دارت رحى الحرب بين المثليين جنسيا والسلطات الروسية، ففي حين يعتبر الفريق الأول أنه يمارس حقه في التعبير عن هويته الجنسية، اعتبر نظام موسكو المثليين والمثليات عملاء لأجهزة أمنية، وسن مجلس quot;الدوماquot; تشريعاً يحظر ممارسة أنشطتهم، فحرّضت تلك الفئة على تظاهرات تشبه نظيرتها الأوكرانية.

القاهرة: أبدى المثليون والمثليات جنسياً في روسيا امتعاضاً من قرارات رأس النظام في موسكو، الرافضة لمطالب تعتبرها تلك الفئة حقاً مشروعاً لها، وتتلخص تلك المطالب في السماح بزواج المثليين، وتبني الأطفال، والسماح للمثليات بالتظاهر تعبيراً عن موقفهن، أو إعلان ممارساتهن علانية، واعتبر المثليون أن تلك المطالب تمثل جانبا من حقوق الإنسان.
دعوة لمقاطعة اوليمبياد الصيف المقبل في روسيا
وفي هذا السياق قالت اولغريتا خريتونوفا، الناشطة المثلية الروسية (54 عاماً)، مؤسسة دورية quot;استروبquot; المثلية الروسية، والتي تدافع عن حقوق المثليين والمثليات في روسيا، إن عدداً من دول العالم اتخذت من النظام الروسي موقفاً بعدما قمع حقوق المثليين، وأوضحت الناشطة الروسية: quot;السلطات الروسية سنت قانوناً يحول دون تنظيم أية مسيرات للمثليين جنسياً، ومنعهم من التعبير عن وجهات نظرهم أو طريقتهم في الحياة، وكذلك حرمانهم من تبني الأطفال، وبعد الاعتراض على قمع تلك الحريات بما في ذلك حرية الصحافة، قرر عدد من زعماء العالم مقاطعة اوليمبياد الصيف المقبل، المقرر انعقاده في مدينة quot;سوتشيquot; الروسيةquot;.
ووفقاً لتقرير نقلته مجلة quot;والاّquot; الإسرائيلية عن الناشطة الروسية خريتونوفا، شنّت السلطات الروسية حملة فاشية ضد المثليات والمثليين جنسياً في بلادها، وفي الوقت الذي يربو عدد المثليات في روسيا على نصف مليون، لا يخرج منهن للتظاهر والاحتجاج سوى خمسين فقط، خوفاً من بطش السلطات في موسكو ومختلف المدن الروسية.
وأضافت: quot;في برلين شاركت مؤخراً في إحدى تظاهرات quot;التفاخرquot;، التي يتألف نشطاؤها من مثليي الجنس الألمان، وهناك خرجت عن صمتي، ولم يقتصر حديثي عن قمع حقوق الإنسان في روسيا، بما في ذلك حقوق المثليين ففي تسعينات القرن الماضي، وبعد الإصلاحات التي جرت بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي، جرى العديد من المداولات حول ضرورة ترسيخ دولة القانون وحقوق الإنسان، إلا أن ذلك لم يحدث على كافة الأصعدة، وفي عام 2011، كانت النتيجة برلمانا فاسدا، تم انتخاب أعضائه في إطار انتخابات مزورة، وحزب واحد، لعالم واحد، ولم يتغير أي شيءquot;.
التعاطي مع المثليات بمنظور أمني
وأضافت الناشطة الروسية أن سلطات بلادها بدأت تتعاطى مع المثليين جنسياً والمثليات بمنظور أمني، ووصمت تلك الفئة بأنهم عملاء لحساب أجهزة أمنية أجنبية، وبات المصير الذي ينتظر تلك الفئة هو المصير عينه الذي عصف بإيران في أعقاب ثورة 1979، حينما قُمعت الحريات، وهيمن على البلاد حزب واحد.
وتفيد المعطيات بأن السلطات الروسية بدأت في تفعيل قانونها الخاص بالمثليين جنسياً رويداً رويداً، إذ تم تمريره في بداية الأمر في مدينة ريزان عام 2009، إلا أن أيًّا من سكان المدينة لم يعلق على فرض القانون، لكنه حينما تم سنّ القانون عينه في سان بطرسبرغ عام 2011، اعترضت عليه المثليات جنسياً، إذ كان واضحاً أنه سيتم تمرير هذا القانون على المستوى الفيدرالي، وقد جرى ذلك بالفعل، وفي الحادي عشر من حزيران (يونيو) 2013، صادق البرلمان الروسي على قانون يقضي بالدفاع عن الأطفال من أية ثقافات، تتعارض والقيم الأسرية الموروثة، وفرض القانون الذي يدور الحديث عنه غرامات على كل من يجترئ ويعلن انه مثلي الجنس.
وترى الناشطة الروسية أن الأسرة مثلية الجنس، لا تختلف عن غيرها من الأسر العادية، وفي الوقت الذي يدعي القائمون على القانون أنهم يحرصون بهذا التشريع على حماية الأطفال من الثقافات غير الأسرية، يرى المثليون جنسياً في روسيا، أن الهدف الرئيس من فرض هذا القانون هو قمع الحريات الجنسية، والحيلولة دون ميل الشباب المراهق لتلك الثقافة، وربما حرص السلطات على منع تفشي الأمراض الناجمة عن الممارسات الجنسية بشكل عام.
الرشق بالبيض الفاسد والطماطم
وبعد سن القانون الذي يدور الحديث عنه، بات محظوراً الحديث عن أية قضايا تتعلق بالمثليين جنسياً بحسب الناشطة الروسية، التي قالت: quot;حاولنا التعبير عن رفضنا للقانون، وانتهزنا مبادرة طرحتها الناشطة المثلية الروسية quot;يلنا كوستيوتشينكوquot;، وأطلقت عليها quot;يوم القبلاتquot;، واحتشدت المثليات جنسياً أمام البرلمان الروسي quot;الدوماquot;، ومن دون اللجوء للعنف، وبدلاً من إلقاء القنابل، تبادلت الناشطات المثليات القبلات الساخنة، ففوجئنا بالمسيحيين المتشددين، وغيرهم من التيارات المحافظة في روسيا، يرشقوننا بالبيض الفاسد والطماطم، وبدلاً من أن تمنع الشرطة الروسية المحافظين من قمعنا، أودعتنا السجون، ولم تكن تلك الواقعة هي الأولى من نوعها، إذ تكرر المشهد عينه معنا، حينما أحيينا يوماً آخر أطلقنا عليه الاسم نفسه قبل سن القانونquot;.
ودعت الناشطة المثلية الروسية إلى التظاهر في بلادها بقوة، لا تغاير التظاهرات التي شملت شوارع أوكرانيا مؤخراً، وقالت: quot;بعضنا يتظاهر أمام البرلمان quot;الدوماquot;، ومجموعة أخرى تنظم مسيرات في ميدان أو مكان آخر، لكن ذلك لن يُحرك ساكناً، فينبغي أن تتحد كافة القوى المناوئة للقوانين القمعية والعنصرية في روسيا، لكننا للأسف نتعرض للتنكيل والاختناق من قبل أجهزة الأمن والشرطة الروسيةquot;.