مصر المقسومة تشهد حربًا ضروساً بين من يريد مرسي رئيسًا ومن لا يريده سجينًا. وقد وصلت هذه الحرب إلى أروقة المستشفيات، التي تشهد اشتباكات بين عائلات تناقضت انتماءاتها.


منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، تحوّلت مصر إلى ساحة مقسّمة بين مؤيدي الإخوان المسلمين ومعارضيهم، في ظل ارتفاع المخاوف من أن يشهد هذا الانقسام المزيد من التصعيد نحو الاشتباك العنيف.

وتدفقت العائلات المصرية إلى المستشفيات للاطمئنان إلى الذين أصيبوا في قتال الشوارع في الليلة السابقة. لكن الندوب فتحت مرة أخرى اليوم في أروقة مستشفى قصر العيني في القاهرة، فاشتبكت العائلات مع بعضها البعض بسبب انتماءاتها المتناقضة.

مسلمون وعلمانيون!
quot;ما تقومون به حرامquot;، صاح رجل بآخر من مؤيدي الرئيس المخلوع، فأجابه: quot;ماذا تعرف أنت عن الإسلام؟quot;، في إشارة إلى أنه من مؤيدي المعارضة العلمانية. وما أن انتهى من كلامه، حتى رفعت السكاكين والأسلحة البيضاء بين عائلتي المؤيد والمعارض، على الرغم من أن الاثنين مصابان ويتعالجان في المستشفى نفسه.

قال محمد سلطان، ممرض في المستشفى المترامية الأطراف على طول نهر النيل: quot;هذه المتاعب سوف تستمر، ولن تنتهي بسهولةquot;، وهو عالج عشرات الجرحى في المعركة التي اندلعت بين عشية وضحاها، بين المؤيدين والمعارضين لمرسي خارج جامعة القاهرة القريبة. أضاف: quot;هناك متطرفون إسلاميون يقولون إنهم يقاتلون من أجل رئيسهم ودينهم. أما الآخرون فيقولون إنهم يدافعون عن حريتهمquot;.

نحمل أكفاننا!
ما أن تدخل الجيش لعزل مرسي، تحوّلت مصر إلى أرض مقسومة بين الإخوان والمعارضين لحكمهم في البلاد، فيما يسود القلق من أن يؤدي الخلاف إلى اشتباكات دموية عنيفة. مشاهد الصراع في مصر كلها مألوفة، وفقًا لصحيفة لوس أنجيليس تايمز، التي نقلت صور الحواجز والشوارع المحروقة والزجاج المحطم والجثث التي تم سحبها من مواقع إطلاق النار والدخان.

واعتبرت الصحيفة أن تعميق الخلافات بين المتظاهرين يعرّض الأمة للخطر، بعد عامين من الاضطرابات. وقد أدى العداء السياسي والديني إلى غليان في الشارع المصري، إذ إن كل فريق يعتقد أنه يمثل أحلام الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم العربي.

أدت الاشتباكات بين الإسلاميين، الذين يدعمون الإخوان المسلمين، وبين القوى العلمانية، التي تدعم الجنرال عبدالفتاح السيسي، إلى سقوط عشرات القتلى، وأغرقت القاهرة والإسكندرية ومدنًا أخرى في توترات بين المعسكرين المتنافسين، تغذيها نظريات المؤامرة والمسلحين بالعصي والبنادق والسكاكين والمقاليع والدروع.

وقال وحيد جلال، مشرف على أحد المصانع، جلس في الظل لقراءة القرآن مع المئات من أنصار مرسي خارج حرم جامعة القاهرة: quot;السيسي ارتكب أكبر خطأ في التاريخ، لقد قسّم الشعب المصريquot;. أضاف: quot;الإسلاميون معًا يدًا واحدة، هذه الحرب ليست فقط ضد الإخوان، بل ضد الإسلام أيضًا، ولن نرحل حتى يعود مرسي إلى الرئاسة، سنبقى هنا حتى نموت، فقد جئنا إلى هنا نحمل أكفاننا، إما أن تعود الشرعية أو نموتquot;.

حروب ثأرية في المستشفى
أشارت لوس أنجيليس تايمز إلى أن مناصري مرسي يلقون باللوم على المسيحيين والولايات المتحدة وإسرائيل بتهمة التآمر ضدهم. في مسجد صلاح الدين، تروي الحشود قصة مختلفة. quot;خمسة أشخاص قتلوا هنا الليلة الماضيةquot;، كما قال جمال قنديل، مشيرًا إلى الجسر الذي يغصّ بالزجاج والحجارة والأسمنت المهشّم، مضيفًا: quot;ليست لدى الإخوان المسلمين رحمة، فعندما يأتون نحمي نساءنا، لديهم قناصة في تلك البناية العاليةquot;.

وقال سلطان، الممرض من مستشفى القصر العيني، إنه سمع طلقات نارية من الجسر، كما إن مناوبته عند الساعة السادسة صباحًا شهدت موجة من الجرحى، الذين تدفقوا عبر بوابات المستشفى، وكثير منهم نقلوا على دراجات نارية من قبل رفاقهم المحتجين.

حاول عمال المستشفى حماية الجانبين بصرف النظر عن انتماءاتهم، لكن الأمر كان صعبًا، إذ اندلعت الشجارات داخل حرم المستشفى.

محمد البريدي، وهو طبيب يعمل في غرفة الطوارئ، قال إن ممرات المستشفى شهدت اشتباكات طائفية، مشيرًا إلى أن موظفي المستشفى عمدوا إلى إبعاد المتدربين الملتحين عن أعين الوافدين المعارضين لمرسي ndash; وبالمثل حلقوا لحية مؤيد له أدخل بسبب إصابة في العين ndash; لحماية الاثنين من الإشكالات الثأرية.

من جهته، قال محمد الطير: quot;نحن شعب منفتح للغاية، لكنّ الإخوان مختلفون ومتطرفون، ولن نسمح لهم بالتأثير علينا، واذا توقف الإخوان عن هذا، سنكفّ عن استبعادهم، وسنعيدهم إلى الحياة السياسية المصريةquot;.