تلوح تحليلات في أفق استمرار النظام السوري في الحرب المستمرة هناك، فبعد أن تحدثت توقعات عن سقوط الأسد في المستقبل القريب، تبدلت الموازين الآن، وبات احتمال بقائه في السلطة في المستقبل المنظور أمرًا واردًا.

بيروت: في بداية عام 2013، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، في مؤتمر صحافي عقده في عمان في 22 آذار مع العاهل الأردني الملك عبد الله: quot; أنا واثق من أن الأسد سوف يسقط. إنها مسألة وقت فقطquot;.
إفتراض خاطئ
لكن خلال حديثه هذا، كانت أجهزة الاستخبارات الأميركية وراء الكواليس تلتقط مؤشرات على أن هذا الافتراض خاطئ جداً.
اليوم، مع بداية عام 2014، تقف سوريا كمثال على quot;الالتزامات غير المتطابقةquot;، ودليل على عجز الولايات المتحدة الأميركية عن توجيه الأحداث من مسافة بعيدة.
يقول مسؤولون أميركيون لصحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; إن سوريا التي كانت معروفة من قبل لم تعد موجودة بكل بساطة، وقد حلّت محلها دولة ممزقة ومقسمة إلى جيوب طائفية يسودها الاقتتال والتطرف، مما يرسل إشارات مثيرة للقلق في أنحاء الشرق الأوسط لسنوات قادمة.
التقييمات الاستخباراتية التي أظهرت في السابق أن الأسد على وشك الهزيمة، تشير الآن إلى أنه يمكن أن يبقى في السلطة في المستقبل المنظور، لا سيما وأنه يحظى بالسيطرة على الأجزاء الرئيسية من البلاد على الحدود مع لبنان وساحل البحر الأبيض المتوسط.
تستبعد وكالات الاستخبارات الأميركية أن تكون بإمكان الأسد السيطرة على البلاد كلها مرة أخرى، فالمناطق التي أصبحت خارجة عن سيطرته والجيوب المتحاربة على أسس عرقية وطائفية صارت ملاذاً جديداً لتنظيم القاعدة الذي يجتاح المنطقة من سوريا الى العراق.
لكن هذا لا يعني أن فرصة الإطاحة بالأسد تلوح في الأفق، فهذا الاحتمال صعب التحقق لا سيما في ظل عدم وجود معارضة موحدة ومنظمة، حتى وإن استثمرت الولايات المتحدة مبالغ ضخمة في تنظيم المعارضة.
الحرب الأهلية قد تستمر عشر سنوات أخرى أو أكثر، بناء على تحليل وكالة المخابرات المركزية لتاريخ حركات التمرد، الذي قام نائب المدير مايكل موريل بعرضه على انفراد مع المشرعين، وفقاً لمسؤولين في الكونغرس.
وبحسب التقدير الجديد للاستخبارات الأميركية، فإن لدى الأسد القدرة على الحفاظ على السلطة في المستقبل القريب، فيما يحرص الرئيس أوباما وكبار مسؤولي حكومته على عدم تكرار التنبؤ بشأن سقوط الأسد القريب تفادياً للإحراج وحفاظاً على ما تبقى من مصداقية.
حزب الله أنقذ حليفه
وفي حين تبدو واشنطن مترددة في دعم المعارضة السورية بشكل يغيّر ميزان القوى ndash; خوفاً من المتشددين - يقول مسؤولون أميركيون في الوقت نفسه إن إيران وحزب الله لم يدخرا جهداً لإنقاذ حليفهما.
ومع ذلك، فقد حذر قادة العرب نظراءَهم الأميركيين بصراحة أن سوريا تشكل معضلة للولايات المتحدة، وسوف تدفع واشنطن ثمنها عاجلاً أم آجلاً، لا سيما عندما يضع تنظيم القاعدة نفسه بالكامل في الأراضي السورية التي لا تسيطر عليها الحكومة.
ومن ضمن ما أخطأت الولايات المتحدة في تقديره كان إلى أي مدى حزب الله على استعداد لدعم الرئيس الأسد.
أظهرت الاستخبارات الأميركية في البداية، أن زعيم حزب الله حسن نصر الله، يقاوم النداءات المتكررة من القادة الإيرانيين، بما في ذلك قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، لإرسال مقاتلي حزب الله في أعداد كبيرة إلى سوريا لتعزيز نظام الأسد.
وتشير وكالات التجسس الاميركية إلى أن سجالاً حاداً كان يعصف بقيادة حزب الله في ذلك الوقت، بسبب القلق من أن التدخل في سوريا سوف يسيء إلى الحزب، ويثير ردود فعل في لبنان.
ويؤكد مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون في الاستخبارات أن نصرالله وافق فقط على نشر قواته في سوريا، بعد أن تلقى طلباً شخصياً من الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي أوضح أن طهران تتوقع من حزب الله التصرف بشكل حاسم.
بحلول منتصف الصيف، كانت وكالات المخابرات الاميركية تراقب نمو انتشار حزب الله في سوريا، وعلمت أن زخم الحرب تحول لصالح نظام الأسد.
والآن، يقول بعض كبار المسؤولين في إدارة أوباما والبنتاغون إن الفرصة لتعزيز المعارضة المعتدلة قد ولّت، وسوف يتضاءل الضغط على الأسد للرحيل.
وقال دبلوماسي أميركي يعمل منذ فترة طويلة في المنطقة: quot;حتى الآن، يبدو أن الأسد ونصر الله وسليماني قد فازواquot;.