تحمي ايران حليفها بشار الأسد من القصاص بسبب قتل شعبه بالسلاح الكيميائي، بعد أن نسيت أو تناست أن شعبها عانى من هجمات مماثلة أثناء الحرب مع العراق في الثمانينات، وما زال العديد من الإيرانيين يحملون آثار هذا السلاح المقيت.


بيروت: كان غلام دلشاد جنديًا في الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات، وأصيب في هجوم بالسلاح الكيميائي، الذي أضر جهازه التنفسي. وقد استعاد بصره بعد سنوات عديدة من فقدانه بسبب الأذى الذي لحق بقرنيته. وهذا الرجل هو مثال حي يذكر الايرانيين بأهوال السلاح الكيميائي، في الوقت الذي تدافع فيه حكومتهم عن نظام الأسد وتصر على أنه بريء من هذه التهم، فيما توجه اصابعها إلى قوى المعارضة. ويستعيد دلشاد الذكريات القاسية التي شهدها وغيره من الايرانيين، فيقول: quot;من يستخدم السلاح الكيميائي قادر على أن ينتزع منك روحك وانت على قيد الحياةquot;. ثم يلتقط أنفاسه المتقطعة بسبب رئتيه التي أتلفها الكيميائي، مضيفًا: quot;كنت في الرابعة عشرة من عمري عندما تعرضت لهذا السلاح الفتاكquot;.
والمجزرة التي حدثت في الغوطة الشرقية تردد صداها في ايران، حيث عمدت بعض القنوات التلفزيونية على بث برامج عن تاريخ الهجمات الكيميائية العراقية مرارًا وتكرارًا، جنبًا إلى جنب مع مقابلات مع مسؤولين عسكريين. وقال دلشاد في حديث لصحيفة واشنطن بوست إن الحرب بين إيران والعراق قتلت ما يقرب من 20 ألف جندي إيراني بواسطة الأسلحة الكيميائية.
إيران لم ترد
خلال الحرب بين إيران والعراق، شنّ جيش صدام حسين أكثر من عشر هجمات موثقة بغاز الأعصاب والخردل ضد أهداف في إيران، بما فيها أهداف مدنية. وتعتبر هذه الهجمات، بما فيها تلك التي شنت ضد الأكراد داخل العراق في العام 1988، الأكثر دموية باستخدام أسلحة دمار شامل منذ أسقطت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على اليابان في العام 1945. إضافة إلى الآلاف الذين قتلوا بواسطة هذه الاسلحة، عانى عشرات الآلاف من الجنود والمدنيين على مر الزمن من الأمراض المتصلة بالتعرض للمواد الكيميائية. في مدينة سردشت الإيرانية، حيث وقع بعض من أسوأ الهجمات العراقية، يعاني ما لا يقل عن ربع السكان (20 ألف نسمة) من الأمراض المرتبطة بهجوم العام 1987. ولا يوجد أي دليل على أن إيران ردت باستخدام الأسلحة الكيميائية من تلقاء نفسها. ويقول العديد من الإيرانيين، بما في ذلك العديد من المحاربين القدامى الذين ذاقوا الكأس المرة، إنهم لن يتسامحوا أبدًا في حال استخدمت حكومتهم الأسلحة الكيميائية في المستقبل. وقال دلشاد، وهو من بين حوالي 100 ألف ايراني يحصلون على التعويض الذي تموله الحكومة أو العناية الطبية للجروح والأمراض الناجمة عن الهجمات الكيميائية العراقية: quot;يجب أن يعاقب أي شخص و أية دولة تستخدم أسلحة الدمار الشامل أو الأسلحة النووية أو الكيميائيةquot;.
يجب أن نعرف
أمينة وهاب زاده ضحية أخرى لهذا السلاح، قالت إنها على استعداد للاحتجاج ضد الأسلحة الكيميائية واستخدامها في أي مكان في العالم، وعلى يد أي شخص. وقالت زاده، التي كانت تعمل مسعفة في الخطوط الأمامية طوال خمس سنوات خلال الحرب الإيرانية العراقية، إنها تعاني مشاكل في الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والجلد جراء الهجمات بالأسلحة الكيميائية.
هذه المعاناة جعلت الشعب الايراني في أمس الحاجة لمعرفة ما إذا كانت حكومتهم تدعم نظامًا يستخدم هذا السلاح ضد شعبه. ويقول هادي قصائي، وهو مراسل لوكالة مهر للانباء التي تديرها الدولة، إنه من الضروري الكشف عن المسؤول عن هجمات 21 آب (أغسطس) الماضي في ريف دمشق.
واضاف: quot;من المهم أن نعرف من استخدم الأسلحة الكيميائية في سوريا، لأنه إذا كان الأسد، فهذا يعني أن على الشعب الايراني والحكومة إعادة النظر في دعمهquot;، لكنه استبعد احتمال أن تكون مجزرة الغوطة من صنع النظام السوري.