بعد أن أصيب حوضها بصدع أثناء ممارسة رياضة التزلج على الجليد قبل اسبوع، يقع على انجيلا ميركل أن تعمل على شفاء صدع آخر في العلاقات مع الادارة الاميركية، التي تشير التكهنات إلى رفضها توقيع اتفاقية عدم التجسس مع ألمانيا.


كولون: اهتزت ألمانيا قبل أشهر بسبب كشف إدوارد سنودن عن تجسس وكالة الأمن القومي الأميركية على هاتف المستشارة ميركل الجوال، وهواتف معظم الهيئات السياسية الألمانية والوزراء والأفراد على حد سواء.

وإذ طرحت الحكومة الألمانية، وهيمنشغلة بالحملة الانتخابية الأخيرة، مبدأ عدم التجسس بين الطرفين كحل لأزمة الثقة داخل أعضاء حلف الناتو، أعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما عن عزمه تحديد صلاحيات وكالات التجسس الأميركية والتحقيق في الموضوع.

كما وجه الرئيس الاميركي دعوة رسمية إلى ميركل لزيارة واشنطن بهدف التباحث في العلاقات بين البلدين، وقالت وزارة الخارجية الألمانية حينها أن موضوع اتفاقية عدم التجسس سيكون في مقدمة أجندة اللقاء.

كذبوا علينا

وبعد التفاؤل الذي أبداه رئيس وكالة الامن القومي كيث الكسندر ونظيره الألماني جيرهارد شندلر، رئيس المخابرات الألمانية، قبل أشهر حول إمكانية التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، عادت مستشارة الرئيس الاميركي سوزان رايس إلى نقطة البداية، حينما قالت لصحيفة نيويورك تايمز بنهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، إن الولايات المتحدة لا تريد لهذه الاتفاقية أن تكون نموذجًا تحتذي به بقية البلدانquot;.

وأطلقت صحيفة زود دويتشه تسايتونغ واسعة الانتشار موجة التكهنات الألمانية الحالية حول مصير اتفاقية عدم التجسس، عندما نقلت عن مصادر موثوقة أن جهازي مخابرات البلدين فقدا حماسهما إلى الاتفاقية. ونقلت الجريدة عن مسؤول مشارك في المفاوضات بين البلدين قوله quot;كذب الاميركان عليناquot;، quot;ولن نحظى بشيءquot;. وشارك تلفزيون الشمال في تقريب التكهنات إلى الواقع، حينما نقل عن مسؤول حكومي قوله: quot;لم نعد نتقدم خطوة إلى الأمامquot;.

تحفظ

وفي حديث لـquot;ايلافquot;، كانت المتحدثة الصحفية متحفظة في تأكيد هذه التكهنات، فقالت إن المفاوضات جارية مع الولايات المتحدة، والحكومة الألمانية ستبذل قصارى جهدها من أجل اتفاقية تضمن عدم التجسس المتبادل. واعتبرت المتحدثة ما نقلته الصحافة الألمانية مجرد تكهنات مبنية على تصريحات غير رسمية.

وكان وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير، قد أشار يوم الثلاثاء الماضي إلى أن المفاوضات حول الاتفاقية مستمرة خلال مؤتمر صحفي عقده بهدف عرض خططه الخاصة بالوزارة للسنوات الأربع القادمة. وامتنع الوزير عن كشف التفاصيل متعذرًا بسرية الموضوع وحساسيته.

لسنا كوريا الجنوبية!

تشي مشاركة كبار السياسيين في التعليق على فشل اتفاقية عدم التجسس، وبعضهم من المسؤولين في حزبي التحالف الحكومي الكبير القائم، بقرب هذه التكهنات، التي تسبق زيارة المستشارة الأميركية إلى واشنطن، من الواقع. قال ميشائيل هارتمان، من الحزب الديمقراطي المسيحي وعضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الألماني: quot;لا يمكننا القبول بمثل هذا الوضع، فنحن لسنا كوريا الجنوبيةquot;.

وطالب توماس اوبرمان، رئيس كتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي البرلمانية، باتفاقية عدم تجسس ثابتة مع الولايات المتحدة. وقال: quot;نحن ندافع مع الولايات المتحدة من أجل مبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة، وما تفعله الحكومة الأميركية لا يندرج تحت هذه المبادئquot;.

وطبيعي كانت المعارضة الصغيرة، ممثلة بحزب الخضر وحزب اليسار أكثر مباشرة في انتقاد عجز الحكومة الألمانية أمام نظيرتها الأميركية. فقال يان كروته، النائب عن حزب اليسار: quot;لا ينبغي لحكومة ميركل أن تتذمر لأنها كانت بلا أسنان منذ الكشف عن فضيحة التجسسquot;.

مسرحية رخيصة

اعتبرت كونستانتين فون نوتز، من حزب الخضر، أن ألمانيا خرجت خالية اليدين، وأن ذلك لم يفاجئها. وكان تورستن فيرت، من حزب القراصنة أكثر حدة حينما وصف الضجة حول الاتفاقية بأنها مجرد quot;مسرحية رخيصةquot;.

وطالبت quot;قائمة الناخبين الأحرارquot; المستشارة الألمانية بإلغاء زيارتها إلى واشنطن، اذا ما تأكدت التكهنات حول موقف الولايات المتحدة الرافض للاتفاقية.

ويذكر أن سياسة المستشارة ميركل كانت أقرب إلى الرئيس بوش الأبن منها إلى الرئيس الحالي اوباما. وكانت سياسة المستشار الأسبق هيلموت كول طوال فترة حكمه (16 سنة) أقرب إلى أوروبا وصديقه فرانسوا ميتران.

وواصل المستشار السابق جيرهارد شرودر سياسة كول الأوروبية، وإن بشيء من الميل إلى صديقه بوتين، إلا أن ميركل وجهت دفتها بقوة عبر الأطلسي باتجاه واشنطن. وسبق لعرابها المستشار الأقدم هيلموت كول أن انتقد سياستها الخارجية، متهمًا اياها بتغليب العلاقة مع واشنطن على العلاقة مع الاتحاد الأوروبي.