يطلب العراق من أميركا تزويده بالمقاتلات الحربية لكي يتمكن فعليًا من وقف الجسر الجوي الإيراني إلى سوريا عبر مجاله الجوي، على قاعدة quot;ساعدونا فنساعدكمquot;، إلا أن نوري المالكي في نظر الأميركيين حليف لا يمكن الركون إليه.

فشلت ادارة الرئيس الأميركي باراك اوباما طوال أشهر في إقناع الحكومة العراقية بمنع مرور الطائرات التي تنقل السلاح من ايران إلى النظام السوري عبر الأجواء العراقية، التي ترى الولايات المتحدة انها اصبحت ممرًا يديم الأفضلية العسكرية التي يتمتع بها جيش النظام السوري على قوات المعارضة. ورغم أن المسؤولين الاميركيين يؤكدون أن هذه الرحلات توفر شريانًا حيويًا لنظام الأسد، فإن نظراءهم العراقيين يقولون إنهم لا يستطيعون وقف الجسر الجوي العسكري الايراني إلى الأسد لأن الدفاعات الجوية العراقية أضعف من أن تنهض بمثل هذه المهمة. الآن لدى السفير العراقي الجديد في الولايات المتحدة لقمان فيلي خطة للخروج من هذا الطريق الدبلوماسي المسدود تقوم على قاعدة quot;ساعدونا فنساعدكمquot;.
لا يمكن الركون إليه
قال السفير فيلي في حديث لمجلة فورين بولسي انه يعمل على اقناع المسؤولين الاميركيين بأن موافقتهم على تعزيز دفاعات العراق الجوية ستقوُّي قدرة العراق على وقف شحنات الأسلحة من ايران. وقال فيلي: quot;ليس لدينا سيطرة كاملة على مجالنا الجوي، لأننا لا نمتلك منظومة دفاع جوي متكاملة، ولهذا السبب أتحادث مع الكونغرس ومع وزارة الخارجية والبنتاغون لأننا تقدمنا فعلًا بطلب بناء منظومة دفاع جوي متكاملة ومروحيات اباتشي بقيمة اجمالية قدرها 10 مليارات دولارquot;. واضاف أن تزويد العراق بهذه المعدات يصب في صالح الولايات المتحدة نفسها. وكان تنامي العلاقات بين ايران والحكومة العراقية التي تسيطر عليها احزاب شيعية أثار قلق صانعي السياسة في واشنطن.
وعلى الرغم من المليارات التي تضخها الولايات المتحدة سنويًا إلى الحكومة العراقية، فإن العلاقات الايديولوجية والاقتصادية والاقليمية بين ايران والعراق جعلت رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حليفًا لا يمكن الركون اليه، على حد تعبير مجلة فورين بولسي، مشيرة إلى أن وزير الخارجية الاميركي جون كيري فشل في الخروج بنتيجة رغم كل الجهود التي بذلها مع بغداد بشأن الموقف من سوريا. وكان كيري تحدث عن مفاوضاته مع المالكي في آذار (مارس) الماضي قائلا: quot;اوضحت لرئيس الوزراء أن التحليق عبر الأجواء العراقية من ايران في الحقيقة يساعد على بقاء الرئيس الأسد ونظامهquot;.
حجة فيلي المشروعة
يعترف خبراء عسكريون اميركيون بأن لدى السفير العراقي فيلي حجة مشروعة، قائلين إنه حتى إذا أراد العراق وقف شحنات السلاح من طهران فانه لن يستطيع. وتتألف القوة الجوية العراقية من بعض طائرات الاستطلاع وطائرات النقل الخفيفة، لكن ليس لديها قدرات جوية من الطائرات المقاتلة والمروحيات الحربية. وتعاقدت الحكومة العراقية مع الولايات المتحدة على شراء مقاتلات من طراز اف ـ 16 ولكنها لم تُسلم حتى الآن.
وقال كريس هامر، المحلل البحري في معهد دراسة الحرب، لمجلة فورين بولسي: quot;إن العراقيين محقون تقنيًا في موقفهم القائل إنهم لا يملكون منظومة دفاع جوي متكاملة ولا مقاتلات أو مروحيات هجومية لاعتراض الطائرات الايرانية التي تمر عبر الأجواء العراقية، فكل ما يملكه العراق في هذه المرحلة هو رادارات مدنية بسيطة لمراقبة الحركة الجوية وهم يستطيعون أن يروا طائرات ايرانية تمر عبر اجوائهم ولكن ليس لديهم القدرة العسكرية على اجبار الطائرات الايرانية على الهبوط والخضوع للتفتيشquot;.
ويتطلع فيلي إلى شرح خطته للمسؤولين الاميركيين. وسيقدم الخميس اوراق اعتماده إلى اوباما قائلا إن ذلك سيتيح له امكانية اللقاء مع وزير الدفاع تشاك هيغل. وقال فيلي: quot;لا أرى أي فائدة في امتناع الولايات المتحدة عن المضي قدمًا بهذا الأمرquot;.

موقف صعب
لكن ما زال هناك تساؤلات لدى الجانب الاميركي، الذي يريد أن يعرف كيف تعتزم الحكومة العراقية استخدام قوتها الجوية إذا وافقت الولايات المتحدة على بنائها. وقال ستيفن ويكن، من معهد دراسة الحرب: quot;إن الحكومة العراقية في موقف صعب، فهم يريدون علاقات طيبة مع واشنطن وطهران على السواء، إذ ليس بمقدور العراق أن يدخل في مواجهة مع ايران وبالتالي حتى إذا اكتسب قدرة على ضبط المجال الجوي العراقي فإني أتوقع أن يتوصل البلدان إلى تفاهم عملي يسمح لايران بالاستمرار في رفد ترسانة الأسد، من دون أن يجعل التعاون العراقي مرئيًا حتى أكثر مما هو عليهquot;. وهذه بالطبع وجهة نظر. لكن هناك اعتبار آخر خارج اطار القضية الملتهبة للحرب الأهلية السورية هو الأكراد. فإن رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني اعلن مرارًا أن الأكراد يخشون أن يستخدم المالكي طائراته الجديدة ضدهم. وكان لهذه العوامل والحسابات تأثيرها في قرار الولايات المتحدة المماطلة في تسليم طائرات اف ـ 16 إلى العراق، مع ما يترتب على ذلك من نتائج مثيرة. وفي هذا الشأن، قال المحلل ويكن أن التأخر في تسليم طائرات اف ـ 16 يساعد الحكومة العراقية، quot;فهم يستطيعون أن ينفوا بمصداقية موافقتهم على الرحلات الجوية الايرانية ويحملوا الولايات المتحدة مسؤولية ذلك محافظين بذلك على حياد قلقquot;. لكن السفير فيلي يؤكد أن الحكومة العراقية تلعب بأمانة، وانها تتعاون مع ادارة اوباما بكل السبل الممكنة. وقال فيلي: quot;طالبنا الايرانيين بألا يستخدمونا ممرا فنحن لا نريد أن يكون العراق ممرا للسلاح إلى سوريا، ولكن ليس لدينا القدرة على وقفهمquot;.