في خطوة تأخرت عدة ساعات، رحبت قطر بالتغيير الذي حصل في مصر، والذي أطاح بمحمد مرسي من كرسي الرئاسة، وأكدت الدوحة أنها quot;ستظل سنداً وداعماً لجمهورية مصر لتبقى قائداً ورائداً في العالمين العربي والاسلاميquot;.


في شكل لافت لحقت دولة قطر الخميس بشقيقاتها في دول الخليج العربي ورحبت برئيس مصر الانتقالي المستشار عدلي منصور، وبالقرارات التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان المسلمينالخميس، في محاولة على ما يبدو لانقاذ هيبتها الدبلوماسية بعد الاطاحة بالرئيس الإسلامي الذي دعمته بمليارات الدولارات.
وبعث حلفاء قطر في مجلس التعاون الخليجي ومنهم السعودية والامارات والكويت والبحرين رسائل تهنئة إلى منصور في وقت سابق.
ويظل السؤال المطروح الآن عن مصير الداعية القطري الجنسية (المصري الأصل) يوسف القرضاوي الذي كانت معلومات تواترت عن طرده من الأراضي القطرية وسحب الجنسية القطرية منه، بينما نفت مصادره ذلك.
وكان القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وصل الى القاهرة آتيًامن تركيا السبت الماضي قبل ساعات من اندلاع مظاهرات 30 يونيو/ حزيران.
ولا يُعرف إلى الآن أية معلومات عن مكان تواجد القرضاوي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وحينها أفادت مصادر في المطار بأن القرضاوي وصل على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية المصرية قادمة من مدينة إسطنبول التركية.
ونفت مصادر مقربة من القرضاوي صحة ما تداولته وسائل الإعلام عن أن أمير قطر الجديد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمر بطرد القرضاوي من قطر، وسحب الجنسية منه.
وبعث أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الحكومة الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني برقيات للرئيس المصري الموقت عدلي منصور، وعبرا عن تمنياتهما له بالنجاح في مهامه.
دعم مصر
واعلنت دولة قطر الخميس على لسان مصدر مسؤول بوزارة الخارجية القطرية بأنها quot;ستظل سنداً وداعماً لجمهورية مصر العربية الشقيقة لتبقى قائداً ورائداً في العالمين العربي والاسلاميquot;.
وأكد المصدر في تصريح لوكالة الانباء القطرية أن سياسة دولة قطر كانت دائماً مع إرادة الشعب المصري الشقيق وخياراته بما يحقق تطلعاته نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وقد تجلى ذلك واضحاً في موقفها في ثورة 25 يناير 2011، ودعم مصر في المراحل الصعبة التي تلتها. وستظل قطر تحترم إرادة جمهورية مصر العربية والشعب المصري بكل مكوناته.
وأشاد المصدر بالدور الذي تضطلع به القوات المسلحة المصرية في الدفاع عن مصر وأمنها القومي، مؤكداً على ضرورة تعزيز اللحمة الوطنية بين جميع أبناء الشعب المصري الشقيق وتغليب مصالحه وإرادته وفقاً لثوابت ثورة 25 يناير المجيدة ومكتسباتها، ومن أجل تحقيق أهدافها.
وأكدت دولة قطر على استمرار علاقاتها الأخوية المتميزة مع جمهورية مصر العربية والعمل على تنميتها وتطويرها بما يخدم مصالح البلدين الشقيقين وشعبيهما.
حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه.
وكانت قطر البلد الوحيد في المنطقة الذي ساند انتفاضات الربيع العربي، وأثارت مساعداتها لحكم الاخوان المسلمين في مصر قلق دول الخليج التي تعتبر الجماعة تهديدًا محتملاً لسلطاتها.
وقدمت قطر قروضًا قيمتها 7.5 مليارات دولار لمصر منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، وكان أغلب ذلك الدعم خلال حكم الرئيس المعزول محمد مرسي الذي انتخب في يونيو حزيران 2012.quot;وأن رفض الامير تقسيم الدول العربية على أساس طائفي ومذهبي يؤكد سياسة قطر التاريخية القائلة: إن دور قطر يجمع المختلفين ولا يفرق أبناء البلد الواحد أو يدعم فئة ضد أخرى.
وأطاح الجيش بمرسي يوم الأربعاء وأدى رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور اليمين القانونية الخميس رئيسًا موقتًا للبلاد.
ولم يتطرق بيان وزارة الخارجية القطرية بالذكر إلى مرسي أو جماعة الاخوان وهو إغفال لافت من جانب بلد استخدم ثروته التي تعتمد على الطاقة لمواصلة ما اعتبر على نطاق واسع سياسة خارجية مؤيدة للإسلاميين.
