في لحظات فاصلة من عمر الأمة القبطية (المصرية) تتدخل العناية الإلهية لتؤكد أن هذا البلد ليس عقيماً، مهما تمدد فيه الفساد وتوحش الاستبداد، ولعل أجمل ما في مصر أنها quot;ولاّدةquot;، وأن المصريين quot;صنّاع حياةquot;، ولم يكونوا يوماً محاربين إلا دفاعاً عن وطنهم ورزقهم وكرامتهم، كما هو شأن كل الأمم الحيّة صانعة الحضارات، وليست مجرد صنيعة مصادفات جغرافية أو جيولوجية.
هذه ليست مجرد قناعة عاطفية ساذجة، لا تستند لمنطق أو سوابق تاريخية، بل على العكس تماماً، فوفقاً للحسابات السياسية والجيواستراتجية كانت ـ ولم تزل ـ مصر (دولة منصّة) في محيطها الإقليمي، بمعنى أنه حينما تتبنى مصر القيم الحداثية والتقدمية والعقلانية، وتختار الانحياز إلى الحياة وتؤمن بقيمة التنوع الإنساني والثقافي، يخرج منها آباء التنوير في المنطقة كلها، مثل طه حسين ولطفي السيد والإمام محمد عبده، وصولاً إلى نجيب محفوظ ومئات الأسماء الكبيرة الأخرى، الذين لا يتسع المقام لذكرهم بالتفصيل.
وحين تدخل مرحلة انحطاط حضاري أو كما نقول بلغتنا الشعبية quot;تتوكسquot; مصر، وتمر بمحنة توشك معها أن تسقط في مستنقع اليأس وتحاصرها الغيوم، وتتوحش قططها وفئرانها، نجدها تصدر نماذج معادية لكل ما هو إنساني من عينة سيد قطب، الأب الروحي لكافة جماعات الإرهاب، وأيمن الظواهري الرجل الثاني والمحرك الحقيقي لتنظيم quot;القاعدةquot;، وصولاً إلى محمد عطا، قائد الانتحاريين في هجمات 11 سبتمبر 2001، وغيرهم من شرار الخلق، الذين ندفع جميعاً ـ مسلمين ومسيحيين ـ فواتير حماقاتهم وجرائمهم.
أما حينما تقترب مصر من مرحلة الشيخوخة وتترهل، تقيض لها العناية الربانية رجالاً وسيدات من طراز خاص، غير قابلين للابتزاز ولا الغواية، فلا يمكن إرهابهم ولا شرائهم، لأنهم يحمّلون أنفسهم رسالة شحذ الهمم والعزم واستنفار طاقات أبناء هذا الوطن الجميل حتى لا يموت، ومن بين هؤلاء كان quot;عم عدليquot;، كما كنت أحب مخاطبة المرحوم المهندس عدلي أبادير يوسف، الذي فجعت برحيله، وحتى الآن لم أزل مصدوماً لدرجة عطلت كل حواسي، وفي هذه اللحظة التي اكتب فيها، لا أصدق أنني لن أراه مرة أخرى، ولن أتبادل معه النكات والمناقشات، لأنه ذهب إلى حيث لا يعود الناس.. إلى رب كريم عادل ينصفهم.
حين رأيته أول مرة قبل سنوات، كنت مدعواً للمشاركة بالمؤتمر الأول لأقباط المهجر في مدينة زيورخ السويسرية، وقتها تأملته بعناية وهو يتنقل بمقعد متحرك، ويلح على رأسي سؤال: يا إلهي، كيف استطاع هذا الرجل الذي أقعده المرض حتى عن مجرد السير على قدميه أن يقيم الدنيا ويقعدها في مصر لدرجة يستنفر معها النظام كل أدواته الجبارة، ويختلف نشطاء الأقباط حتى مع قادتهم الروحيين، وكثيراً ما ينهش بعضهم بعضاً، لكن أحداً منهم لم أسمعه يجرؤ على النطق بكلمة سيئة أو غير لائقة بحق quot;عم عدليquot;، لأنه هذا الرجل كما أسميته في مقال لي نشرته بصحيفة quot;المصري اليومquot; كان بمثابة quot;البابا العلمانيquot; للأقباط.
في تلك الأيام كانت الأجواء المحيطة بالأزمة الطائفية في مصر بالغة التوتر، وكانت صدور الأقباط مثقلة بالمرارات في أعقاب quot;مأساة الكشحquot; ولكن قليلين للغاية، مجرد عينات ميكروسكوبية، هم الذين كانوا يجرؤون على الشكوى والتعبير عما يجيش في صدور ذويهم من مخاوف وقلق على استحياء وتحفظ.
