يرى مراقبون أن عدة أمور أعطت الانطباع للسعوديين أن باراك اوباما ينسحب من الشرق الاوسط. الامر الاول هو أنه في العام الماضي تخطت الولايات المتحدة السعودية لتصبح هي اكبر منتج للنفط في العالم، وكذلك عدم التدخل في سوريا بشكل حقيقي رغم قصف شعبها بالكيميائي.

تترقب أوساط عالمية ما يمكن أن تسفر عنه القمة السعودية - الأميركية التي ستعقد في الرياض في آذار (مارس) المقبل، وانعكاساتها على التداعيات الساخنة في الإقليم والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وحسب مراقبين غربيين، فإنه يتعين على الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يتجهز لطمأنة الحلفاء السعوديين ويؤكدquot;أن الولايات المتحدة لن تهجرهم وأنها متمسكة بالعلاقات الاستراتيجية التاريخية معهمquot;.
وكان البيت الأبيض أعلن أن الرئيس باراك اوباما سيتوجه في نهاية اذار/ مارس الى السعودية لاجراء محادثات مع الملك عبدالله بن عبد العزيز تتناول الامن والتعاون بين البلدين.
وسبق أن زار أوباما مرة واحدة الرياض في حزيران (يونيو) 2009، في مستهل ولايته الاولى، كما كان استقبل العاهل السعودي في المكتب البيضوي في البيت الابيض بعد عام من ذلك.
وقال جاي كارني المتحدث باسم الرئاسة الاميركية إن اوباما سيقوم بهذه الزيارة على هامش جولة اوروبية تشمل هولندا وبلجيكا وايطاليا، وذلك على خلفية الحذر الذي ابدته الرياض حيال الاتفاق المرحلي مع ايران في شأن برنامجها النووي.
واضاف كارني quot;يسر الرئيس أن يناقش مع الملك عبدالله العلاقات الدائمة والاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية، اضافة الى تعاوننا لتطوير المصالح المشتركة المرتبطة بأمن الخليج والمنطقة والسلام في الشرق الاوسط ومكافحة التطرف العنيف وملفات أخرىquot; اقتصادية وامنية.
أوباما والسعوديون
وإلى ذلك، فإن صحيفة بارزة بحجم صحيفة (التايمز) اللندنية أعطت اهتماماً كبيراً للقمة السعودية ndash; الأميركية المنتظرة، حيث كتبت افتتاحية quot;اوباما والسعوديونquot;.
وجاء العنوان الجانبي للافتتاحية: quot;زيارة اوباما للسعودية خبر طيب. يجب أن يطمئن أوباما السعوديين أنه لن يهجرهمquot;.
وتقول الصحيفة إنه بنهاية العام الماضي لم تكن علاقات الولايات المتحدة والسعودية على ما يرام. وفي الخريف الماضي حصلت السعودية على مقعد كانت تصبو له في مجلس الامن التابع للأمم المتحدة ثم أعلنت أنها لن تقبل المقعد، مما كان مفاجأة للجميع.
وتضيف الصحيفة أن الرسالة، التي مفادها أن السعودية غاضبة، كانت موجهة للرئيس الاميركي باراك أوباما ومستشاريه. فعلى الرغم من الحفاظ على الوجه الدبلوماسي للعلاقات، كان المطلعون على الامور في السعودية والمسؤولون السعوديون يقولون نفس الشيء: لقد هجرتنا الولايات المتحدة.
وتقول الصحيفة إن السعودية ليست حليفًا سهلاً. فمن داخل حدودها تتدفق اموال ومتشددون لمساندة بعض اخطر الحركات (الجهادية) واكثرها تشدداً، وشؤونها الداخلية تتراوح بين الحداثة في بعض الشؤون والتراجع في شؤون أخرى.
ولكن الصحيفة تضيف إنه على الرغم مما سبق، فإن موقعها الاستراتيجي يجعل سياستها في المنطقة، خاصة زعامتها للدول السنية، أمراً بالغ الاهمية.
وتقول الصحيفة إن المبادرة السعودية عام 2007، كانت واحدة من اكثر المحاولات البناءة لإنهاء الجمود بين اسرائيل والفلسطينيين. وعلى الرغم من بطء الاصلاح، إلا أنه يحدث. وما زالت السعودية تنتج كميات ضخمة من النفط تدير عجلات الاقتصاد العالمي خاصة في آسيا. والخلاصة، كما تقول الصحيفة، إن السعودية دولة ذات حيثية.
زيارة مهمة
وتضيف الصحيفة أنه نتيجة لذلك فإن زيارة الرئيس باراك اوباما للسعودية الشهر القادم أمر هام. ويجب أن يطمئن أوباما السعوديين أن الولايات المتحدة لن تنسحب من المنطقة وأن ضماناتها لحلفائها ما زالت قائمة.
وتقول الصحيفة إن عدة أمور أعطت الانطباع للسعوديين أن اوباما ينسحب من الشرق الاوسط. الامر الاول هو أنه في العام الماضي تخطت الولايات المتحدة السعودية لتصبح هي اكبر منتج للنفط في العالم.
والأمر الثاني هو سوريا. حيث ترى الصحيفة أن أوباما أخفق في التعامل بحزم عندما تخطى الرئيس السوري بشار الاسد الخط الاحمر الشهير في آب (اغسطس) الماضي بشأن استخدام الاسلحة الكيميائية. ولهذا خلص السعوديون الى أن اميركا لم تعد لها الرغبة للعمل في المنطقة.
ويشار إلى أن تقريرًا أميركيًا قال في الأسبوع الماضي إن أوباما سيزور الرياض في الشهر المقبل في مهمة لتهدئة التوتر مع الحليف العربي الرئيسي لواشنطن بشأن السياسة الاميركية بخصوص البرنامج النووي الايراني والصراع السوري.
كما تأتي زيارة اوباما بعد زيارة قام بها وزير الخارجية الاميركي جون كيري للرياض في الشهر الماضي لإطلاع العاهل السعودي على مساعيه نحو التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
تغييرات وتحديات
وتكتسب علاقة واشنطن بالسعودية اهمية بالغة، بينما تواجه المنطقة تغييرات وتحديات من الانتقال في مصر الى الصراع السوري. لكن العلاقات تعرضت للاختبار على عدة جبهات.
وكان اعضاء بارزون من الاسرة الحاكمة في السعودية من بينهم الأمير بندر بن سلطان والأمير تركي الفيصل حذروا في الشهرين الأخيرين من حدوث تصدع في العلاقة مع الولايات المتحدة احتجاجًا على ما يتصورونه تراخيًا اميركيًا بشأن الصراع السوري الذي اودى بحياة اكثر من 100 الف شخص، وكذلك التقارب الاخير بين الولايات المتحدة وايران.
وكانت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية قالت إن العاهل السعودي quot;سيستغل اللقاء ايضًا ليسأل اوباما عن قراره بعدم توجيه ضربات جوية لسوريا،وحيث تعتقد السعودية ومسؤولون عرب آخرون أنه عزز من وضع الرئيس السوري بشار الاسدquot;.