وتصدرت قطر دول الخليج العربية في الماضي في الترحيب بالتغيير في الشرق الأوسط غير أنها تأخرت بضع ساعات عن الآخرين هذه المرة.
وأزعج دعم قطر الصريح للمعارضين المسلحين في سوريا الولايات المتحدة وبعض الحلفاء العرب خشية وقوع الأسلحة التي تقدمها الدوحة للمقاتلين في أيدي متشددين من امثال القاعدة هناك.
ولعبت قطر في السابق دورًا محوريًا في دعم الانتفاضة المسلحة التي أطاحت بالزعيم الليبي معمر القذافي في 2011.
اقل محاباة للاسلاميين
وأثار تولي الشيخ تميم السلطة في قطر الاسبوع الماضي تكهنات بأنه ربما يتبنى سياسة أقل محاباة للإسلاميين الآن بعد استبعاد الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني من منصبي رئيس الوزراء ووزير الخارجية في أول تغيير وزاري يجريه الأمير.
ونقل تقرير لـ (رويترز) عن جين كينينمونت خبيرة شؤون الخليج لدى معهد تشاتام هاوس البحثي في لندن قولها إن خطاب الشيخ تميم لدى توليه السلطة في 26 يونيو حزيران يشير إلى أنه ربما يرغب في إصلاح العلاقات بدرجة ما مع حكام الخليج.
وقال الشيخ تميم quot;لا نحسب على تيار ضد آخرquot; وهي عبارة اعتبر على نطاق واسع أن المقصود بها جماعة الإخوان المسلمين. واضاف أن قطر ستحافظ على التزاماتها تجاه التعاون العربي في إطار مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية.
وقالت كينينمونت إن قطر تواجه ضغطًا منذ بعض الوقت لإعادة التوازن بين اولوياتها الخارجية. وأضافت أنه في ظل الاضطرابات في مصر فإن القطريين quot;لن يرغبوا في أن تنظر الحكومة الجديدة هناك (في مصر) إليهم باعتبارهم اعداءquot;.
وقال مايكل ستيفنز الباحث لدى المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن والمقيم في الدوحة إن قطر لم يكن أمامها من خيار سوى تهنئة منصور.
وقال quot;قطر في وضع أطيح فيه بحليفها .. وبلغ احتمال فقدها لنفوذها في مصر مستوى حرجا.quot;
وختم، ستيفنز: quot;الرياح تهب حاليا في اتجاه معين وتعين عليهم الابتعاد عن طريقها. أي شيء يمكنهم فعله الآن لإعادة ضبط العلاقات هو تحرك إيجابيquot;.
ضربة موجعة لقطر
وكانت صحيفة الفايننشال تايمز اللندنية نشرت مقالاً الخميس تشرح فيه تأثير تنحية الرئيس محمد مرسي على السياسة الخارجية القطرية، وتعتبر إزاحة مرسي من الرئاسة في مصر ضربة موجعة لقطر التي راهنت على الإخوان المسلمين.
ويذكر كاتب المقال أن المراقبين كانوا يتخوفون على أمير قطر الجديد، وعمره 33 عاماً، من تقلبات المنطقة، لكنهم لم يكونوا يتوقعون أن يحدث ذلك خلال أسبوع فقط، حيث سقطت الحكومة التي يقودها الإخوان المسلمون في مصر.
فالدوحة، في رأيه، كانت مركزاً لدعم الإسلاميين في دول الربيع العربي. وقد منحت مساعدات بقيمة 8 مليارات دولار لمصر ما بعد مبارك، ولا بد أن تتأثر مصداقيتها بذهاب الرئيس محمد مرسي وحكومته.
وأضاف كاتب المقال أن أمير قطر الجديد ألمح إلى ميله نحو الاعتدال في السياسة الخارجية، لكنّ المحللين يعتقدون أن أي تغيير في سياسة قطر الخارجية لابد أن يتم تدريجياً، لأن موقعها ترسخ بشكل كبير.
وعكس قطر، كانت دول خليجية مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية غير مرتاحة لصعود الإخوان المسلمين في مصر، وهي الآن مستعدة لصب الأموال من أجل مساعدة السلطة البديلة، بحسب الكاتب.
وينقل كاتب المقال عن خبير اقتصادي قوله إن قطر أخطأت في تعاملها مع الوضع في ليبيا، وأخطأت في تعاملها مع الوضع في سوريا، وهي تخسر اليوم مليارات الدولارات التي صرفتها لحكومة محمد مرسي.