يشهد العراق، الذي تمزقة صراعات طائفية وايديولوجية عدة، موجة نزوح داخلي من الأنبار ذات الأغلبية السنية إلى كربلاء الشيعية، ما يشير إلى أن الأمل بعراق من دون طائفية ما زال موجودًا.


القاعات الفخمة في ضواحي مدينة كربلاء المقدسة، التي تستقبل الحجاج الشيعة في البلاد، تكتظ اليوم بالنازحين السنّة من محافظة الأنبار، التي يسودها العنف وأعمال القتل. وتناقضات العراق قاسية، تقف على حبل رفيع بين الأمن والقتل، بين السلام والعنف، وبين الحب والتناحر.

وتختمر التوترات الطائفية التي تحاول جر العراق إلى أسوأ موجة من العنف خلال السنوات الماضية، لكن المشهد يبدو مختلفًا في كربلاء، اكثر المدن المقدسة لدى الشيعة، حيث يلعب الاطفال بينما تجتمع الاسر تحت الشمس قرب الاشجار.

وهذه العائلات سنية، لجأت إلى المدينة هربًا من موجة العنف التي تطال الانبار، في ظل ممارسات تنظيم القاعدة المحلي وتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام.

لا طائفية

بالتعاون مع حلفاء غامضين، استطاع تنظيم القاعدة بناء مكان في الفلوجة، التي خرجت عن سيطرة الدولة لصالح المتشددين ورجال قبائل مناهضين للحكومة العراقية. وشدد الارهابيون قبضتهم على المدينة تاركين الكثير من اللاجئين الذين هربوا من بيوتهم ولا يعرفون ما إذا سيكون بإمكانهم العودة اليها من جديد.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مدير مجمع مضيف محمد شعبان للزوار، قوله: quot;استضافة كربلاء لإخواننا السنة يقدم رسالة حقيقية تثبت أن لا طائفية في العراقquot;.

والمجمع الذي يستضيف 72 عائلة يمثل جزءًا من نحو 14 ألف أسرة نازحة، تم تشريدها من مدينة الفلوجة، وفقًا لإحصائيات الامم المتحدة، حيث يتم تدقيق أسماء النازحين ومقارنتها بالقوائم السوداء للمطلوبين التي تحتفظ بها الاجهزة الامنية. وتم وضع نقاط تفتيش جديدة يعمل على تفتيش السيارات الوافدة في الوقت الذي يتم فيه إغلاق الطرق ليلًا منعًا لحدوث هجمات انتحارية جديدة.

وعي وطني

واعتبرت واشنطن بوست أن هناك وعي وطني بأن أي حادثة بسيطة قد تشعل العنف الطائفي من جديد في البلاد، فالجماعات المسلحة لم ترد على الهجمات الانتقامية المتكررة، لكنها حذرت من أن هجومًا على موقع ديني حساس مثل كربلاء يمكن أن يغير ذلك. ويشار إلى أن هذه هي المرة الثالثة التي يترك فيها سكان الفلوجة منازلهم، وقال العديد من النازحين إن الفلوجة تبدو اليوم كمدينة أشباح.

وتعاني الفلوجة والرمادي من أعمال العنف المستمرة، مع الإشارة إلى أن ثلث الجنود الاميركيين الذين قتلوا في العراق لقوا مصرعهم هناك. وتحدثت الصحيفة عن المعاملة التي يلقاها النازخون في كربلاء، مشيرة إلى أنهم يحصلون على ثلاث وجبات طعام وخدمات طبية مجانية تتكفل بها السلطات الدينية في المدينة.

وفي منطقة عين التمر، التي تبعد 45 ميلًا عن كربلاء، تستقر 180 أسرة لاجئة، في حين يصر المسؤولون في البلدة على أن استضافة العائلات النازحة من الفلوجة والرمادي اشارة على أن العراقيين لم يستسلموا للميول الطائفية.