لم يهنأ الإيرانيون طويلاً بفك الحجب عن فايسبوك وتويتر. فالناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي الذين تمتعوا أمس بحرية نادرة في بلاد الملالي، وهي حرية الدخول الى فايسبوك وتويتر، فوجئوا اليوم بحجب الموقعين مجددًا.


بيروت: يبدو أنّ خطأ تقنيًا هو ما أوحى للإيرانيين بأنّ موقف بلادهم من مصادرة حرية التعبير قد تبدل بانتخاب الرئيس حسن روحاني. فبعد أن استيقظوا يوم الاثنين على امكانية دخول فايسبوك وتويتر من دون الاستعانة بتقنيات متخصصة بفك الحجب، وجدوا اليوم أن قرار منع الموقعين أمنع من أن يُكسر سريعًا.

وكانت إيلاف زفّت إلى قرّائها أمس خبرًا مفاده أن إيران، وفي خطوة غامضة وقد تكون موقتة، فكت الحجب عن موقعي فايسبوك وتويتر.

وهذا ما حصل، إذ تمكن الإيرانيون طوال ليل وصباح الثلاثاء من تصفح الموقعين والتجول في رحابهما بحرية. لكن سرعان ما انتهى شهر العسل القصير هذا بعدما خسروا اليوم الاربعاء قدرتهم على الوصول بحرية إلى فايسبوك وتويتر، مما ترك العديد من الناس يتساءلون ما إذا كان فك الحجب هذا متعمداً أو نتيجة لخلل فني ما.

عملت الحكومة الايرانية على حجب مواقع الانترنت هذه منذ اندلاع الثورة الخضراء التي أشعلت فتيلها انتخابات العام 2009 الرئاسية، حينها، خرج الإيرانيون بالملايين إلى الشوارع في مظاهرات مناهضة للحكومة، سرعان ما نجحت السلطات الإيرانية في قمعها.

لكن طوال يوم الاثنين بكامله تقريباً، ذُهل الايرانيون بعد أن علموا أن باستطاعتهم استخدام فايسبوك وتويتر من دون اللجوء إلى تقنيات وبرامج فك الحجب والتي يُعتبر استخدامها مخالفًا للقانون.

ولطالما شكلت شبكةالإنترنت في إيران ساحة قتال بين من يدفعون من أجل مزيد من الحريات الشخصية ومتشددين يعتبرون أنه يجب حماية المجتمع من التأثيرات الخطرة للحريات. وقد يكون ما شهده فايسبوك وتويتر من فك حجب لفترة زمنية قصيرة، ثم إعادة هذا الحجب، انعكاسًا لهذا الصراع الداخلي الدائر.

وكان روحاني قد وعد مراراً وتكراراً بتخفيف القيود على الإنترنت. ويشار إلى أن لديه حسابًا على تويتر يدار من قبل أشخاص مقربين منه، كما أن وزير خارجيته، محمد جواد ظريف، لديه حسابان على فايسبوك وتويتر وينخرط عبرهما في نقاشات تتعلق بما يروّج وينشر على هذه الشبكات.

اختبار

ويقول مقربون من الدوائر السياسية إن فك الحجب الغامض على فايسبوك وتويتر يوم الاثنين كان محاولة من قبل مجموعات معينة داخل المؤسسة السياسية الإيرانية ndash; غير محددة ndash; بهدف قياس ردود فعل مستخدمي الإنترنت.

ويقول مصدر مقرب من الحكومة الإيرانية الجديدة، فضّل عدم الكشف عن هويته، لـquot;نيويورك تايمزquot; إن ما حصل ليل الاثنين quot;كان اختباراً لرصد رد فعل المواطنين فيما لو فكّ الحجب عن فايسبوك وتويترquot;. ويضيف: quot;على ما يبدو كانت نتائج الاختبار غير مؤاتية، وذلك لأنه تم إغلاق المواقع مرة أخرىquot;.

فرشاد غوربانبور، محلل سياسي قريب من الحكومة، يملك وجهة نظر مشابهة فيقول: quot;يبدو لي أن السلطات أرادت أن تعرف ما الذي يمكن أن يحدث إذا تم فتح مواقع الانترنت. هذا الأمر معتاد في إيرانquot;. ومن غير الواضح بالضبط ما الذي تسعى السلطات لمعرفته من خلال مثل هذا الاختبار.

أم خلل فني؟

من جهتهم، يميل المحافظون إلى تفضيل الخلل الفني في شرح السبب وراء رفع الحجب عن المواقع على شبكة الإنترنت. quot;كان الأمر عن طريق الخطأquot;، قال القاضي المتشدد عبد الصمد خرمابادي لوكالة أنباء مهر شبه الرسمية، مضيفاً: quot;لكن إذا تم ذلك عن قصد فإننا سوف نواجه من كانوا وراء هذه الفعلةquot;.

وحذر خرمابادي يوم الاحد من أن استخدام فايسبوك يؤدي إلى تدمير الأسر، معتبراً أنه سبب خمس حالات الطلاق في الولايات المتحدة. وقال لموقع quot;خبر أونلاينquot; إن بعض المسؤولين يبدو وكأنهم غير مدركين لمخاطر هذه المواقع عندما يتحدثون عن رفع الحظر عنهاquot;.

ويوم الثلاثاء، نشرت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية تقريراً مطولاً لفتت فيه إلى مخاطر وسائل الاعلام الاجتماعية، واعتبرت أن موقع فايسبوك قام بتشويش الخطوط الفاصلة بين الخاص والعام.

quot;العديد من النساء يخترن صور ملفهن الشخصي من دون الأوشحة الإسلامية. فايسبوك يهدف إلى طمس خطوطنا الثقافية التي تفصل بين القطاعين العام والخاصquot;، كتبت فارس في مقال افتتاحي، مضيفة: quot;لا توجد حدود في فايسبوك وهذا أمر خطير للغايةquot;.

وفي إشارة أخرى على أن رفع الحجب يوم الاثنين كان اختباراً، هنأ مراسل التلفزيون الشهير وأحد الداعمين لروحاني، رضا رشيدبور، الايرانيين لكسبهم الدخول غير المقيد لوسائل الاعلام الاجتماعية، لكن حذرهم منه أيضاً. وأضاف quot;نأمل من شعبنا كبح جماح نفسه ومن مسؤولينا التحلي بالصبرquot;.

في حال كان الامر اختباراً، يبدو أنه يكشف عن الجوع المكبوت لدخول أقل تقييداً إلى الانترنت ولمزيد من التفاعل.

مرحبًا أيها العالم!

عبارة quot;مرحباً أيها العالم، نحن نستخدم تويتر من دون أي حظر في ايرانquot; التي كتبها أحدهم، تم ترديدها عبر موقع تويتر ما يقرب من 900 مرة. ورحب العديد من مستخدمي الموقع بالايرانيين إلى تويتر، في حين عبّر الايرانيون عن عدم قدرتهم على تصديق ما كان يحدث.

لكن هذه النافذة إلى الحرية سرعان ما أغلقت بوجه الايرانيين، فعندما حاولت ريانة، وهي شاعرة ايرانية، الوصول إلى الانترنت يوم الاثنين لإرسال رسالة إلى العالم تقول quot;1،2،3...1،2،3 هل تسمعوننا؟ نحن نختبر ما إذا فايسبوك يعمل بنظام التشغيل بدون الشبكة الافتراضية الخاصةquot;، لكن أملها خاب لأن أنظمة quot;الفلترةquot; عادت لتعمل من جديد، وفقاً لقولها.