ترغب المعارضة في تونس نقل الصلاحيات التشريعية من المجلس التأسيسي إلى الحكومة غير الحزبية المزمع تشكيلها خلال أيام. لكن الاسلاميين يرفضون المساس بدور المجلس التأسيسي أو الحد من صلاحياته.


مجدي الورفلّي من تونس: في الوقت الذي يواصل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) المصادقة على دستور البلاد الجديد تحتدم الخلافات بخصوص دور ومهام السلّطة الأعلى في تونس بعد ختم الدّستور حيث يرى شقّ أنّه يجب الإبقاء على كيان المجلس وصلاحياته التشريعية والرقابية، فيما تتشبّث عديد الاطراف السّياسيّة الاخرى بتحجيم صلاحيّاته.

وإقترحت الأحزاب الدّاعية، خاصة من المعارضة، للحدّ من صلاحيّات النوّاب التشريعيّة، تحويل المبادرة التّشريعيّة للحكومة درءا للتجاذبات التي تثيرها مشاريع القوانين خلال المرحلة التي تسبق الإنتخابات فيما ترفض حركة النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهوريّة إنتقال المبادرة التشريعيّة إلى القصبة (مقر الحكومة).

وتنصّ أخر فقرة في دستور تونس المقبل (باب الأحكام الإنتقاليّة)، على أنّه بعد ختم هذا الدّستور وإلى حين إنتخاب مجلس نوّاب الشّعب، للمجلس التأسيسي سن القوانين وإحداث هيئات تؤمّن نفاذ أحكام الدّستورquot;، ولكن المعارضة بالأساس ترفض الّإبقاء على مهمّة سن القوانين في الفترة التي تلي ختم الدّستور.

يجب أن يبقى...

مبروكة المباركي نائبة عن كتلة المؤتمر من أجل الجمهوريّة (حزب الرئيس المرزوقي) قالت لـquot;إيلافquot; إنّ quot;السّلطة التشريعيّة من مهام المجلس التأسيسي ومن الطبيعي أن يبقى بهذه الصلاحيّة بعد إنهاء المصادقة على الدّستور وإلى حدود إجراء الإنتخابات الرّئاسيّة والتشريعيّة المقبلة إضافة بطبيعة الحال إلى مهمّته الرّقابيّة على الحكومةquot;.

وترى المباركي أنّه ليس من المعقول إنتزاع السّلطة التشريعيّة من المجلس وإضافتها لصلاحيّات الحكومة التي هي بصدد التشكّل، إذ ستصبح هذه الحكومة متعدّدة الصلاحيّات وذات سلطة مطلقة.

وتؤكّد النّائبة أن كتلتها بالتأسيسي تساند الحلّ المتمثّل في تقليص مبادرة النوّاب التشريعيّة بعدم تقديم مشاريع قوانين تتعلّق بالجانب الإقتصادي أو الإجتماعي إضافة إلى عطلة للنوّاب قبل الإنتخابات بمدّة حتى لا تتحوّل هذه المشاريع إلى آداة للحملات الإنتخابيّة، ولكن ليس سحب التشريع برمّته.

ترشيد التشريع

في المقابل، إعتبر النّائب عن الكتلة الديمقراطيّة (معارضة) محمّد الحامدي أنّه ليس من مصلحة أي كان الإبقاء على الصلاحيّات التشريعيّة للمجلس التأسيسي ويذهب إلى تحويل هذه المهمّة للحكومة في إطار ما أطلق عليه quot;ترشيد المبادرة التّشريعيّةquot; مع إبقاء صلاحيّة إقتراح فقط قوانين تتعلّق بالإنتقال الديمقراطي كالقانون الإنتخابي.

ويوضح الحامدي لـquot;إيلافquot;: quot;ترشيد المبادرة التشريعيّة خلال الفترة التي تسبق الإنتخابات سيجنّبنا الدخول في دائرة التجاذبات السياسيّة وتوتير الأجواء التي قد يسبّبها إقتراح بعض القوانين المثيرة للجدل بحيث تكون المبادرة التشريعيّة للحكومة ويبقى للمجلس المصادقة من عدمها.

سحب الثّقة من الحكومة

في السّياق ذاته، ترفض حركة النّهضة المس بالصلاحية الرقابية للمجلس التاسيسي، التي تمثّل الاغلبية فيه، عبر تغيير آليّة سحب الثّقة من الحكومة بتصويت الأغلبيّة المطلقة (50 زائد 1) إلى موافقة ثلثي أعضاء المجلس التأسيسي وإدراجها في باب الأحكام الانتقالية من مشروع الدستور.

