وجدت الإدارة الأميركية نفسها في مواجهة الصراع المتجدد في العراق، وعرضت تقديم مساعدة للحكومة والعشائر التي تقاتل متشددي القاعدة، وحمّل سيناتوران بارزان إدارة أوباما مسؤولية انهيار الأوضاع.

قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الأحد، إن الولايات المتحدة ستدعم الحكومة العراقية والعشائر التي تقاتل متشددين سنة مرتبطين بتنظيم القاعدة في محافظة الأنبار إلا أنها لن تعيد قواتها إلى العراق.
ومن جهتها، أعربت إيران عن استعدادها لاسداء النصح للعراق بشأن معركتها مع تنظيم القاعدة وامدادها بالمعدات العسكرية.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن الجنرال محمد حجازي نائب رئيس الأركان الإيراني قوله quot;نحن مستعدون لامدادهم بالنصح والمعدات إذا طلبت بغداد ذلك لكننا نعلم أنهم ليسوا بحاجة لقوات على الارضquot;.
وسيطر متشددون إسلاميون مرتبطون بالقاعدة ومقاتلون من بعض العشائر على الرمادي والفلوجة وهما أكبر مدينتين بمحافظة الأنبار على الحدود مع سوريا في تحد خطير لسلطة الحكومة التي يقودها الشيعة.
وتحاول القوات العراقية ورجال قبائل متحالفون معها استعادة السيطرة على المحافظة.
وقال كيري للصحافيين في القدس إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء الأحداث في الأنبار التي كانت مركزا للتمرد ضد الولايات المتحدة بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
لا عودة للقوات الأميركية
وفي الوقت الذي تعهد فيه بمساعدة حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي أوضح كيري بما لا يدع مجالا للشك أن القوات الاميركية لن تعود إلى العراق. وسحبت الولايات المتحدة قواتها من العراق عام 2011 بعد الفشل في التوصل لاتفاق مع حكومة المالكي حول استمرار التواجد.
وقال وزير الخارجية: quot;هذه معركة تخص العراقيينquot; مضيفا quot;لا نفكر في إرسال قوات على الأرض. هذه معركتهم لكننا سنساعدهم في قتالهم.quot;
وامتنع كيري عن تقديم تفاصيل حول ما قد تفعله الولايات المتحدة لمساعدة المالكي الذي حثته واشنطن مرارا على اقتسام السلطة مع الأقلية السنية فيما يهدف جزئيا لمنع تجدد التمرد السني ضد الحكومة المركزية.
وتحكم جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام التابعة لتنظيم القاعدة قبضتها على نحو مضطرد في محافظة الأنبار الصحراوية خلال الشهور الأخيرة في مسعى لإقامة دولة إسلامية سنية تمتد عبر الحدود مع سوريا.
ويمثل استيلاء الجماعة في الأسبوع الماضي على مواقع في الرمادي والفلوجة سابقة هي الأولى من نوعها منذ سنوات التي يستولي فيها مقاتلون سنة على أراض في المدينتين ويحتفظون بمواقعهم لأيام.
تداعيات العنف
وقال كيري إن العنف له تداعياته على الصعيد الاقليمي. وأضاف quot;هذه معركة أكبر من أن تكون في العراق وحده... القتال في سوريا هو جزء مما يثير عدم الاستقرار في باقي المنطقة.quot;
وقال كيري quot;لا يمكن أن نرغب في السلام.. ولا يمكن أن نريد الديمقراطية.. ولا يمكن أن نرغب في حكومة منظمة واستقرار أكثر من شعب منطقة ما.. أو دولة ما.. أو إقليم ما.quot; وأضاف quot;هذه المعركة في النهاية عليهم تحقيق النصر فيها وأنا واثق من أنهم سيتمكنون من ذلك.quot;
انتقادات ماكين وغراهام
إلى ذلك، وجه السيناتوران البارزان في الحزب الجمهوري، جون ماكين وليندسي غراهام، انتقادات حادة إلى الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وطريقة إدارته للملف العراقي، على وقع المعارك الدائرة في الفلوجة، وأشارا إلى أن البيت الأبيض يتحمل مسؤولية الفراغ الأمني الذي سهل دخول القاعدة بعد انسحاب القوات الأميركية عام 2011.
وقال ماكين وغراهام في بيان مشترك: quot;رغم مسؤولية العديد من العراقيين عن هذه الكارثة الاستراتيجية (عودة القاعدة) فإن الإدارة الأميركية لا يمكنها التنصل من تحمل جزء من المسؤوليةquot; في إشارة إلى فشل مفاوضات واشنطن مع بغداد حول اتفاقية أمنية تتيح بقاء القوات الأمريكية بعد موعد الانسحاب المقرر عام 2011.
وأضاف البيان: quot;عندما قرر الرئيس باراك أوباما سحب كل الجيش من العراق عام 2011 - رغم التوصيات المخالفة لذلك من الضباط والقيادات العسكرية على الأرض - توقع الكثير منا أن يقوم أعداء أمريكا بشغل الفراغ الذي ستتركه وسيهدد ذلك مصالح الأمن القومي الأمريكي، وللأسف فإن هذه المخاوف قد باتت اليوم حقيقة واضحة للعيان.quot;
تغيير النهج
وتابع ماكين وغراهام في بيانهما المشترك بدعوة الإدارة الأميركية إلى تغيير سياساتها حيال الشرق الأوسط وأضافا: quot;على الإدارة أن تدرك فشل سياساتها والحاجة إلى تغييرها، لقد خسرت أمريكا الكثير من الوقت والخيارات والنفوذ والمصداقية خلال الأعوام الخمسة الماضية ولا يمكنها تحمل تبعات الاستمرار بذلك.quot;
وفي الأخير، لم يوفر ماكين وغراهام البيت الأبيض من الانتقادات بما يتعلق بالسياسة تجاه سوريا أيضا إذ قالا في رسالتهما: quot;لقد وقفت الإدارة الأمريكية جانبا ورفضت اتخاذ أي خطوة ذات معنى حيال الصراع الذي حصد أرواح أكثر من 130 ألف شخص وشرد ربع الشعب السوري وأدى إلى عودة ظهور تنظيم القاعدة وتحول إلى صراع إقليمي بات يهدد أمننا القومي ومصالحنا في استقرار الدول المجاورة، بما فيها العراقquot; وفقا لتعبيرهما.