ارتفعت وتيرة الإعتداءات على الصحافيين في مصر بشكل غير مسبوق، وفق تقرير فنّد وأحصى عمليات قتل وترويع واعتقال بحق الصحافيين في العامين الماضيين.

القاهرة: تراجعت حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة في مصر بدرجة خطيرة، وفقد نحو ستة صحافيين حياتهم أثناء تغطية فعاليات إحتجاجية، منهم أربعة قتلوا أثناء فض إعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بميدان رابعة العدوية. وقتل صحافي أثناء عبوره نقطة تفتيش عسكرية خلال حظر التجوال بمدينة دمنهور محافظة البحيرة، وأعتقل آخرون ووجهت إليهم تهم تتعلق بإهانة المؤسسة العسكرية والإضرار بالأمن القومي ونشر أخبار كاذبة، منهم الصحافي أحمد أبو دراع، مراسل جريدة المصري اليوم، بسيناء.
تراجع كبير
قال تقرير حقوقي إن الربع الثالث من العام 2013، من 1 حزيران (يونيو) إلى 30 آب (أغسطس) الماضيين، شهد تراجعًا حادًا في حرية الرأي والتعبير بمصر. وأوضح التقرير الذي أصدرته وحدة دعم الاعلام بمركز الحق للديمقراطية وحقوق الانسان نسبة التراجع في إنتهاك الحق في الحياة لتصل إلى 100%، مشيرًا إلى تسجيل 5 حالات وفاة لصحافيين ومساعدين إعلاميين أثناء قيامهم بواجبهم المهني، بالاضافة إلى حالتين تواجدتا داخل نطاق الإعتصامات والتظاهرات، لكن وجودهم لم يكن يرتبط بأعمالهم المهنية، في حين أن الفترة من 1 كانون الثاني (يناير) حتى 30 أيار (مايو) لم تسجل أي حالة قتل للصحافيين أو إعلاميين.
ويقدر التقرير نسبة التراجع في حق الصحافيين في سلامة الجسد بـ 40%، لافتًا إلى ارتفاع معدل حالات الإعتداء على الصحافيين من 17 حالة اعتداء خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) حتى 30 أيار (مايو) 2013، لتصل إلى 63 حالة إعتداء في الفترة من 1 حزيران (يونيو) إلى 30 آب (أغسطس) 2013.
ورصد التقرير تراجع المؤشر الخاص باستدعاء الإعلاميين و الصحافيين للمحاكمة بشكل طفيف، لم يتجاوز نسبة 4%، مشيرًا إلى أن معدل إستدعاء الصحافيين و التحقيق معهم إرتفع إلى 10 حالات في الربع الثالث من العام 2013، بينما سجل النصف الأول من العام 6 حالات فقط لاغير. ووصف التقرير سقوط ثمانية صحافيين وإعلاميين مساعدين في الربع الثاني من 2013 بـ quot;كارثة مفجعةquot;، موضحًا أن هذا الرقم هو الأكبر في الثلاثين عامًا الأخيرة على الأقل.
شهر أسود
ولفت التقرير إلى أن شهر آب (أغسطس) سجل أعلى معدل انتهاك الحق في الحياة للصحافيين بنسبة 75% من إجمالي ما تم رصده، بينما جاء شهرا حزيران (يونيو) و(تموز) يوليو بنسبة متساوية هي 12%. ونبّه إلى أن الفترة من 1 حزيران (يونيو) إلى 30 آب (أغسطس) 2013 سجلت وقوع 107 إنتهاكات ضد صحافيين وإعلاميين، مشيرًا إلى أنه معدل كبير للغاية مقارنة مع أي مرحلة مرت بها مصر في السابق. كما وصف التقرير شهر آب (أغسطس) 2013 بأنه الشهر الأسود للصحافة في مصر، بإجمالي إنتهاكات الإعتداءات الجسدية بنسبة 74% مما تم رصده. وأوضح أن شهر تموز (يوليو) جاء في المرتبة الثانية بنسبة 15% من اجمالي الإنتهاكات، فيما حل شهر حزيران (يونيو) في الترتيب الثالث بنسبة انتهاكات بلغت 12% من اجمالي ما تم رصده من انتهاكات على مدار الاشهر الثلاثة. وأشار التقرير إلى أن الإعتداء بالضرب على الإعلاميين يشكل النسبة الأكبر من تلك الإعتداءات ليسجل 45%، بينما جاء القتل ليسجل 6% من جملة الحالات التي تم رصدها، منوهًا بأنها النسبة الأكبر على الاطلاق في السنوات الثلاثين الأخيرة، بينما جاءت عمليات القبض والإختفاء لتسجل 24%، لكنها كانت حالات اختفاء وقتية.
