تشهد الضاحية الجنوبية لبيروت منذ أيام تكثيفًا للإجراءات الأمنية التي تتخذها القوى الأمنية اللبنانية عند مداخلها، ولتلك التي ينفذها حزب الله في المناطق الداخلية. فبعد التفجير الأخير في الشارع العريض ضمن منطقة حارة حريك تسارعت خطوات تعزيز الحماية في أرجاء الضاحية لمواجهة الانتحاري المقبل.


هيثم الطبش: يفيد شهود عيان وساكنون في الضاحية بأن الإجراءات الأمنية تنقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول هي تلك التي تنفذها حواجز الجيش والأمن العام وقوى الأمن عند مداخل الضاحية. أما الجزء الثاني فهو الذي ينفذه حزب الله في الشوارع الداخلية، والجزء الثالث هو ما ينفذه الأهالي على مستوى شخصي.

في القسم الأول يؤكد متابعون أن الجيش كثّف عمليات التفتيش على حواجزه، بحيث يخضع السيارات إلى بحث وتدقيق في هويات أصحابها. لكن هذه الخطوات تبقى ناقصة، ما لم تزوّد الوحدات الأمنية بأجهزة لكشف المتفجرات واللوحات المزوّرة والتعرف إلى السيارات المموّهة وربط الفرق الأمنية على الأرض بغرفة عمليات، تتيح لها التعرف إلى السيارات المسروقة المستخدمة في عمليات التفجير.

وأظهر شريط مصوّر، جُمع من أكثر من كاميرا مراقبة، مسار سيارة quot;كياquot; الرباعية الدفع، التي فُجّرت في الشارع العريض في حارة حريك أخيرًا، وقد اجتازت السيارة حاجزًا أمنيًا، كما مرت قرب مقار أمنية مختلفة، قبل أن تصل إلى المنطقة، حيث فجّرت.

أمن الحزب
على المستوى الحزبي، تؤكد سيدة تسكن في حارة حريك أن حزب الله شدد إجراءاته في الآونة الأخيرة، لافتة في لقاء مع quot;إيلافquot; إلى أن هذه الإجراءات تشمل عمليات تفتيش غير معلنة لسيارات مشتبه فيها، واستخدام كلاب بوليسية مدرّبة على كشف المتفجرات، إضافة إلى تشكيل مجموعات حماية حزبية، تتولى مراقبة المناطق والشوارع الداخلية.

وأفادت بأن الإجراءات المكثّفة، التي يتخذها الحزب، تشمل خطوات غير ظاهرة للعيان. وتروي أن المقاهي الموزّعة على طرقات الضاحية الجنوبية باتت تلعب دورًا في المراقبة والإبلاغ عن أي سيارة مشبوهة أو شخص مشتبه فيه.

وتحدثت عن سيارات من الحزب تجوب الشوارع ليلًا على شكل دوريات مراقبة، إضافة إلى انتشار عناصر من حزب الله في الشوارع من دون الإعلان عن ذلك. ومن ضمن إجراءات الحماية، الطلب إلى المواطنين عدم ترك سياراتهم من دون بطاقات تعريف.

إجراءات فردية
جالت quot;إيلافquot; برفقة أحد سكان الضاحية في مناطق بئر العبد وحارة حريك وطريق المطار، ولاحظت وجود إجراءات عملية يتخذها السكان في مناطقهم وأمام المباني التي يسكنون فيها، منها وضع العوائق الحديدية أو الأسمنتية التي تمنع ركن السيارات، وتركيب السلاسل المعدنية أمام الأرصفة وكاميرات المراقبة.

أما أصحاب المحال التجارية فاستعادوا خطط الحماية، التي كانت سائدة في زمن الحرب اللبنانية بين 1975 و1990، لضمان أمنهم الذاتي وأمن مصدر عيشهم، ومنها وضع أكياس الرمل على واجهات محالهم.

هذا المشهد في بئر العبد أعاد إلى الذاكرة صور المتاريس في الحرب اللبنانية، خصوصًا في ظل الفراغ الحكومي والتفلّت الأمني.
ويروي أحد سكان بئر العبد، الذي رافق quot;إيلافquot; في جولتها، أن وضع المنطقة مخيف، خصوصًا بعد الساعة الخامسة، إذ تتحوّل إلى مدينة أشباح مُظلمة لا حركة فيها، كما إن ضعف الأجهزة الأمنية الرسمية دفع بأصحاب المحال وبالسكّان إلى البحث عن ضمان ذاتي يحميهم ويقلل من خسائرهم.

وشدد على أن الانتحاريين لم يستهدفوا مسؤولًا أو مكتبًا حزبيًا، بل مواطنين ومحال وسيارات، مطالبًا بالتشدد أكثر في التفتيش وبتزويد العناصر الأمنية بأجهزة تسمح بكشف المتفجرات.

يقول شاهد عيان لـquot;إيلافquot; quot;احتجت شراء بعض قطع الغيار، فقصدت منطقة الغبيري عند ظهر يوم الجمعة، فدخلت وخرجت واشتريت أغراضي كلها في غضون ربع ساعة، علمًا أن هذه المنطقة هي من بين الأكثر ازدحامًا في لبنان عادة. أما اليوم فهي خالية، لا يقصدها إلا من له عمل فيها، ومع ذلك رأينا أن معظم المتاجر عمدت إلى وضع عوائق لمنع ركن السيارات أمامها، وكان أصحاب المحال يخاطبون الزبائن من داخل المحل، ليتأكدوا من هوياتهم قبل السماح لهم بالتوقف، هذا ما حصل معي تحديدًاquot;.

رعب الـquot;واتس آبquot;
وخلال الأيام الماضية، انتشرت عبر تطبيق quot;واتس آبquot; رسائل إلى الهواتف الخلوية تحت عنوان quot;معلومات مؤكدةquot; تطلب من المواطنين الساكنين في مناطق حارة حريك، بئر العبد، أوتوستراد هادي نصرالله، الرويس، المعمورة، الكفاءات، والمريجة، عدم التنقل أو التجول، والتزام البيوت، وذلك لوجود عدد من السيارات المفخّخة تعمل اللجان الأمنية على ملاحقتها.

أثارت هذه الرسائل الذعر بين سكان الضاحية، خصوصًا أنّها تزامنت مع إجراءات اتخذها حزب الله على أوتوستراد هادي نصرالله، تمثّلت في الطلب من المواطنين الذين يركنون سياراتهم تأكيد هوياتهم.

وتنتشر في أحيان كثيرة رسائل أخرى على الواتس آب عن سيارات بمواضفات مختلفة، يُقال إنها مفخخة، ويُطلب ممّن يراها التبليغ عنها.