وما أن أعلن quot;عم عدليquot; عن تنظيم المؤتمر القبطي حتى انتفضت الأجهزة المصرية فأطلقت أبواقها لتقذف الرجل بأبشع الصفات، وحينها لم تكن صحيفة حكومية أو حتى خاصة تخلو من كتابات تسب الرجل وتكيل له اتهامات فاحشة بأنه تارة quot;عميلquot; للمخابرات الأميركية والإسرائيلية وربما الهندية أيضاً، وتارات أخرى بأنه quot;موتورquot; يصفي حسابات آخر العمر مع الحكومة quot;العفيفة الشريفةquot; التي اتهمته في قضية ملفقة حسمها القضاء لصالح براءته، ولكن بعد أعوام قضاها خلف القضبان قبل هجرته النهائية من مصر في وقت كان فيه نجماً يشار إليه بالبنان سواء في ساحة quot;البيزنسquot;، أو العمل العام بصفته وكيلاً للمجلس الملي في أحلك فترات الصدام بين النظام الحاكم والكنيسة التي وصلت لحد وضع البابا شنودة الثالث رهن الإقامة الجبرية في الدير.
ساعات وأيام وليال طويلة قضيتها أتحدث مع عم عدلي، واستمع إليه، وأتعلم من خبرته وحكمته، وسجلت بصوته نحو عشرين ساعة من تلك المناقشات، وهذه ستصدر قريباً في كتاب أحسبه مهماً للغاية، كشهادة موثقة لرجل عاش زمنين.. زمن مصر الليبرالية وما بعدها من انتكاسات وخيبات حتى الآن.
أما ما لم أسجله من حوارات quot;عم عدليquot;، فهي من الأهمية لدرجة لا يمكن الخوض فيها على الأقل الآن، كان أحياناً يمد يده ليغلق جهاز التسجيل، ويقول ما لا يمكنني حتى مجرد الإشارة إليه، والسبب ببساطة الذي ربما لا يعرفه الكثيرون أن الرجل كان لسنوات طويلة مستشاراً لبنوك سويسرية كبيرة، وما أدراك ما البنوك السويسرية، فهي ليست فقط خزائن طغاة الشرق والغرب من أموال الشعوب المنهوبة، لكنها أيضاً وربما هذا هو الأهم، خزائن لوثائق لو خرج بعضها للعلانية لتغير وجه التاريخ في هذا البلد أو تلك.
quot;تعرف يا واد يا بلبل ايه مشكلة الحكومة المصرية معايا ؟، أنها متقدرش تخوفني ولا تعرف تشترينيquot;، قالها quot;عم عدليquot; وهو يهبط على درجات السلم من مكتبه متكئاً على الجدار بيد، وبيده الأخرى عصاه التي يهش بها على غنمه، وله فيها مآرب أخرى.. كان يضحك من قلبه ويتحدث بصوت مرتفع كأنه يفاوض تجاراً مصريين في مكتبه وسط القاهرة، وليس في زيورخ التي تصنف باعتبارها أفخر وأجمل مدن الدنيا، وعاصمة المال والأعمال والمؤامرات.
ربما لا يعرف كثيرون أيضاً أن quot;عم عدليquot; كان على اتصال مستمر بكبار المسؤولين في مصر، وبالطبع فإن هذا في حد ذاته ليس عيباً ولا تهمة، خاصة أنه كان يتحدث معهم بمنتهى الندّية، وكما نقول في مصر quot;راس براسquot;، إذ لم يكن مثقلاً بمشاعر الدونية التي يحملها البعض، ممن يتصرفون انطلاقاً من quot;نفسية الذميquot; المغلوب على أمره، بل عاش ومات مقاتلاً شجاعاً، وسمعته ورأيته يتحدث مع شخصية سياسية رفيعة بنفس الطريقة التي كان يتحدث بها في غيابه.. ولولا أن quot;المجالس أماناتquot;، لأفصحت عن اسم هذه الشخصية الرفيعة، وكيف كان يحدثه quot;عم عدليquot; بخشونة ولم تفلح محاولات الحاضرين القلائل ـ وكنت واحداً منهم ـ في ترطيب الأجواء، حتى اضطر ذلك المسؤول الرفيع للفرار بجلده، وهو لا يجد ما يرد به على منطق quot;عم عدليquot; الصارم والواضح والقوي، الذي عاش ومات ضد تمييع الأمور بمجاملات تفسد القضية من أساسها، بل كانت من أهم الدروس التي تعلمتها من هذا الرجل شجاعة تسمية الأشباء بمسمياتها الحقيقية، وعدم الالتفاف على المشكلات، أو البحث عن مبررات بدلاً من السعي إلى حلول، رحمة واسعة عليك يا quot;عم عدليquot;.
