تمثل نتائج الامتحانات في العراق حدثًا غير عادي، بل إنه يوم لا تستطيع حتى المفخخات التغطية على أخباره. لكن الفوضى عارمة، إذ على الطالب أن يدفع بين 25 و50 دولارًا ليعرف إن كان نجح أو رسب.


بغداد: عانى طلاب العراق، لاسيما طلاب الاعدادية، خلال الساعات الاخيرة من الخدمات الرديئة لإعلان نتائج الامتحانات. فموقع وزارة التربية لا يعمل، ما أثار استياء الطلبة وذويهم. ووضعت بعض المواقع روابط كاذبة عند النقر عليها فإنها لا تنقلك إلى النتائج الامتحانية، بل إلى اعلانات، وحتى إلى مواقع إباحية.

وفي اتصال مع وزارة التربية أجراه المدرس احمد الخفاجي، جاءه الجواب من احد موظفي خدمات الاتصال بالوزارة أن لا جواب لدى الوزارة على موقعها الذي لا يعمل. وارجع الموظف بطء وانهيار موقع الوزارة إلى الضغط الكبير عليه. لكن المهندس في البرمجة علي صاحب اعتبر ذلك من قبيل النكتة. وتساءل: quot;كيف يمكن لوزارة حكومية ضخمة أن لا تصمم موقعًا يمكنه استيعاب زوار روابط نتائج الامتحاناتquot;.

النتيجة بـ25 إلى 50 دولارًا

تتوفر في العراق شركات تصميم ومهندسون يستطيعون بناء اكفأ المواقع الالكترونية التي لا يمكن اختراقها، لكن الفساد هو الجواب لكل التساؤلات، إذ تخصص مبالغ طائلة لتصميم المواقع ذات الكفاءة العالية، لكن عشرة في المئة يصرف فعليًا على التقنيين الذين يصممون الموقع والباقي في جيوب المسؤولين الفاسدين. وتابع صاحب قائلًا: quot;ليست هذه هي المرة الاولى، ففي كل مرة يعاني الطلبة من صعوبة الوصول الكترونيًا إلى نتائج الامتحاناتquot;.

ويقول الطالب عصام حميد ايضًا إن نتائج الامتحانات فرصة للتربح، لاسيما من قبل اصحاب مقاهي النت وخدمات الحاسوب. ويؤكد احمد كامل هذه الحقيقة، فإلى غاية الساعة التاسعة ليلًا من يوم الاحد، كان رابط نتائج محافظة بابل متوقفًا عن العمل. وتابع: quot;اضطررت للذهاب إلى مقهى انترنت طلب مني 25 دولارًا لإبلاغي بنتيجتي، وما أن سلمته المبلغ حتى اتصل تلفونيًا بشخص وابلغني النتيجةquot;.

وقال: quot;إنها عملية ابتزاز للطلبة تحدث في وضح النهار، ولا مفر من التعامل مع اولئك المبتزين بسبب حاجة الطالب الملحة لمعرفة نتيجتهquot;. أما الطالب في المرحلة النهائية من الاعدادي عصام حسين، فقد حصل على نتيجته مقابل 50 دولاراً. يقول: quot;حصلت على النتيجة، لكن أقراني الطلاب ظلوا نحو نصف نهار لحين تمكنوا من معرفة نتائجهمquot;.

فوضى حقيقية

يؤكد المدرس فؤاد الدليمي هذه الحقيقة قائلاً إنها فوضى حقيقية، quot;فوزارة التربية تقول إن النتائج أعلنت لكن كل الروابط لا تعمل، وفيالوقت نفسهفإن جهات معينة لديها النتائج ولا تعرضها على الطالب الا بعد استلام مبلغ مالي منهquot;.

ويرفض احمد كامل، الذي يستطيع أن يخبرك بنتيجتك الامتحانية عبر التلفون، الافصاح عن المصدر الذي يتعامل معه، وكيف حصل على النتائج قبل المدارس بل وحتى قبل مديريات التربية. يضيف: quot;انها التجارة، لكننا نحاول أن نخلق السعادة للطلاب مقابل مبالغ بسيطةquot;.

ولا تستبعد الباحثة الاجتماعية ضبية حسن أن تكون هناك مافيا تحتكر نتائج الامتحانات وتعمل على تأخير عملها على النت ووصولها إلى الطلاب، الا بعد مضي نهار كامل في سعي للحصول على ارباح جيدة.

وتقول اسماء عبيد على موقع فايسبوك: quot;تحديث النتائج متوقف عندي، وموقع الفرات نيوز لا يعطي النتائج بحسب ما اعلنوا، كما أن موقع وزارة التربية ثقيل، فماذا افعل؟quot;. تتابع: quot;منذ نصف ساعة توقف تحديث النتائج، وربما بعد الإفطار يتم استئناف التحديث وما زلت متابعةquot;.

وكانت وزارة التربية اعلنت الاحد نتائج الامتحانات الوزارية لمرحلتي المتوسطة والاعدادية للعام الدراسي الحالي. وقال مصدر داخل الوزارة إن نتائج الامتحانات جيدة جدًا ونسبة النجاح تختلف عن العام الماضي.

النتائج في يوم المفخخات

تقول المدرسة لمياء حسن إن الفضائيات استغلت المناسبة، إذ حصلت على النتائج قبل حصول الطلاب والمدارس عليها وجعلت المواطنين يتصلون بها لغرض معرفة النتائج. وأضافت: quot;هذه الفضائيات تستغل معاناة الناس لتحقيق الشهرةquot;.

وترفض حسن ما قالته الفضائيات العام الماضي إنها تحاول مساعدة العراقيين عبر اعلان النتائج بسرعة. وتابعت: quot;لم تمرر النتائج بسرعة إلى مديريات التربية والمدارس بل تم تمريرها إلى الفضائيات، وهذا فساد كبير يتوجب ايقافهquot;.

وقال معاون مدير الامتحانات والتقويم في وزارة التربية نعمة حربي إن نسب النجاح لعام 2013 عالية مقاربة بالعام الماضي. وتمثل نتائج الامتحانات في العراق حدثًا غير عادي، بل إنه يوم لا تستطيع المفخخات التغطية على أخباره.

ويقول الكاتب جمال خرسان إنه lrm;اتصل بالعراق يسأل بعض الاصدقاء والأهل عن تفاصيل الانفجارات، فأجابوه: quot;الانفجارات ليست حدثًا، فنحن منشغلون بنتائج الصف السادس الاعداديquot;.

وتزامنت نتائج الامتحانات مع تفجيرات طالت العراق الاحد، قتلت ما يزيد عن 35 شخصًا وجرحت العشرات، في سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة في محافظات البصرة وكربلاء وبابل وواسط في جنوب العراق. وفي محافظة الناصرية التي تقل فيها هذه الحوادث قياسًا إلى المدن الاخرى، قال احمد الشوملي إن تفجير السيارتين المفخختين أسفر عن قتلى وجرحى، وكان بالقرب من مكتب يعلن النتائج الدراسية للطلاب، ما تسبب في هلع كبير.