صفقة جنيف طمأنت الأسد بأن الضربة الاميركية التي كانت تهدد بلاده وُضعت على الرف، لكنها لم تفعل شيئًا لتهدئة مخاوف المعارضة، التي تتوقع هجمات كيميائية جديدة، وتستعد بإمكانياتها المحدودة لتفاديها.


بيروت: لا يثق النشطاء السوريون بفعالية اتفاقية جنيف في السيطرة على ترسانة الرئيس بشار الأسد الكيميائية وتدميرها لاحقًا، ويتوقعون أن يرتكب النظام المزيد من الهجمات الكيميائية في المناطق التي يسيطر عليها الثوار. ويعمل الأطباء والمتطوعون في منطقة الغوطة الشرقية، التي تعرضت لهجوم بالغازات السامة أدى إلى مقتل 1429 شخصًا، على توزيع المعلومات والمعدات على 18 مستشفى في حملة توعوية تساعد على التعامل مع هجوم كيميائي جديد. وقال سكان الغوطة إن الأطباء والنشطاء يقدمون الأقنعة البدائية الواقية من الغازات السامة ويخزنون الأدوية، تفاديًا لمجزرة مروعة شبيهة بالتي شهدها سكان البلدة، بعد أن عجزوا عن محو صور مئات الأطفال الذين ماتوا ببطء وألم من ذاكرتهم.
بما حضر
يقول حمزة الحكيم (25 عامًا) لصحيفة تليغراف: quot;ليس لدينا أي معدات مناسبة للحماية من هجوم كيميائي، لذا نحاول ايجاد وسيلة للدفاع عن أنفسنا باستخدام ما لدينا من إمكانياتquot;. ويقول قادة المعارضة في البلد إنهم تلقوا مئات الطلبات من المدنيين الذين يرغبون بمساعدتهم، فالناس يحاولون صنع الأقنعة الواقية من الغازات في منازلهم وبأسلوب بدائي جدًا، رغبة منهم في حماية أنفسهم وغيرهم من هجمات كيميائية جديدة. ونشر النشطاء أشرطة فيديو على موقع يوتيوب وصفحات فايسبوك تقدم تعليمات حول كيفية تحويل زجاجة وقطعة مبللة من القطن وغبار الفحم إلى قناع قد ينقذ حياة أي شخص من الهجمات بالغاز السام. وقال أحد زعماء المجموعات المعارضة إنه يسعى في هذا الإطار للحصول على المساعدة من خبراء بريطانيين، مشيرًا إلى أنه يواصل عمله على الرغم من اتفاق القضاء على الأسلحة الكيميائية في سوريا بحلول منتصف العام المقبل. وقال: quot;نحن نعمل على وضع اللوائح والسعي للحصول على المساعدة الدولية. الأمر صعب جدًا لكننا بحاجة للقيام بذلكquot;.
نصائح الخبراء
يعمل الأطباء في خمس عيادات طبية، بقيادة مدير مستشفى الفاتح، على التواصل عبر الانترنت وبرنامج سكايب للحصول على معلومات ونصائح من الخبراء البريطانيين للتعامل مع أي هجوم كيميائي جديد. quot;ما أن يظهر على الشاشة حتى يتجمع 20 منّا في الغرفة وراء الكمبيوتر للحصول على المعلومات، فنحن بحاجة لمعرفة ما يجب القيام به عندما يحدث ذلك مرة أخرىquot;، كما قال أحد النشطاء الذي يتواصل مع الخبراء في المستشفى.
وخلال مؤتمر عبر سكايب لمدة ثلاث ساعات، وضع الخبراء البريطانيون سلسلة من النصائح، بما في ذلك العلامات الأساسية للتلوث بواسطة مادة كيميائية، والتلوث البيولوجي والإشعاعي. وقالوا إن بإمكانهم المساعدة على توفير الأقنعة الواقية من الغازات والأدوية إذا كان التمويل متاحًا، على أن يقوم النشطاء بتهريب المعدات إلى المنطقة إذا تم شحنها. ويحاول الأطباء وفريق التمريض في هذه العيادة الحصول على أفضل النصائح من الخبراء على كيفية التعامل مع الهجمات والاهم من ذلك كيفية تخزين الأدلة من التلوث الكيميائي بواسطة أدوات بدائية فقط. يتساءل الأطباء: quot;هل يمكن الحفاظ على غاز سارين في وعاء صلب؟ اذا تعذر علينا العثور على وعاء مغلق، أيمكننا استخدام الثلاجة؟quot;.
خوف من الآتي
ونقلت تليغراف عن هاميش دي بريتون غوردون، القائد السابق لوحدة بريطانية متخصصة في الأسلحة الكيميائية ومستشار التهديد الذي نظم الندوة مع النشطاء عبر سكايب، قوله: quot;اقدم التعليمات الأساسية للبقاء وهؤلاء الأطباء والنشطاء في الغوطة بأمس الحاجة للمساعدةquot;. وأضاف: quot;الناس يشعرون بالرعب من هجوم آخر قادم، ويريدون أخذ احتياطاتهم لأنهم متأكدون من أن الأسد سيفعل ذلك مرة أخرى، وبريطانيا قدمت لثوار سوريا 5 آلاف طن من اغطية الهروب والورق الكاشف، ومخزوناً من الأقراص لمعالجة الاعراض العصبيةquot;. وقال أحد السكان إن الأهالي لا يملكون معلومات كافية عن التعامل مع هذا النوع من الهجوم، مشيرًا إلى أن واحدة من أسوأ الأشياء التي حدثت يوم الأربعاء الأسود هي أن الناس ظنوا أن الهجوم كان بالأسلحة العادية، فهرعوا إلى الاختباء في الطوابق السفلية. وأضاف: quot;تجمع الناس في الأقبية هربًا من القذائف التقليدية، فتسرب الغاز إلى أسفل المباني، ما أسفر عن مقتل المئاتquot;.