بعد الدور الدبلوماسي الذي لعبته روسيا في تجنيب الضربة الاميركية على سوريا، يُطرح اليوم سؤال محوري حول الدور الجديد الذي تلعبه روسيا في النظام العالمي الجديد.

بيروت: يقول خبير القانون الدولي الدكتور شفيق المصري في حديثه لquot;إيلافquot; ان روسيا تسعى الى توسيع دائرة مشاركتها، ولا quot;اقول نفوذها، في الشرق الاوسط، بعدما فقدت منذ التسعينات الكثير من نواحي هذه الدائرة، وهي لدى الشروط التي وضعتها اصلاً بمشاركة مجلس الامن في حل هذا الموضوع، انما تندرج في الاطار ذاته، وقد نجحت روسيا نسبيًا في توسيع هذا الهامش، بمعنى ان مسألة الشرق الاوسط لم تعد حكرًا على الولايات المتحدة الاميركية وحدها، او مع حلفائها، اصبحت روسيا الآن شريكًا في تقرير سياسة شرق اوسطية، على الاقل بالنسبة للملف السوري.

ويتابع المصري :quot; الموضوع كان بالنسبة لايران قد سلك طريقه مع الدول الست وبموافقة روسيا باستصدار القرار 1929، الذي قضى بعزل ايران اقتصاديًا.

وكانت روسيا قد اضطرت الى تقديم تنازلات عدة من ايران حتى ليبيا للجانب الغربي، اي الولايات المتحدة وشركائها الاطلسيين، هذه المحطة اليوم ابرزت اصرارًا روسيًا على المشاركة، ولكن هل المشاركة تعني عودة حرب؟ ام انها نوع من منافسة لتقول روسيا انا موجودة على الساحة الشرق الوسطية، اليوم كلمة حرب باردة بين روسيا واميركيا لم تعد واردة بدليل تفاهم وزيري الخارجية الروسي والاميركي امس على مسار خطط تنفيذية على الاتفاق الذي حصل، وهذا يعني لا حرب بين روسيا واميركا وانما نوع من مشاركة جديدة لروسيا فرضتها الاوضاع واصبحت قائمة اليوم.

اما الى اي درجة هذه المشاركة تترك للجانب الروسي ان يقرر مآلها؟ يجيب المصري:quot; لا اعتقد ان الجانب الروسي اصبح بمركز يستطيع ان يوجه هذه المباردة كما يريد تبقى الولايات المتحدة هي القائدة، ليس فقط بسبب بواخرها في مياه المتوسط والبحر، الامر اكثر من هذا، بسبب تمرسها في القيادة الشرق اوسطية، سواء بالنسبة للوضع الايراني، او الاسرائيلي الفلسطيني، او اليوم بالنسبة لسوريا.

النظام العالمي الجديد

ويرى المصري ان اليوم وابتداء من هذا القرن النظام العالمي يتلخص بنظام متعدد الاقطاب في قاعدته وهو احادي القطب في قيادته، وهذا يعني ليس نظامًا احادي القطب كما يصوّره البعض، الكل مشارك، واليوم نرى ان الشركاء الاطلسيين موجودون مع الولايات الاميركية المتحدة في سياستها الخارجية، سواء على المستوى الاقليمي من افغانستان حتى السودان، او على المستوى الاقتصادي اي مجموعة الدول الثماني، او على المستوى الدفاعي الى ما هنالك.

ويعتبر المصري ان هذه التركيبة الجديدة هي نظام متعدد القواعد، اي الاقطاب المشاركين كثر لكن الزعامة احادية، والتوجيه يعود للولايات المتحدة الاميركية.

ويلفت المصري الى ان هذا النظام هو ليس الافضل للشرق الاوسط اطلاقًا، وعندما كان هناك ثنائية قطبية في النظام العالمي السياسي، كان الوضع على الشرق الاوسط ارحم، والدول التي كانت تخالف المسار الاميركي، كان هناك ملجأ لها، واليوم بوجود هذه التركيبة الجديدة، ولو دخلت فيها روسيا، يبقى ظلم هذا النظام العالمي السياسي قائمًا.

اما بالنسبة للبنان، فيرى المصري ان هناك عدة امور انزلق اليها البلد، والآن المطلوب ان يتخلص منها الواحدة تلو الاخرى، بالاساس عندما بدأ لبنان يغفل الشرعية الداخلية لديه، اي الدستور، ويُستدرج الى مساومات سياسية، فقد حينها توازنه، وعندما دعا عمليًا الى اغفال الشرعية الدولية التي كانت تضمن له حقوقه فقد ايضًا مركزه بالنسبة للمجتمع الدولي، اليوم الانقاذ الوحيد للبنان الرسمي والشعبي هو في العودة الى هاتين الشرعيتين، أي التزام الدستور في الداخل والامتثال الى احكام الشرعية الدولية في الخارج.