبارك.

غير أن العلاقات بين الرئيس مرسي والجيش بدأت بالتدهور بعد التجمع الذي عقد في الــ 15 من حزيران (يونيو) حيث تجاوز مرسي الخط الأحمر.

بعدها بأيام أكد الجيش أن مهمته تقتصر على حماية البلاد، كما حذر الفريق السيسي من دخول البلاد في نفق مظلم من الصراع والحروب ما يهدد مؤسسات الدولة.

أما الحدث الأهم، فكان انذار يوم الاثنين، في الأول من تموز (يوليو) الذي وقعه ولم يقرأه السيسي، بمنح جميع الأطراف التوصل الى حسم خلال 48 ساعة انتهت بعد ظهر الآربعاء.

نبذة

يذكر ان الفريق اول السيسي مولود العام 1954 ومن مؤهلاته: بكالوريوس العلوم العسكرية عام 1977، ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان عام 1987، ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان البريطانية عام 1992، زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام 2003 ، زمالة كلية الحرب العليا الأميركية عام 2006 .

وكان الفريق اول أصغر أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة سنًا قبل اختياره لمنصبه، وتولى قبل ذلك مهام: رئيس فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع، قائد كتيبة مشاة ميكانيكي، ملحق دفاع بالمملكة العربية السعودية، قائد لواء مشاة ميكانيكي، قائد فرقة مشاة ميكانيكي (الفرقة الثانية)، رئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية، قائد المنطقة الشمالية العسكرية ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع

إرادة الشعب

وما خطف الانتباه بالنسبة لرجل مصر القوي هو رده غير مباشر على تهديدات قيادات اسلامية بالتصدي بالقوة لتظاهرات 30 حزيران (يونيو) الماضي، حيث كان السيسي أكد في تصريحات علنية في 24 يونيو انحياز الجيش quot;لإرادة الشعبquot;، وقال إن quot;الموت أشرف لنا من ان يمس أحد من شعب مصر في وجود جيشهquot;، مضيفا quot;ليس من المرؤة ان نصمت أمام تخويف وترويع أهالينا المصريينquot;.

مواقف السيسي

وحينها، صرح الفريق أول عبدالفتاح السيسى بالآتي :

- القوات المسلحة على وعي كامل بما يدور فى الشأن العام الداخلى دون المشاركة أو التدخل لأن القوات المسلحة تعمل بتجرد وحياد تام... وولاء رجالها لمصر وشعبها العظيم .

- القيادة العامة للقوات المسلحة الحالية منذ توليها المسئولية في آب (أغسطس) الماضي أصرت أن تبتعد بقواتها عن الشأن السياسي وتفرغت لرفع الكفاءة القتالية لأفرادها ومعداتها... وما تم من إنجازات فى هذا الشأن خلال الثماني أشهر السابقة يمثل قفزة هائلة .

- هناك حالة من الإنقسام داخل المجتمع وإستمرارها خطر على الدولة المصرية ولابد من التوافق بين الجميع ويخطئ من يعتقد أن هذه الحالة فى صالح المجتمع ولكنها تضر به وتهدد الأمن القومي المصري .

- يخطئ من يعتقد أننا فى معزل عن المخاطر التى تهدد الدولة المصرية ولن نظل صامتين أمام إنزلاق البلاد فى صراع يصعب السيطرة عليه .

- أؤكد أن علاقة الجيش والشعب علاقة أزلية، وهى جزء من أدبيات القوات المسلحة تجاه شعب مصر ... ويخطئ من يعتقد بأنه بأى حال من الأحوال يستطيع الإلتفاف حول هذه العلاقة أو إختراقها.

- إرادة الشعب المصرى هى التى تحكمنا ونرعاها بشرف ونزاهة ... ونحن مسئولين مسئولية كاملة عن حمايتها ولا يمكن أن نسمح بالتعدى على إرادة الشعب.