..........
أكتب هذه السطور كجزء من شهادة لوجه الله والتاريخ ومصر أنني رأيت وسمعت أسماء كبيرة سعت إليه لاسترضائه ودعوته للتهدئة لكنه كان دائماً يرد ببساطة قائلاً quot;لا أريد مغانم ولا مكاسب ولم تعد تعنيني الثروات فقد جربتها وشبعت منها، ولا أحلم بمناصب وأنا في هذا العمر، فكل ما يعنيني هو حقوق الأقباط، وهي باختصار شديد أن يعاملوا باعتبارهم أصحاب بلد، وليسو مجرد مواطنين من الدرجة الثانيةquot;.
وبمناسبة الثروة فلم أعرف في حياتي رجلاً لا يعير المال أدنى اهتمام مثل quot;عم عدليquot;، الذي قال لي مرة إنه أشهر إفلاسه رسمياً عدة مرات لكنه في كل مرة كان مثل طائر الفينيق يخرج من وسط الرماد ليحلق مرة أخرى في عوالم الملايين، ثم يصمت لحظات ليستدرك متحدثاً بلهجة صعيدية قحة: quot;ورحمة أمي سنية ما فيه بلد في الدنيا أحلى من بنت الأيه مصر ديquot;، حينها غرغرت عيناه بالدموع وكان مشهد دموعه ثقيلاً على عيني وقلبي، فأن تشاهد رجلاً في عمر جدك يبكي أمامك.. لابد أن تنتفض داخلك كل خلية حية في جسدك وكيانك كله، ويزداد الأمر صعوبة حين تكون مقتنعاً بأن هذا الرجل قوي، عنيد.. صلب، وquot;دكرquot;، وتصل الصعوبة إلى أقصى مداها عندما يكون هذا الرجل هو quot;عم عدليquot; تحديداً.
quot;يا إلهي.. معقولة مش حاشوفك تاني يا عم عدلي؟quot;، سؤال يسري في خاطري ويلّح على رأسي، لكن المشكلة هي من يمكن أن أتوجه له بهذا السؤال إلا
quot;الكبيرquot;، سيد الكون ومهندسه الأعظم، وكم من أعزاء فقدتهم واهتزت لرحيلهم مشاعري، من أبي الذي توفي فجأة في مرحلة كنت في أمس الحاجة فيها إلى أب.. إلى quot;سند وظهرquot;، إلى أصدقاء عمري quot;حازم شحاتةquot; الذي احترق في مسرح بني سويف، وquot;أحمد جودةquot; الذي راح ضحية حادث سير عبثي، وصولاً إلى quot;العم عدليquot;، الذي لا يحزنني رحيله، فقد أدى الرسالة وكما ينبغي أن يكون أصحاب الرسالات، ولكن الوجيعة فقط لافتقاد أريحيته وحضوره العاطر المفعم بالبهجة والإنسانية.
الذين اتهموه بالطائفية لم يعرفوا عنه شيئاً، ولعلي لا أذيع سراً حين أقول إن quot;عم عدليquot; لم يكن متديناً على النحو التقليدي الشائع وسط المجتمع القبطي، كما أنه لم يكن متعصباً، بل كان يهمل الكثير من الطقوس، ويعول دائماً على أن الإله العالم بالسرائر لا يريد منا سوى القلب السليم، وربما لهذا السبب ظل quot;عم عدليquot; حتى مات مسكوناً بطفل.. قد يشيخ جسده دون أن تقترب الشيخوخة من روح البراءة والتلقائية التي تحكم كل سلوكه وقراراته وحتى طريقة كلامه البسيطة العفوية، لكنها مع ذلك كانت حاسمة.. قاطعة وصارمة، فلا تقبل التمييع أو النفاق، ولا ترضى بالمواقف الباهتة والانتماءات المواربة.
في مستهل القرن الماضي وتحديداً بتاريخ 4 مارس سنة 1911م، دعا مطران أسيوط لعقد المؤتمر القبطي الأول، وكان ذلك عقب اغتيال رئيس الوزراء القبطي الشهير بطرس غالي باشا (1846 ـ 1910م)، وهذه الأيام مرّ قرن كامل على ذلك الحدث لكنه ربما كان النواة الأولى لظهور quot;المسألة القبطيةquot;، وإن كانت هناك إرهاصات مبكرة تمثلت في تجربة quot;المعلم يعقوبquot;، التي يكتنفها الغموض نظراً لتقادم الحدث منذ الحملة الفرنسية، وعدم توثيق الأحداث وتحقيقها بشكل علمي موضوعي، لكن شاءت إرادة الله تعالى أن يسّخر رجلاً من خارج دائرة الكهنوت ليتصدى لحمل لواء quot;المسألة القبطيةquot; على عاتقه.
