مع اقتراب ذكرى اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، تنفرد quot;إيلافquot; بنشر تفاصيل الاتصال الهاتفي الذي اجراه جورج بوش الأب بالملك فهد في العام 1989، وتمحور حول هذا الاتفاق الذي انهى الحرب الأهلية اللبنانية.


واشنطن: في الساعة الخامسة وخمسٍ وخمسين دقيقة من مساء الثالث والعشرين من تشرين الأول (اكتوبر) 1989، اتصل الرئيس الاميركي جورج بوش الأب هاتفيًا بالملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، وتناول الحديث بينهما اتفاق الطائف الذي انهى الحرب الأهلية اللبنانية، بعد نحو 15 عامًا من نزيف الدم.

وقال بوش خلال اتصاله بالملك فهد: quot;صاحب الجلالة، اسمح لي بتهنئتكم على انجاز الطائف التاريخي، فنحن نعرف أن الفرقاء اللبنانيين ما كانوا لينجحوا قط في التوصل إلى هذا الاتفاق لولا قيادتكم وتصميمكم وقوتكم، ونشعر أن مبادرتكم أسدت خدمة جليلة للبنان والعرب والانسانيةquot;.

إرشاد

وتنفرد quot;إيلافquot; بنشر الترجمة العربية الكاملة للحديث، بعد رفع السرية عن نصه، مع اقتراب الذكرى الخامسة عشرة لاتفاق الطائف، وبدء محاكمة المتهمين باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في لاهاي، ودنو موعد انعقاد مؤتمر جنيف-2 لانهاء الحرب السورية.

وتتسم الوثيقة بأهمية تؤكدها الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، وما اعترى العلاقات الاميركية - السعودية من جفاء، لأنها تبين توجه رئيس يقود أقوى دولة في العالم إلى عاهل سعودي طالبًا منه النصح والارشاد.

وبحسب وثيقة البيت الأبيض المختومة بكلمة quot;سريquot;، استمر الحديث سبع دقائق، ويمكن أن يستشف منه المرء بوضوح أن الرئيس بوش يتوجه مباشرة إلى الملك فهد، طالبًا النصح بشأن اتفاق الطائف. وكان الحريري دافع عن الاتفاق حتى آخر يوم من حياته، رغم اصطدام مبادئ هذا الاتفاق بواقع السياسة اللبنانية.

نص الوثيقة

مذكرة البيت الأبيض/واشنطن
الموضوع: اتصال هاتفي بالملك فهد، ملك المملكة العربية السعودية
المشاركون:
الرئيس
الملك فهد
التاريخ والوقت والمكان: 23 تشرين الأول (اكتوبر)، 5: 55 ـ 6: 02 مساءً، المكتب البيضاوي
المترجم: سناء عظيم
المسجل: ساندرا تشارلس

اتصل الرئيس بالملك فهد بشأن اتفاق الطائف حول لبنان.

الرئيس: صاحب الجلالة، إسمح لي بتهنئتكم على انجاز الطائف التاريخي.

الملك فهد: شكرًا جزيلًا.

الرئيس: تعرفون أن الفرقاء اللبنانيين ما كانوا ليتمكنوا قط من التوصل إلى هذه الاتفاق لولا قيادتكم وتصميمكم وقوتهم، ونحن نشعر بأن مبادرتكم هذه خدمة جليلة للبنان والعرب والانسانية. أردتُ التعبير عن دعمنا الكامل لنتائج الطائف. وسؤالي هو هل من الأفضل انتظار الاعلان الرسمي أم المضي قدمًا باصدار بيان الآن؟

الملك فهد: شكرًا السيد الرئيس على اتصالكم. لا شك في انها مشكلة صعبة. وكنا تبادلنا آراءنا معًا بهذا الشأن. إنها مشكلة دامت 15 عامًا، ونحن سعداء بانجاز شيء ما.

طلب النصيحة

الرئيس: لكن هل ننتظر إلى أن يكون هناك اعلان رسمي، أم نمضي قدمًا باصدار بيان الآن؟

الملك فهد: السيد الرئيس، كان الاتفاق بالاجماع، ما عدا ثلاثة ممثلين كانت لديهم تحفظات وسجلوا ملاحظات. الاتفاق وُقع بالفعل والنتائج أُقرت. وما سيحدث سيحدث في لبنان، ولا نستطيع الحكم عليه. وينبغي أن تدعم الولايات المتحدة هذا الاتفاق لدى اعلانه.

الرئيس: حسنًا، سنمضي قدمًا ونفعل ذلك. وسأتحدث في الحال مع الرئيس ميتران والبابا لتشجيعهما على تأييد هذا الاتفاق، والأهم من ذلك حثّ عون على تأييده.

الملك فهد: السيد الرئيس، شكرًا. وسنواصل جهودنا في الطائف ولبنان، نواصلها إلى أن نحقق النتائج. ولن نستسلم.

الرئيس: مرة أخرى، أهنئكم. نحن فخورون بقيادتكم وأتطلع إلى رؤيتكم.

الملك فهد: شكرًا. أنا أُقدر صنيعكم. وشكرًا على هذه المكالمة.

الرئيس: وداعًا، وتقبلوا احترامي يا سيدي.

التحدي اللبناني

لدى النظر إلى الوراء مع بدء محاكمة المتهمين بالضلوع في اغتيال الحريري في لاهاي، تتسم كلمات الملك فهد بأهمية خاصة، حين قال إن الاتفاق وُقع بالفعل والنتائج أُقرت، وما سيحدث سيحدث في لبنان، ولا نستطيع الحكم عليه. وينبغي أن تدعم الولايات المتحدة هذا الاتفاق لدى اعلانه.

وكأن لبنان ابتلى بموت اتفاق الطائف موتًا بطيئًا منذ يوم ولادته، وحتى الملك فهد الذي يُسجل اتفاق الطائف بوصفه انجازًا متميزا لدبلوماسيته، كان يدرك على ما يبدو أن السياسة اللبنانية تشكل تحديًا لأي اتفاق.