وتوافقت كل القوى السّياسيّة المشاركة في الحوار الوطني في تونس، على إضافة فصل لباب الاحكام الانتقالية يشترط موافقة الثلثين من أعضاء المجلس لسحب الثقة من الحكومة، التي ستحل مكان حكومة الإسلامي علي العريّض، لتجنيبها الضغط خلال مرحلة تحضيرها للإنتخابات.

الحركة تراجعت

يقول النّائب عن الكتلة الديقراطيّة محمّد الحامدي لـquot;إيلافquot;: quot;يجب تغيير آليّة سحب الثقة من الحكومة حيث إقترحنا تغيير صيغة 50 زائد 1 لتصبح لائحة اللّوم تستوجب الثلثين لانّ هذه الحكومة ليست منبثقة عن أي طرف حزبي لا يجب ان نضعها تحت الضغط لحساسيّة المرحلة كما لا نعطيها صكّا على بياضquot;.

ويختم الحامدي مؤكّدا أن موضوع تعديل آليّة سحب الثقة لم يُحسم بعد، وانّ حركة النّهضة لا تزال متحفّظة على الموضوع ولكنّها تتّجه نحو التراجع عن إلتزامها بخارطة الطريق التي تم وضعها مثلما هو الحال بخصوص تحويل صلاحيّة المبادرة التّشريعيّة من المجلس التأسيسي إلى الحكومة.

ماذا سيكون عملنا ؟

النّائبة عن حركة النّهضة هالة الحامي قالت خلال لقاء مع quot;إيلافquot;: quot;يوجد إتجاهان، الأوّل يذهب نحو الإبقاء على المجلس ككيان تشريعي يستصدر القوانين ومكلّف بالرّقابة وآخر متمسّك بتجريده من مهامّه التشريعيّة لصالح الحكومة بمعنى ضرب إحدى الصلاحيّات الأصليّة للمجلسquot;.

تتابع النّائبة الإسلاميّة: quot;من جهة أخرى يريدون جعل سحب الثّقة تستوجب 145 صوتا يعني الثلثين ممّا يجعل لا قيمة لرقابتنا على الحكومة لانّها غير مهدّدة بلائحة لوم كما في السّابقquot;.

وتتسائل الحامّي خلال حديثها بالقول: quot;إذا كانت المعارضة تريد فرض الثلثيّن لسحب الثّقة من الحكومة ومن جهة أخرى يسحبون السّلطة التشريعيّة من المجلس التأسيسي وإعطائها للحكومة المقبلة فماذا سيكون عملنا خلال الفترة التي تلي المصادقة على الدّستور؟quot;.

وإنطلق المجلس التأسيسي منذ بداية يناير الجاري في التصويت على مشروع الدستور التونسي الجديد فصلًا فصلًا، وكان يتوقع أن تنتهي هذه العملية بحلول الذكرى الثالثة للثّورة (14 يناير) لكن الخلافات التي نشبت بسبب بعض الفصول وما تتضمّنه عرقلت تبنيه.

إنتهاء التصويت quot;فصلا فصلاquot;

ومساء اليوم الخميس، أنهى المجلس الوطني التأسيسي المصادقة quot;فصلا فصلاquot; على الدستور الجديد للبلاد الذي صاغه المجلس المنبثق عن انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011.

ويشتمل الدستور على توطئة و146 فصلا.

ومن المفترض ان يتم في وقت لاحق، عرض الدستور للتصويت عليه بأكمله في quot;قراءة أولىquot; فإن لم يصوت عليه ثلثا نواب المجلس (146 نائبا، أكرر 146 نائبا، من أصل 217) يتم عرضه على التصويت مرة ثانية.

وإن لم يصوت على الدستور ثلثا أعضاء المجلس في quot;قراءة ثانيةquot; يقع طرحه على استفتاء شعبي.

ووصف مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التاسيسي الانتهاء من المصادقة quot;فصلا فصلاquot; على الدستور بـquot;اللحظة التاريخية المهمة بعد هذا العمل الجبارquot;.

وكانت اعمال المجلس التاسيسي توقفت منذ الثلاثاء بسبب خلافات حادة بين نواب اسلاميين وعلمانيين حول الفصل السادس من الدستور المتعلق بتجريم التكفير والذي تمت المصادقة عليه في الخامس من الشهر الحالي.

واستأنف المجلس جلساته العامة الخميس بالتصويت على إدخال تعديل quot;توافقيquot; على هذا الفصل.