من بين عشرات البرلمانات التي جاءت ورحلت على وقع أزمات سياسية منذ أول برلمان منتخب في العام 1962، ثمة أسماء حاضرة يصعب أن يعالج أي حدث كويتي من دون تناولها. ومع إقتراب موعد الإنتخابات الكويتية، تستحضر quot;إيلافquot; هذه الأسماء في ملف خاص.


الكويت: على الرغم من أن محمد جاسم الصقر، النائب الكويتي السابق الذي آثر عدم الترشح لعضوية البرلمان الكويتي المقبل، يؤكد دائمًا أن عزوفه الطوعي عن الترشح للبرلمان لا يعني إعتزاله العمل السياسي، إلا أن أوساطًا كويتية تعتبر أن وجود الصقر في البرلمان يضيف إلى العمل البرلماني في الكويت نكهة أساسية.

والصقر فكر للمرة الأولى بدخول المعترك البرلماني في صيف العام 1999، ونجح باقتناص مقعد في مجلس الأمة، وهو الوافد من معارك صحافية مريرة عبر رئاسته الطويلة والإستثنائية لتحرير صحيفة القبس، إحدى أشهر صحف الكويت منذ مطلع الثمانينات، إذ توقع كثيرون ممن عرفوا جرأة الصقر أن يستمر من داخل البرلمان في محاربته الفساد الذي كشفه وفضحه مرارًا عبر القبس.

القبس والبرلمان

لا يتردد الصقر، وهو نجل الراحل جاسم الصقر، أحد أعيان الكويت القدامى الذي شغل مناصب حكومية وبرلمانية، والإبن الأبرز في عائلة ثرية تمتلك إستثمارات ضخمة ومتنوعة، في الإشارة إلى مواطن الخلل في مفاصل الدولة، حتى لو تطلب الأمر إغضاب المرجعيات العليا في الكويت أو في الخليج.

فقد فاجأ الصقر مسؤولًا سياسيًا كويتيًا شهيرًا بعد أشهر قليلة من تحرير الكويت برفضه الحازم مقابلة وزير كويتي سابق، اتهمه الصقر بأنه استولى على أموال عامة عبر صفحات القبس الكويتية. بل وفاجأ الصقر المسؤول الكويتي الكبير بالإنسحاب من مكتبه حينما صادف هناك المتهم المبرّأ بأحكام قضائية، في ظل تقديرات من الصقر بأن قصة الإجتماع لا تتعدى الطلب منه تسوية القضية، ووقف النشر فيها، وهو ما رفضه الصقر قاطعًا.

بيت الحكم

مواقف الصقر السياسية والإعلامية متعددة، فهو أول سياسي في الكويت يضع إصبعه على جرح الخلافات المكتومة بين أجنحة العائلة الحاكمة الكويتية، بل إن الصقر تقدم في موقفه السياسي على الجميع حينما طالب في العام 2000 بترتيب بيت الحكم، وتسوية الخلافات داخل هذا البيت، علمًا أن الصقر كان يتهم في المجالس الكويتية بأنه يُصوّب على هذا الملف بكثافة رغبة منه في الحصول على منافع في السياسة والإقتصاد.

وماإن هلّ العام 2006 حتى أصبحت الكويت على أزمة سياسية عنوانها quot;صراع في بيت الحكمquot;، وهو أمر سوته سريعًا حكمة أقطاب مؤثرة في العائلة الحاكمة، يأتي في مقدمها أمير البلاد -لاحقًا- الشيخ صباح الأحمد الصباح، بحل لم يكن ممكنًا من دون تدخل من جانب برلمان 2003 الذي كان الصقر من أبرز أعضائه.

عروض توزير

ولم يعد سرًا القول إن الصقر تلقى عروضًا وزارية أكثر من مرة، وتحديدًا في الحكومات الكويتية قبل العام 2000، إتقاءً لشر معاركه الصحافية، لكنه كان يرفض بشدة. وفي إحدى المرات، لم يجد مفرًا من قبول عرض توزير من قبل مرجعية سياسية وازنة، فما كان له إلا طلب توزيره في إحدى الحقائب الوزارية السيادية.

ورغم أن الصقر قد إتخذ العديد من المواقف السياسية الجريئة في سنوات عضويته، أشهرها تصويته لنيل المرأة الكويتية حقوقها السياسية تصويتًا وترشيحًا في الإنتخابات، وكذلك خوض إستجوابات شرسة ضد وزراء كويتيين، ووقوفه القوي مع طلب تعديل الدوائر الإنتخابية في العام 2006، إلا أنه يؤخذ على الصقر في السنوات القليلة الماضية ظهوره مرارًا في مواقف تظهر بشكل مبالغ به عصبيته المفرطة، وخلطه بين السياسة والإقتصاد. فبسبب إدارته مجموعات إقتصادية كويتية، غالبًا ما يكون طرفًا في مناقصات مالية ضخمة، الأمر الذي يُسهل لخصومه إتهامه بالتكسب المالي من وراء مواقفه السياسية المتشددة.

رئاسة البرلمان

على الرغم من إسهام عائلته في رأسمال صحيفة القبس الكويتية، فإنه آثر مطلع العام 2007 إطلاق صحيفة ورقية جديدة حملت إسم quot;الجريدةquot;، بغية إيصال رسائله السياسية مباشرة، حتى لو لم يكن عضوا في البرلمان الكويتي الذي غاب عنه منذ صيف العام 2009، علمًا أن الصقر الذي يرأس حاليًا مجلس العلاقات العربية والدولية قد ترشح وفاز في أول إنتخابات في العام 2012 المُبْطَلة قضائيًا، وترشح بعد تلك الإنتخابات لرئاسة البرلمان في مواجهة البرلماني الكويتي المخضرم أحمد السعدون، حيث ذهبت الرئاسة بفارق كبير إلى الأخير.

وتتحدث أوساط الصقر عن رغبته الدائمة في قنص رئاسة الركن البرلماني في المعادلة السياسية الكويتية، وهو إقتناص يقول خصومه قبل أنصاره إنه لن يتأخر كثيرًا.