آليات عديدة
شهدت حرية الإعلام تراجعًا ملحوظًا في الربع الثالث من العام 2013، مقارنة بالفترة نفسها في العام 2012، وأوضح تقرير مركز الحق للديمقراطية أن معدلات التراجع بلغت قرابة 80%، مشيرًا إلى أن اجمالي الانتهاكات ارتفع من 12 انتهاكاً إلى 107 انتهاكات، واعتبر أن ذلك تدنٍ رهيب في ما يخص حرية الرأي والتعبير و حرية الاعلام في مصر. ووفقًا للتقرير، فإن عمليات فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان نهضة مصر ساهمت بدور بارز في ارتفاع معدلات الإنتهاكات، وإتخاذ كافة الاجراءات الاستثنائية التي صاحبت الاطاحة بنظام حكم محمد مرسي في الثالث من تموز (يوليو) 2013.
من جانبه، قال شادي أمين، مدير المركز لـquot;إيلافquot; إن الإعتداءات على الصحافيين في مصر ارتفعت بشكل غير مسبوق، مشيرًا إلى أن التقرير اعتمد في توثيق الإنتهاكات على عدة آليات، منها الرصد وجمع المعلومات المنشورة في وسائل الإعلام المختلفة، أو جمع شهادات لشهود العيان، أو إحصاءات المراكز الحقوقية الأخرى.
وأضاف أن السبب في إرتفاع الإنتهاكات بحق الصحافيين والإعلام وحرية الرأي والتعبير بشكل عام، الإجراءات الإستثنائية التي تتخذها الحكومة، بعد إسقاط نظام حكم الرئيس السابق محمد مرسي، منوهًا بأن الحكومة فرضت حالة الطوارىء وحظر التجوال، فتم إغلاق العديد من القنوات الفضائية، إضافة إلى بعض الصحف والمؤسسات الإعلامية التابعة أو المؤيدة للإخوان والتيار الإسلامي.
القانون غائب
نبّه أمين إلى وجود متغيّرات جديدة، في ما يخص انتهاكات حرية الرأي والتعبير، واشار إلى أنه يتمثل في اعتداءات الأهالي على الصحافيين والإعلاميين، سواء من أنصار وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي أو أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، معتبرًا أن تلك النوعية من الإعتداءات من الصعب رصدها أو التصدي لها قانونيًا. ولفت إلى أن الصحافيين المصريين صاروا يفرضون على أنفسهم مراقبة ذاتية، وأرجع ذلك إلى أن هناك حالة من الذعر تنتاب الصحافيين بسبب الإجراءات الإستثنائية، وعمليات استهداف الصحافيين، فضلًا عن عمليات التشويه التي يتعرض لها أصحاب الرأي الآخر.
وإنتقد أمين غياب قوانين تساعد الصحافيين على ممارسة عملهم، مشيرًا إلى أن ثورة 25 يناير قامت من أجل ترسيخ حرية الرأي والتعبير، إلا أن المجلس العسكري أو مرسي أو الرئيس الموقت عدلي منصور لم يصدروا قانون حرية تداول المعلومات.
كما انتقد أمين أيضًا عمليات التضييق على المنظمات الحقوقية العاملة في مصر، مشيرًا إلى أن أوضاع حقوق الإنسان في مصر بشكل عام صارت متدنية بعد ثورة 25 يناير، وخصوصًا عقب الإطاحة بمرسي في 3 تموز (يوليو) الماضي.