كثُرت ظاهرة الانتحاريين الذين يفجِّرون أنفسهم في لبنان، وكان آخرها انتحاري حارة حريك بالامس، ويُطرح السؤال حول المغريات الكثيرة التي يوعدون بها من أجل تنفيذ العملية الانتحارية.

بيروت: أكثر ما يقض مضاجع اللبنانيين كان الحقيقة الصادمة بأن بلادهم صارت تنتج انتحاريين، فبعد كثرة الانفجارات التي ينفذها انتحاريون بات السؤال الملح، هل اصبح لبنان ينتج انتحاريين؟ وكيف ينظر الفقه الاسلامي الى هذه الظاهرة؟

يقول الشيخ حسن شحادة لـquot;إيلافquot; إن المنطق الشرعي واضح كثيرًا في قضية الانتحاريين، فقد جاء في القرآن الكريم quot;من قتل نفسًا بغير نفس، او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعًا، ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعًا... quot; وفي مكان آخر يقول القرآن الكريم :quot; ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحقquot;، من هنا لا يجوز بأي شكل أو بأي حال من الاحوال أن تُقتل النفس وتُزهق الروح من دون سبب.

ويتابع: quot;ولم يتم التحديد في القرآن الكريم النفس بأنها النفس المسلمة أوالمسيحية أو الدرزية أو البوذية، بل شمل النفي كل البشرية بشكل عام.

ويضيف :quot; عندما كان الرسول يغزو اثناء الحرب، كان يعطي اوامره لجيش المسلمين بألا يقطعوا شجرة أو يقتلوا اسيرًا وبألا يتعرضوا لمريض أو لعاجز، أو لصغير.

فاذا كانت ابسط هذه الامور محرَّمة شرعًا فكيف يقومون اليوم بقتل الابرياء تحت أي شعار كان، هذا الامر غير انساني ومشروع بشكل طبيعي، ونحن نحرِّمه وندينه، ولا مبرر للحديث به بأنه عمل استشهادي.

اما اذا كان الاستشهاد بهدف الحفاظ على الارض والعرض، وعن وجود الانسان، فالامر مختلف تمامًا.

الاغراءات

عن الاغراءات التي يواجهها من يقوم بعملية انتحارية يقول :quot; يتم الاغراء من خلال الشعائر والقول بأن هناك جنَّات النعيم، ومن يموت في سبيل الله مصيره الى الجنة، وسوف تكون حياته افضل، وللاسف هناك اشخاص يصدِّقون هذه الامور، ويعتقدون بها، علمًا أن الشهادة هي في سبيل الله، من خلال الدفاع عن الارض والعرض كما ذكرت سابقًا، فمن قام بذلك فإلى الجنة ذاهب، اما اليوم ما يجري من استهداف احياء وابرياء من اطفال ورجال وشيوخ ونساء، لا علاقة لهم بأي حرب داخلية أو خارجية، تحت أي شعار لا يعتبر من يقوم بذلك شهيدًا، ولا مكان له في الجنة.

ولدى سؤاله هل هناك توعية دينية في هذا الخصوص للشباب خصوصًا الذين يقومون بعمليات انتحارية لردعهم؟ يجيب :quot; للاسف الدين غائب، ففي لبنان غيَّبوا الدين وغلَّبوا السياسة، ولا دين حقيقي في البلد.

وأئمة المساجد، برأيه اليوم لا يتحدثون بالدين بل بالسياسة، ولا حتى هناك علماء دين مسلمون أو غيرهم، صوتهم غير مسموع اليوم.
والسياسة برأيه هي التي اخذت البلد الى هذا المنحى الخطير الذي نشهده.

الجنّة والاموال

ويلفت الى أن هؤلاء الانتحاريين الشباب يوعدون بالجنة، ويصدقون ذلك ويشربون تلك الاقوال شربًا، كأنه غسيل دماغ، حيث هناك النعيم الخالد الابدي، وفي بعض الاحيان تكون احوال هؤلاء المادية quot;تعبانةquot; جدًا، فيوعدون بتأمين الحياة الكريمة لأولادهم بعد مماتهم من قبل من يوعز لهم بالانتحار، وكأنهم كسبوا quot;بوليصةquot; تأمين على حياتهم.

ويؤكد أن الدين الاسلامي يحرِّم الامر شرعًا، كقتل أي انسان من دون أي عذر أو سبب.

اذ لا يجوز القتل تحت أي ذريعة من الذرائع وخصوصًا داخل الاطياف نفسها واصحاب الديانات السماوية ذاتها.