لا يمكن حسم هوية رئيس البرلمان الكويتي المقبل قبل بدء التصويت البرلماني لإنتخابه، لكن مؤشرات سياسية تشير إلى منافسة قوية بين مرزوق الغانم وعلي الراشد، ربما تنتهي لمصلحة الأول.


الكويت: بعد صدور نتائج إنتخابات البرلمان الكويتي الذي أظهر تغييرًا بأكثر من 50%، وإثر القرار الأميري بتسمية الشيخ جابر المبارك الصباح تشكيل حكومة كويتية جديدة، ينتظر أن تضع حملها يوم الأحد المقبل على أبعد تقدير. تتجه الأنظار إلى معركة صعبة وفاصلة في الحياة البرلمانية الكويتية لمعرفة هوية وإتجاهات رئيس البرلمان الكويتي الجديد، خصوصًا أن الإنطباعات السياسية في الكويت تنظر إلى البرلمان الجديد على إعتبار أنه برلمان التسويات السياسية الكبرى في الإمارة الثرية بالنفط والصغيرة مساحة.
4 مرشحين للرئاسة
ومنذ إعلان النتائج في الساعات الأولى من فجر الأحد الماضي، فإن أسماء وازنة في المشهد السياسي الكويتي قد لاحظت الإندفاعة اللافتة لنواب فازوا للتو بالإعلان عن ترشحهم للمناصب القيادية في البرلمان، ولاسيما الموقع الأول والأهم.
وأعلن النواب مرزوق الغانم وعلي الراشد وعلي العمير وروضان الروضان الترشح لموقع الرئاسة، مع الإشارة إلى أن أيًا من المشار إليهم لم يترشح سابقًا لمنصب الرئاسة الذي ظل حكرًا منذ العام 1985 على أحمد السعدون وجاسم الخرافي، في حين أن الراشد قد شغل موقع الرئاسة في آخر برلمان أبطله القضاء الكويتي، وتزول هذه الصفة عن الراشد سياسيًا وقانونيًا ودستوريًا، علمًا أن آخر رئيس للبرلمان وفقًا للأثر السياسي والقانوني هو جاسم الخرافي. وللمفارقة السياسية، فإن الخرافي هو خال النائب الغانم.
أصغر رئيس للبرلمان
تبدو الفرصة سانحة أمام الغانم لقنص مقعد الرئاسة خلفًا لخاله الخرافي، إذ يمتلك الغانم ndash; المولود في العام 1968- الذي سيكون في حال إنتخابه أصغر رئيس للبرلمان الكويتي منذ إنتخاب أول برلمان كويتي في العام 1963 - شبكة علاقات سياسية ومؤثرة في الداخل الكويتي، تؤهله للعب دور سياسي عميق.
كما أن خطوط إتصاله السياسي بسكّان الطوابق العليا في القيادة السياسية، مفتوحة وساخنة، وهو ما قد يُجير أصوات وزراء الحكومة الكويتية المقبلة، والذين يحق لهم إنتخاب رئيس البرلمان لمصلحة المرزوق، بوصفه خيارًا آمنًا.
خطاب هادئ ومعقول
ويعتبر الغانم مقربًا من النظام السياسي، علاوة على أن خطابه السياسي منذ دخوله البرلمان في العام 2006 كان معقولًا وعمليًا، ولم يخرق السقوف السياسية كما فعلت المعارضة السياسية، التي وقف الغانم في مناسبات عدة داعمًا لها، ولتوجهاتها، في حين أن مواقف أخرى للغانم كانت تكشف عن تنافر كبير مع المعارضة.
والغانم الذي لم يعرف له أي عمل سياسي قبل العام 2006، إذ اقتصر ظهوره إقتصاديًا عبر رئاسة وعضوية مجالس إدارات شركات ومؤسسات عائلية، هو نجل شهبندر تجار الكويت رجل الأعمال علي ثنيان الغانم، الذي يرأس منذ أكثر من عقد رئاسة غرفة تجارة وصناعة الكويت، علمًا أن والدة مرزوق الغانم هي الأكاديمية فايزة الخرافي أول إمرأة تشغل منصب رئاسة جامعة الكويت.
علي الراشد
وفي مواجهة الغانم، يريد رئيس البرلمان المبطل علي الراشد، وهو قاضٍ سابق ووزير ونائب، أن يكرر رئاسته المبطلة للبرلمان الماضي، إذ أظهر الراشد من فوق منصة البرلمان الكويتي قدرة على ضبط سير جلسات البرلمان الكويتي.
ونجح الراشد أكثر من مرة في ضبط تشدد البرلمان المبطل، وسعى أعضاء فيه لإسقاط رئيس ووزراء الحكومة الكويتية المستقيلة، علمًا أن الراشد قد غادر معسكر المعارضة الكويتية منذ سنوات، وابتعد كثيرًا عن المواقف السياسية المتشددة، قبل أن يُفاجئ رفاقه القدامى بالدخول إلى الحكومة وزيرًا.
وبدا في الساعات الماضية أن الراشد رغم مواقفه السياسية القوية والواضحة في الأشهر الماضية ليس خيارًا مطروحًا لرئاسة البرلمان الجديد، وبدا الراشد في اليومين الأخيرين تائهًا بشأن بوصلة الحكومة في التصويت على إنتخابات رئاسة البرلمان الكويتي.
أهمية المنصب
منصب رئيس مجلس الأمة الكويتي، الذي يشغل بال كثيرين في الداخل الكويتي، هو منصب مهم جدًا في التركيبة السياسية الكويتية، وهو موقع يحظى شاغله بالأهمية السياسية التالية للأمير مباشرة، إذ يتقدم على شاغل منصب رئيس الوزراء، ويتقدم عليه بروتوكوليًا في المناسبات العامة، إذ يقوم بضبط أداء البرلمان، وإدارة جلساته، وفي أحيان كثيرة تحديد سقف الخطاب السياسي للبرلمان، والتحرك للجم إنفلاته، ورغم أن الدستور لا ينص على هذه المهام لرئيس البرلمان، لكن القانون الداخلي للمجلس يعطيه الكثير من هذه الصلاحيات.
معارضتان ورئيس
ولرئيس البرلمان حضور دائم في المعادلة السياسية الداخلية، إذ يجتمع مباشرة وعلى إنفراد بالقيادة السياسية، وغالبًا يكون جزءًا من الخطة السياسية المتعلقة بالمشهد الداخلي، ويتم إطلاعه على توجهات القيادة في المرحلة المقبلة، كما أنه همزة الوصل الأساسية بين القيادة السياسية ونواب البرلمان، لكن مقاطعة المعارضة السياسية ndash; وهي وازنة في المشهد الداخلي- من شأنها أن تضغط على أي رئيس مقبل للبرلمان، فبدلًا من أن يتعاطى فقط مع معارضة داخلية يصبح المطلوب منه التعاطي مع معارضة خارج البرلمان، علمًا أن الأخيرة كانت جزءًا فاعلًا من البرلمانات في السنوات الماضية.