يحتفل الأقباط في مصر اليوم بعيد الميلاد المجيد، وسط حراسات أمنية مشددة على الكنائس، التي توافد إليها مسلمون أيضاً لتهنئة المسيحيين بهذه المناسبة، وخرجت الأسر القبطية إلى المتنزهات للإحتفال بالعيد، بينما فضل الأثرياء منهم الهروب من زحام القاهرة، والمدن الكبرى إلى المنتجعات في المناطق الساحلية في الغردقة وشرم الشيخ، إضافة إلى مدينتي الأقصر وأسوان.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أدى المسيحيون في مصر، قداس عيد الميلاد في مختلف الكنائس في أنحاء الجمهورية، وسط إجراءات أمنية مشددة، لاسيما في محيط المقر البابوي في القاهرة للأقباط الأرثوذكس. كما أدى الأقباط الإنجيليون الصلاة في الكنيسة الأم في حي مصر الجديدة، وشارك الكثير من المسلمين الطائفة الإنجيلية الإحتفال. ورغم أنه مر بسلام وأمان، إلا أن مشاعر القلق والخوف كانت تستبد بالأقباط، خشية وقوع أعمال إرهابية أثناء الصلاة، لاسيما أن حادثة كنيسة القديسين، وقعت في مثل تلك المناسبة، من عام 2011، ولم يقدم الجناة للمحاكمة حتى الآن. وزاد من قلق الأقباط وقوع العديد من العمليات الإرهابية في مصر، منذ إسقاط نظام حكم الرئيس السابق محمد مرسي، في 3 تموز (يوليو) الماضي، واندلاع إشتباكات بشكل شبه يومي ما بين قوات الشرطة وأنصار مرسي أو مع مؤيدي وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي.

إجراءات مشددة
اتخذت وزارة الداخلية إجراءات أمنية مشددة بمحيط الكنائس، لاسيما تلك التي تقع في مناطق أو مدن ساخنة، بالإضافة إلى الكاتدرائية المرقسية بحي العباسية بالقاهرة، وقال مصدر أمني لـquot;إيلافquot; إن الكنائس تحظى بتأمين مشدد منذ يومين قبل الإحتفال بعيد الميلاد، مشيراً إلى أن المقر البابوي يحيط به من الخارج المئات من الجنود وضباط الشرطة، إضافة إلى انتشار الكلاب البوليسية المدربة على الكشف عن المتفجرات، وعشرات آخرين من الشرطة السرية، وكذلك كنيسة الطائفة الأنجيلية. وأفاد بأن الشرطة منعت السيارات من الدخول إلى ساحة الكاتدرائية، أو الوقوف إلى جوار أسوارها، خشية استخدامها في أية تفجيرات.
ولفت إلى أن إجراءات أمنية مماثلة تم اتخاذها مع كنائس المناطق الساخنة، ومنها محافظات المنيا، أسيوط، قنا، الإسكندرية، منوهاً بأن العديد من المصريين المسلمين شاركوا في عملية تأمين الكنائس جنباً إلى جنب مع قوات الشرطة. ونبّه إلى أن هذه الإجراءات الأمنية المشددة سوف تستمر إلى أجل غير مسمى، لاسيما في ظل وجود توقعات بإستهداف الكنائس بعمليات إرهابية.
وتسابقت القوى السياسية في مصر إلى تقديم التهاني إلى الأقباط وزيارتهم في الكنائس، ومنها التيار الشعبي بزعامة المرشح السابق للرئاسة حمدين صباحي، وانتشرت لافتات التهاني من التيار على واجهات عدة كنائس، وأمامها. وزارت وفود من أعضاء التيار وأعضاء الأحزاب السياسية الليبرالية الكنائس بالقاهرة والمحافظات للمشاركة في الإحتفالات.
وقدم الجيش الثالث التهنئة للأقباط في عيد الميلاد، وقال اللواء أسامة عسكر، قائد الجيش في بيان له، دعا فيه إلى quot;تكاتف الجميع والوقوف صفًا واحدًا، والتسامح ونبذ العنف. وأَضاف: quot;علينا أن نتعلم جميعًا كيف نختلف كما تعلمنا كيف نتفق، ونأخذ من تعاليم المسيحية التسامح ومن مبادئ الإسلام السلام، لنبدأ جميعًا ببناء حاضر يؤسس لمستقبل مشرق لأبنائنا، وليبدأ كل واحد منا بالسلام لتظل مصر وطنًا يعيش فينا كما نعيش فيهquot;.
نزهات العيد
ويذهب الأقباط من الأغنياء والأثرياء إلى المنتجعات للإحتفال بعيد الميلاد، بينما يذهب محدودو الدخل إلى المتنزهات العامة، وقالت رانيا بطرس، وتعمل محامية، إنها ذهبت مع أسرتها إلى الكنيسة لأداء الصلاة، وهي تشعر بالكثير من القلق.
وأضافت متحدثة لـquot;إيلافquot; أنه كانت هناك تهديدات أو توقعات بأن الكنائس سوف يتم إستهدافها من قبل الجماعات الإرهابية ليلة العيد، عقاباً للأقباط على تأييد ثورة 30 يونيو، وإزاحة محمد مرسي عن الحكم، مشيرة إلى أنها وأسرتها وسائر الأقباط لم تكن لديهم أية خيارات أخرى سوى أداء صلاة عيد الميلاد في الكنائس، وquot;إذا حدث أي مكروه، فالرب يحميهم أو يرفعهم إليه شهداءquot;، على حد قولها.
رانيا قالت إنها سوف تحتفل بالعيد في مدينة الغردقة على ساحل البحر الأحمر، لمدة ثلاثة أيام ثم تعود للقاهرة، مشيرة إلى أن الخروج من زحام القاهرة هو الحل لإستنشاق هواء نظيف، وحتى يستطيع أطفالها ممارسة اللعب بحرية في أماكن فسيحة.
أصحاب المداخيل المحدودة أو المتوسطة من الأقباط، لم يبرحوا منازلهم إلا للمتنزهات العامة في القاهرة أو المدن الأخرى. وفي حي الجيزة الشعبي، فضل الأقباط قضاء العيد في زيارة حديقة الحيوان أو حديقة الأرومان، وقال مايكل عادل، من أقباط الجيزة، إن العيد هذا العام يأتي إلى مصر وهم في حالة أقرب للحزن منها للفرح، وأَضاف لـquot;إيلافquot; أن الأقباط كسائر المصريين يشعرون بالحزن والقلق على أحوال بلادهم، مشيراً إلى أن العيد لا طعم له، في ظل انتشار العمليات الإرهابية وزيادة معدلات العنف. ولفت إلى أنه رغم هذه الأجواء، فإن الأقباط يحاولون الإحتفال والفرح. وذكر أنه ذهب مع أسرته إلى حديقة الحيوان للتنزه، إضافة إلى زيارة الأهل والأصدقاء لتقديم التهنئة.