- ليس من المروءة أن نصمت أمام تخويف وترويع أهالينا المصريين والموت أشرف لنا من أن يمس أحداً من شعب مصر فى وجود جيشه .

- الإساءة المتكررة للجيش وقياداته ورموزه هى إساءة للوطنية المصرية والشعب المصرى بأكمله هو الوعاء الحاضن لجيشه ولن تقف القوات المسلحة صامته بعد الآن على أى إساءة قادمة تُوجه للجيش... وأرجو أن يدرك الجميع مخاطر ذلك على الأمن القومي المصري.

- الجيش المصري كتلة واحدة، صلبة ومتماسكة، وعلى قلب رجل واحد، يثق فى قيادته وقدرتها.

- القوات المسلحة تجنبت خلال الفترة السابقة الدخول فى المعترك السياسي، إلا أن مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية تجاه شعبها تفرض عليها المتابعة الدقيقة وتأمل فى عدم إنزلاق مصر فى نفق مظلم من الصراع أو الإقتتال الداخلى أو التجريم أو التخوين أو الفتنة الطائفية أو إنهيار مؤسسات الدولة .

- القوات المسلحة تدعو الجميع دون أى مزايدات حفاظاً على الشرعية، لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها ولدينا من الوقت quot;أسبوع quot; يمكن أن يتحقق خلاله الكثير ... وهى دعوة متجردة إلا من حب الوطن وحاضرة ومستقبله
السياسيون والصحفيون المصريون الذين تعرفوا على الجنرال الصاعد يؤكدون أن همه الأساسي منذ توليه منصبه كوزير للدفاع في اغسطس الماضي كان رد الاعتبار للجيش المصري وانه، مثل الغالبية العظمي من قيادات الجيش الحاليين والسابقين، يشعر quot;بغصةquot; من شعار quot;يسقط حكم العسكرquot; الذي ارتفع في التظاهرات أثناء فترة حكم المجلس العسكري.

والى ذلك، فانه في الحديث عن شخصية السيسي، فإن الكاتب في صحيفة (الشروق) عبد الله السناوي، الذي التقى السيسي مرات عدة، قال ان الجنرال البالغ من العمر 58 عاما والذي انضم للمؤسسة العسكرية في العام 1977 quot;ابدى بوضوح تأسيه لما لحق بصورة الجيش ومصداقيتهquot; خلال إدارته للمرحلة الانتقالية عقب إسقاط مبارك.

علاقة الطنطاوي

ورغم أن السيسي لا ينسي للمشير حسين طنطاوي، بحسب السناوي، انه كان دائما يعتبره quot;ابنهquot; وانه كان وراء تدرجه في القيادة حتى أصبح رئيسا لجهاز المخابرات الحربية، فانه يدرك الاخطاء التي ارتكبت والمشكلات التي كانت تعاني منها المؤسسة العسكرية.

وقال السيسي نفسه أكثر من مرة بعد توليه قيادة الجيش إن تركيزه الأساسي سيكون على quot;رفع الكفاءة القتالية للقوات المسلحةquot;.

ولكن الجنرال، الذي جدد الدماء في قيادة الجيش المصري، quot;يرفض أي اختراق للقوات المسلحة من جماعة الإخوان المسلمين أو أي حركة سياسية أخرىquot;، وفق السناوي.

ويعرف السيسي جيدًا العديد من قيادات الإخوان وهم يعرفونه جيدا إذ أن الرجل أدار، بعد سقوط مبارك، حوارات عديدة مع الاحزاب والحركات السياسية المختلفة والتقى مرات عدة قيادات الاخوان المسلمين.

ويشار في الختام، إلى أنه عندما عينه محمد مرسي وزيرا للدفاع العام الماضي، سرت شائعات وتكهنات بانه quot;اسلامي الهوىquot;ولكن السناوي يؤكد أنه quot;مثل الغالبية العظمى من المصريين رجل متدين وقومي النزعة وهو معجب مثل الكثيرين من أبناء المؤسسة العسكرية بشخصية جمال عبد الناصرquot;.