نصر المجالي:يكاد يكون السفيران الأميركي ستيورات جونز والبريطاني بيتر ميليت أبرز نجوم الساحة الأردنية بلا منازع في العامين الآخيرين، ولعلهما أكثر نجومية وشهرة وتأثيراً من كثير من السياسيين الأردنيين.

ومع تداعيات الربيع العربي الذي لم يكن الأردن بعيداً عنه كان للسفيرين جونز وميليت حضوراً قوياً على كل الجبهات حكومية كانت أو شعبية أو حتى quot;قبليةquot; في بلد للقبائل فيه ثقلٌ كبير.
ولا تكاد مناسبة أو ندوة وحتى الحراكات الشعبية ونشاطات منظمات المجتمع المدني وهي تكاثرت في العامين الأخيرين إلا ويكون حضور السفيرين جونز وميليت مرموقاً مؤثرا، هذا فضلاً عن جولاتهما في مختلف مناطق المملكة ولقاءتهما مع المواطنين والفعاليات الأردنية في شكل علني على أن بعض هذه اللقاءات تحوطه quot;السرّيةquot; ويلفه الغموض.
على غير عادة السفراء المعتمدين في البلدان الذين يوجهون الدعوات للصحافيين في مناسبات الأعياد الوطنية أو مآدب الغداء أو العشاء الرسمية، فإن السفير الأميركي في عمّان ستيوارت جونز استضاف رؤساء تحرير الصحف اليومية ومدير عام وكالة الانباء الأردنية (بترا) وعدد من مدراء المحطات الفضائية المعتمدة في عمّان على مأدبة غداء الخميس.
حديث السفير الأميركي مع ضيوفه كان شاملاً تناول العلاقات الأميركية - الأردنية وجهود تصعيدها في مختلف المجالات، وفي الوقت الذي تناولت فيه صحيفة مثل (الرأي) وهي الصحيفة الحكومية لقطات مهمة مما تكلم فيه السفير، فإن منافستها الدستور نشرت تقريراً شبه كامل عن ما جاء على لسان السفير.

حكومة شجاعة
صحيفة (الرأي)، ركزت على مجموعة من النقاط من حديث السفير جونز لعل أبرزها:
- قول السفير الأميركي ان رئيس الوزراء عبد الله النسور من الرؤساء quot;الشجعانquot; لإصلاحاته الاقتصادية وإلزامه السفارات في الأردن ومن بينها السفارة الأميركية دفع كامل فاتورة الكهرباء.
- تأكيد السفير على أن الأردن ينتظره مستقبل مشرق وان أيامه القادمة ستكون أفضل مبديا تفاؤله بجهود مشاريع التنقيب عن الغاز المسال والطاقة البديلة والزيت الصخري.
- أبرز ما قاله السفير من أنه : quot;لا قنوات خلفية للحوار بين واشنطن وطهرانquot;، وان الرئيس الأميركي أوباما كان شجاعاً في خطابه أمام الأمم المتحدة حينما كرر موقف ادارته من حل القضية الفلسطينية... وقوله إن quot;كيري أول وزير خارجية يزور المنطقة أربع مرات ويمضي خمسة أيام متتالية في إحداهاquot;.. وكذلك قوله: quot;الأهم في حل الأزمة السورية تغيير القيادة والمحافظة على مؤسسات الدولة دون ترك المجال مفتوحاً لفراغ في السلطةquot;.
- أما في الشأن المحلي الأردني، فإن السفير الأميركي قال: quot;ليس من اللائق التعليق على قرارات متعلقة بمجلس النواب الأردني خاصة فيما جرى بآخر جلسات المجلسquot;، وكلامه عن ان مناقشات لجنة النزاهة الوطنية في المحافظات مبادرات واعدة وأمر ايجابي وتطور مهم على مستوى الإصلاح، وان quot;توجيهات الملك عبدالله الثاني نحو تعديل صلاحيات محكمة أمن الدولة خطوة ايجابية جداً مرسوم ملكي مهمquot;، وان quot;الحكومة الأردنية تظهر شجاعة استثنائية في مجال الاقتصادquot;.
اشادة بخطاب الملك
في تقريرها، قالت صحيفة (الدستور) إن السفير الأميركي في عمان أشاد بمضامين خطاب الملك عبدالله الثاني في الأمم المتحدة، كما أثنى على الاصلاحات التي يجريها الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، واصفا اياها بانها محطات جدية وممتازة على طريق الاصلاح الشامل.
ولفت جونز إلى أهمية تنسيق بلاده مع الأردن على الدوام في قضايا المنطقة، والحرص على الاستماع إلى الملك في هذا الخصوص، مشيرًا إلى لقاء الملك عبدالله الثني مع الرئيس أوباما أمس الاول على مأدبة الغداء بالأمم المتحدة، مذكرا أن حديث أوباما أخيرا كان بمجمله عن المنطقة.
واكد السفير على عمق العلاقات الثنائية بين الأردن والولايات المتحدة الأميركية، مشيدا بحكمة جلالة الملك في ادارة الامور داخل البلاد وتحييد شعبه كل ما يؤدي الى الضرر، وذلك بسياسة هادئة ومتزنة تراعي مصالح المواطنين. وتابع السفير الأميركي حديثه قائلًا، ان الادارة الأميركية تنظر الى جلالة الملك كشخصية اساسية ذات تأثير كبير على الاحداث في المنطقة بسبب مواقفه المعتدلة وبعد نظره ورؤيته الصائبة للامور.
وقال ان الاجراءات الحكومية في الاصلاحات الاقتصادية وترشيد عملية الدعم وتحديد الفئة المستحقة للدعم تعتبر خطوات شجاعة وجريئة.

