صدر تقرير عن الأمم المتحدة يبيّن أن تطورات الأزمة السورية تشكل خطرًا كبيرًا على خطط العالم العربي في تحقيق الأهداف الإنمائية، كمكافحة الفقر ورفع معدلات النمو الاقتصادي.


صار نافلًا القول، بعد عامين ونصف العام من اندلاع الأزمة السورية، إن هذه الأزمة صارت عبئًا يثقل كاهل الشرق الأوسط، وخصوصًا العالم العربي، لما تكتنفه من تداعيات إقتصادية واجتماعية، تصيب أول ما تصيب دول الجوار السوري التي لجأ إليها نحو مليونين من اللاجئين السوريين. فهذه الدول مثخنة أساسًا بالجراح الاقتصادية والأمنية الطائفية، في انعكاس لطائفية الحرب المستعرة في سوريا.

فحال لبنان هي الأكثر إقلاقًا، لوقوف هذا البلد على حافة الحرب الأهلية الطائفية الجديدة، تأثرًا بسوريا، ونتيجة لتورط أطراف لبنانيين إلى جانب المتقاتلين في سوريا، وأبرزهم حزب الله المجاهر علنًا بقتاله إلى جانب النظام السوري، من القصير إلى العاصمة دمشق. كما يرزح لبنان تحت أزمة إقتصادية تراكمت عليه طيلة عقدين من حربه الأهلية الخاصة.

وحال العراق والأردن لا تسر أيضًا، فالحالة الطائفية مستعرة في العراق، تقتل العشرات يوميًا من سنة وشيعة، بينما اقتصاد الأردن المنهار ينذر بأزمات قد يدفع ثمنها النازحون السوريون انفسهم.

تباطؤ التقدم

في هذا السياق الشائك، صدر اليوم الثلاثاء تقرير عن الأمم المتحدة، بيّن أن الاضطرابات الأخيرة وتطورات الأزمة السورية تشكل خطرًا كبيرًا على خطط العالم العربي في مكافحة الفقر، المعروفة باسم الأهداف الإنمائية للألفية في منطقة الشرق الأوسط.

ويأتي هذا التقرير، الذي أطلقته مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية مع جامعة الدول العربية واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا - إسكوا، متزامنًا مع عقد بان كي مون، أمين عام الأمم المتحدة، اجتماعًا خاصًا في مقر الأمم المتحدة لبحث تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية مع زعماء العالم، الذين تعهدوا تحقيقها بحلول العام 2015.

وأشار كي مون إلى أنه في حين حققت المنطقة العربية تقدمًا نحو العديد من الأهداف منذ العام 2010 ، تباطأ التقدم منذ ذلك الحين، بسبب تأثر العالم العربي بالصراع الدائر في سوريا، quot;فالأزمة في سوريا هي أزمة للتنمية في المنطقة العربيةquot;.

أبعد من دمار

وتأسيسًا على ما سبق، قال سيما بحوث، رئيس مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية في منطقة الدول العربية ومدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - UNDP، المكتب الإقليمي للدول العربية، إن ما يحدث في سوريا quot;يذهب إلى ما هو أبعد من مأساة إنسانية ودمار لسوريا، فهو يسبب أيضًا تباطؤًا في تنمية المنطقةquot;.

أضاف: quot;لقي أكثر من 100 سوري مصرعهم، وتشرد الملايين داخل سوريا وخارجها، وتسبب الصراع بأضرار ودمار على نطاق واسع، في أزمة لها انعكاسات شديدة وتأثير كبير على التنمية البشرية في جميع أنحاء بلدان العالم العربيquot;.

وأشار بحوث إلى أن الأزمة دفعت ثلاثة ملايين على الأقل من بين 22 مليون شخص في سوريا إلى براثن الفقر، quot;في حين أن معدل الفقر المدقع في سوريا قد ارتفع على الأقل إلى 8 بالمئة، بعد فترة من التراجع شهدها العام 2007quot;.

أوضح التقرير أن معدلات الالتحاق بالمدارس والحصول على الرعاية الصحية انخفضت انخفاضا كبيرًا، ويأتي ذلك في وقت مبكر من دراسة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أكثر تفصيلًا، من المتوقع أن يتم نشرها في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، تبين تأثير الأزمة السورية على التنمية في سوريا والأردن ولبنان.

خسائر بالمليارات

وذكر التقرير أن المناخ العام من انعدام الاستقرار والأمن في المنطقة العربية بات السمة السائدة في معظم البلدان العربية جراء الأزمة السورية. ويذكر أن النشاط الاقتصادي في مصر وتونس واليمن قد تراجع بشكل كبير، الذي دفع أكثر من خمسة ملاييننسمة في جميع أنحاء المنطقة العربية إلى البطالة منذ العام 2010.

ولا بد من الاشارة إلى أن لبنان يعد من أكثر الدول تضررًا من استمرار الأزمة السورية، فسوريا هي الرئة الاقتصادية التي يتنفس بها لبنان، من خلال تصدير صادراته الزراعية، التي لا يمكن تصديرها بحرًا، ومن خلال انعدام مواسم السياحة، التي تدر على لبنان مليارات الدولارات سنويًا، بسبب انقطاع الطريق البري بين الخليج ولبنان، فهو يمر حكمًا في أكثر بقعتين سوريتين ملتهبتين، هما درعا والسيدة زينب.

وكان البنك الدولي قدر خسائر لبنان الاقتصادية جراء عامين ونصف العام من الأزمة السورية، بنحو 7.5 مليارات دولار، ضمنها الأعباء الاقتصادية التي تترتب على لبنان واقتصاده جراء اضطراره للعناية بالنازحين السوريين إلى الأراضي اللبنانية.