قد نختلف سياسيًا مع الفريق الآخر، لكن أن نستعمل لغة خشبية بعد كل انفجار أمني يستهدفنا لنكيل بها السباب والشتائم للفريق الآخر، هو أمر يحصل في لبنان ويعكس خطاب السياسيين.

بيروت: تتجدد لدى كل انفجار أمني، لغة خشبية يُكيل بها الفريق المستهدف في لبنان، كل انواع الشتائم وما تتضمنه من اقصاء وتهميش للآخر، يبلغ ذروته في الاحتقان والتشنج وتحقير الآخر.

إنها الحرب والانفجارات الكلامية بين فريقي 14 و 8 آذار/مارس، كلما استُهدف فريق منهما في التفجيرات التي تنتقل في المناطق اللبنانية، فلا احترام للآخر quot;الشريك في الوطنquot;، بل امعان في تهميشه الى اقصى الحدود.

وتبدو جدران الفيسبوك والتويتر وكأنهما المتنفس الوحيد لهذا الاحتقان الذي يعبِّر عنه اصحابه بانبى الكلمات وحتى بتوجيه الدعاء لموت الفريق الآخر.

هنا مثلاً وبعد انفجار حارة حريك بالامس قد تجد تحقيرًا للفريق الآخر ما بعده تحقير، كعبارات تلعن وتدعو الى الموت للفريق الآخر.

وقبلها انفجار ستاركو اظهر العبارات ذاتها ضد الفريق الآخر.

خطاب الناس اصبح تحقيريًا انفعاليًا متشنجًا والسبب بحسب الكثيرين يعود الى الخطاب السياسي لكل فريق، هذا الخطاب الذي بات بمجمله تحريضيًا وانقساميًا الى ابعد الحدود.

ليلى خير تعتبر أن كتابات الناس إن كان عبر فيسبوك أو تويتر انما هي انعكاسات سلبية لما يقوله الزعماء، فاذا كان هؤلاء متفقين يتفق الناس العاديون، اما اذا تخاصموا فاهلاً بالسباب والشتائم.

وتعتبر أن ذروة هذا الانقسام الكلامي يظهر خلال الازمات الامنية وخصوصًا الانفجارات.

سامي منصور يشير الى أنه هجر الفيسبوك بالامس وقبله خلال انفجار الستاركو لأن الكلمات النابية التي كانت تقال بحق كل فريق كانت بغاية القساوة وتظهر تدني المستوى الاخلاقي فيها، وبرأيه كان الافضل له ألا يحاول حتى قراءتها لأنها تؤلم في الصميم، ويتساءلquot; هل اصبح الكره الشديد لبعضنا البعض ينسينا قيمنا الوطنية والاخلاقية؟

رأي سياسي

يقول النائب السابق الدكتور بيار دكاش لـquot;إيلافquot; إن هناك 3 مشاكل في لبنان سياسية واقتصادية واخلاقية، والخطاب السياسي يقع ضمن مشكلة الاخلاق في لبنان بكل اسف.

ويتابع:quot; هناك اسباب لانحدار المستوى في الخطاب السياسي اللبناني ومنها عدم وعي الشعب اللبناني بكافة ابنائه في أي موقع كان، والى أي فريق انتمى لمسؤولياته، ولمعرفته لحقوقه، اتى بممثلين يوم الاستحقاق الكبير، ادى الى انقسام مريع سقطت فيه كل المبادىء والقيم.

بالاضافة الى مشاكل عدة في لبنان تجعل هذا الخطاب السياسي ينحدر الى هذا المستوى اولها الشخصانية وتأليهها، بمعنى أن مشكلة الناس أنهم يعبدون الاشخاص وليس المبادىء، وهذا ناتج عن قلة الوعي على الرغم من الشهادات العالية والكفاءات التي يتميّز بها اللبناني.

ثم العائلية، أي لا نزال نمشي في الحياة القبلية العائلية، ثم الطائفية، والمذهبية، الوحدة تبدأ في أن الواحد ينضم الى الآخر، لا نزال بعيدين عن الوحدة في الجماعة، المصلحة الذاتية تقدم على المصلحة العامة، ونسأل هنا إن كان هناك تمويل لتلك الخطابات، وهي ليست نابعة من إرادة ذاتية بل تقع ضمن الولاءات الخارجية التي تدفع بهذا الفريق أو ذاك الى أخذ المواقف.

والخطاب السياسي في لبنان لا يحتاج الى تقييم بل الى صمت اعمق منه، واذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا، لان الصمت افضل من الكلام.

ويقول :quot;في كل العهود كان هناك من يخرج عن اللياقات والآداب والقيم، ولكن بكل اسف في وقتنا الحاضر ونظرًا للمآسي التي مرّ بها لبنان، انحدر الخطاب السياسي والشعبي الى مستوى مخجل محزن مبكٍ ومخزل وجارح، اما ضوابط هذا الخطاب فتكون من خلال توعية الشعب اللبناني، ويجب أن يعرف حقوقه وواجباته، وأن يختار جيدًا الطقم السياسي، يكون فعلاً وليد إرادة الشعب اللبناني، ومع وجود الوعي الذي يرفض التدخل الخارجي من الشرق أو الغرب، حينها يصبح الخطاب السياسي والشعبي منسجمًا مع ارادة الشعب اللبناني وحقه في الاختيار.

ويتابع:quot;نعرف أن هذه الفوضى الموجودة في لبنان مدمِّرة هي بسبب كل كلمة تخرج من فم الخطيب، وقبل أن تخرج الكلمة من فمه يكون ملك الكلمة وبعدها يصبح عبدها. والانفجار الامني قد يكون بسبب خطاب غير موزون أو ممحص.