‬‫ تبدو مبادرات حسن روحاني تجاه أميركا أكثر من محاولة لإعادة الانخراط في علاقات دبلوماسية معها، إذ تشمل العديد من القضايا المستعصية في المنطقة، كجزء من صفقة تضمن دورًا لإيران في حلها.

تحمل المرحلة المقبلة بوادر صفقة عالمية كبرى، بعد أن أدركت إيران والولايات المتحدة وروسيا أن لديها الكثير لتخسره إذا توسعت الحرب الأهلية السورية إلى الدول المجاورة. فكانت الرسائل الودية من الجانب الإيراني نحو العالم فاتحةً لما يمكن أن يكون أكثر من حسن نية، وأكثر من محاولة لإعادة المياه إلى مجاريها بين طهران والعالم.

‬‫سوريا أولوية
فالأولوية على جدول الأعمال في اجتماعات نيويورك ليست للعقوبات التي لا تزال تشل الاقتصاد الايراني، بل للأزمة في سوريا التي تنهك اقتصاد طهران أيضًا، وتشكل تهديدًا كبيرًا للنظام الإقليمي الجديد الذي تدعمه الجمهورية الإسلامية. ‬
وعلى الرغم من اشتعال أرض المعركة في سوريا، إلا أن الحرب في البلاد وصلت إلى طريق مسدود لأكثر من 12 شهرًا. فليس باستطاعة النظام ولا المعارضة المضي في مكاسبها.‬‫ التدمير المتبادل في حرب وحشية بالوكالة يبدو أكثر احتمالًا لجميع أصحاب المصلحة من فرص التوصل إلى نصر حاسم بطريقة ما.
تدرك ايران ذلك جيدًا، وكذلك نظام بشار الأسد في دمشق والسعودية وروسيا وقطر والولايات المتحدة والأردن، الدول التي حاولت جميعًا في الأشهر الثلاثين الماضية تحريك الأزمة لصالحها، من دون جدوى.

الحل دبلوماسي
‬‫هذا الفشل الذريع والعجز عن الوصول لخاتمة للصراع السوري جعلت من الدول واللاعبين الرئيسيين في العالم أكثر إدراكًا لأن الديبلوماسية هي الحل الوحيد لما يجري في سوريا. فالعنف المجنون في البلاد لن يرجح كفة الميزان في هذه المعركة لصالح أي طرف، إلا إذا استمرت الأمور في التدهور، وعملت جميع الاطراف الخارجية على مراكمة الضغوط، ما قد يسفر عن حرب إقليمية بلا هوادة.
‬‫واعتبرت صحيفة غارديان البريطانية أن عواقب مثل هذه الحماقة ستكون هائلة، ولن ترغب أية دولة في المنطقة بالتعامل معها. ‬‫بالنظر إلى كل هذه العوامل، وتخلي الرئيس الأميركي باراك أوباما عن فكرة الضربة العسكرية، وموافقة الأسد تحت الضغوط الروسية على تسليم الأسلحة الاستراتيجية الأكثر أهمية في ترسانته، ظهرت في الأفق لحظة صفاء نادرة. ‬‫فجأة، تشكل المناخ اللازم الذي رأت ايران انه باستطاعتها الانضمام إليه، وجلست لتتحاور مع خصومها الذين تراجعوا بدورهم عن نبرة التهديد والوعيد.‬‫
لحظة مؤاتية
يعلم أوباما وروحاني وخامنئي على حد سواء أن المصافحة بالأيدي لن تفقدهم شيء. على العكس من ذلك، هناك الكثير لكسبه الآن، إذ وجدوا أرضية مشتركة بعد أكثر من عامين من الحدة، وأدركوا أن خروج الأمور عن نطاق السيطرة في سوريا لن يكون في مصلحة أحد.
‬‫للمرة الأولى منذ عدة عقود، يمكن أن تتوافر الآن لحظة مواتية لحل بعض القضايا المستعصية، مثل البرنامج النووي الايراني والمفاوضات الفلسطينية والأزمة السورية وغيرها.
ويقول محللون إن التوصل إلى حل بشأن الحرب الأهلية في سوريا سيشكل دفعًا للصراع الاسرائيلي الفلسطيني.‬‫ لكن العديد من أصحاب المصلحة في الشرق الأوسط يشعرون بأن نافذة الأمل هذه هي الفرصة الأخيرة، وفي حال أغلقت فستؤدي إلى نتائج مدمرة لن يكون بالإمكان تفاديها ولا تجنبها.‬