المساعدات الأميركية
وأشار جونز إن حكومة بلاده ستدرس خلال الأسابيع القليلة المقبلة تجديد المساعدات الأميركية للأردن، حيث تنتهي الاتفاقية الأولى، التي استمرت خمس سنوات ويتقاضى الأردن بموجبها 660 مليون دولار سنويا، عام 2014.
وعن المساعدات الأميركية للأردن في المجال الإنساني، قال إن الحكومة الأميركية ستقدم مبلغ 48 مليون دولار إضافية للمنظمات الإنسانية العاملة في مجال إغاثة اللاجئين السوريين في الأردن، مشيرا إلى أن حكومة بلاده أنفقت حتى الآن مبلغ 3ر1 مليار دولار على معالجة الآثار الإنسانية الناجمة عن الأزمة السورية.
واضاف السفير الأميركي أن الأردن يهيئ بنية تحتية جيدة ستساعد في نهضة اقتصادية خلال الفترة القادمة اهمها تجهيز ميناء الغاز المسال ودعم مشاريع الطاقة البديلة.
واستعرض السفير جونز في بداية اللقاء جهود وكالة الانماء الأميركي في الأردن، ملقيا الضوء على اهم المشاريع التي انجزتها خلال الفترة الماضية، وكان ابرزها دعم مشاريع المياه في شمال المملكة وانشاء مستشفى الاطفال في الشونة الشمالية، الذي يعتبر انجازًا انسانيًا كبيرًا في مجال الصحة، حيث اصبح عامل حماية للطفولة في تلك المنطقة.
الشأن السوري
وفي ما يتعلق بالموضوع السوري، قال السفير الأميركي بأن هناك قناعة كاملة لدى الإدارة الأميركية بضرورة ان يغادر بشار الحكم بعد ما حدث في سوريا.
وقال ان تفكيك الاسلحة الكيميائية في سوريا يعتبر خطوة ايجابية على طريق حل الأزمة، وأننا في الولايات المتحدة حريصون على حماية مؤسسات الدولة في سوريا، وذلك حفاظا على حقوق المواطنين هناك.
واكد السفير جونز على الموقف الأميركي الثابت بعدم إرسال اي قوات اميركية برية الى سوريا.
وختم السفير الأميركي كلامه أمام رؤساء تحرير الصحف الأردنية معبراً عن سعادته بالتعاون بين الولايات المتحدة والأردن في الجهود المبذولة في مجال التنمية البشرية في جميع أنحاء المملكة، مشددا على أهمية الشراكة الأميركية الأردنية في مجالات التنمية البشرية والبرامج التعليمية، وأشار الى الاستثمارات والجهود المشتركة مع الأردن والتي أثمرت عن تحسينات مهمة في المدارس يستفيد منها ما يزيد عن 250 ألف طالب في جميع أرجاء الأردن، مركزا على مدى تأثير هذه البرامج على الأفراد والمجتمعات.