ودعونا نعترف دون مكابرة أو لغو فارغ بأن هناك بالفعل أزمة هوية في مصر لعلها الجذور الحقيقية للمسألة القبطية، فهناك ملايين المصريين يتساءلون: هل حقاً نحن عرب؟، وهل الإيمان بالدين الإسلامي يعني بالضرورة أن نكون quot;عرباًquot;؟، ثم ألا تشكل الأقلية المسلمة في الهند مثلاً أعداداً ربما تتجاوز كافة المسلمين العرب؟ وهل اللغة التي يستخدمها المصريون في حياتهم اليومية هي العربية، أم أنها لغة خاصة بها مفردات فرعونية وقبطية ويونانية وغيرها، وحتى لو سلمنا جدلاً بأنها لغة عربية، فهل تعد اللغة عنصراً حاسماً في مسألة الهوية الحضارية؟، ولو كان الأمر هكذا، فهل يمكن أن نعتبر دولة مثل غانا جزءاً من الأمة الفرنسية لأن مواطنيها يتحدثون الفرنسية، أو هل نعتبر كينيا إقليماً بريطانياً لأن الإنجليزية هي اللغة السائدة هناك؟ وكيف نصنف سويسرا التي يتحدث مواطنوها أربع لغات؟
وبعيداً عما يمكن أن تقودنا إليه هذه التساؤلات المستعصية من جدل وسجالات لن تنتهي، دعونا نرتب المحطات الهامة التي مرت بها quot;المسألة القبطيةquot;، لنرى أنه وعقب التحول في العقيدة السياسية للدولة المصرية من مرحلة الليبرالية، التي تبلورت عقب ثورة 1919 وأفرزت مناخاً جعل قيمة quot;المواطنةquot; واقعاً عاشه اباؤنا، وصولا للوضع الراهن الذي يقتل فيه الأقباط عشوائياً كما حدث في نجع حمادي وغيرها، فقد قيضت السماء للقضية القبطية شخصيتين سيتوقف أمامهما أي مؤرخ منصف لنضال أهلنا الأقباط للحصول على حقوقهم المشروعة، وهما شوقي كراس، وعدلي أبادير يوسف، وبرحيل الرجلين لا يصح أن نفقد الأمل، فمن يتصدى لقضايا الشعوب لا يتمتع برفاهية التشاؤم، وأيضاً لأن مصر quot;ولاّدةquot; وquot;إللي خلف ما ماتشquot;، ولعم عدلي أبناء جسديين وأضعافهم من أبنائه الروحيين والفكريين، لا يمكنني تسميتهم ليس فقط لأنهم بالمئات وربما الآلاف، لكن حتى لا انسى اسماً ربما لا اعرف أنه من أبناء عم عدلي الذي أفتقدته أباً وطنياً مخلصاً، علمني ذات يوم درساً لن أنساه ما حييت، حين سألته لماذا تصدع نفسك بهذه القضية وأنت مريض وكبير في السن، وتتعرض لعشرات من محاولات الاغتيال المعنوي، ليس فقط من قبل النظام وصبيته، بل أيضاً من داخل البيت القبطي ذاته، فوقف الرجل متكئاً على عصاه وأمسك كتفي برفق قائلاً: quot;بلغة رجال الأعمال أنا موافق على إبرام صفقة أدفع فيها سمعتي وراحتي وسلامي النفسي في أواخر عمري، مقابل أن أكون مرفوع الرأس حين يسألني ربنا عما فعلته لمساعدة إمرأة قبطية فقيرة.. تعيش في أحد النجوع أو القرى النائية في أقصى جنوب مصر، تدفع ثلاثة فواتير للاضطهاد، فهي مضطهدة لأنها إمرأة، ومضطهدة أيضاً لأنها فقيرة، وأخيراً لأنها قبطية، بينما أستمتع أنا وغيري برغد العيش والأمان والمال وغيرها من متع الحياةquot;، ثم استدرك متسائلاً: quot;ماذا يمكن أن نقوله لربنا في يوم سيأتي إن عاجلاً أو آجلا؟quot;.. ومرة أخرى سالت من عينه دمعة لم يجتهد هذه المرة في اخفائها.
هكذا تحدث quot;عم عدليquot;، وكانت هذه الكلمات هي آخر ما سمعته منه في آخر مرة التقيته فيها قبل نحو عام في زيورخ.. وحين بلغني نبأ وفاته لم أحزن، ليس فقط لأن الموت حق علينا جميعاً ولأنه الحقيقة الثانية المؤكدة في هذه الدنيا بعد حقيقة الميلاد، بل ولعل هذا هو الأهم لأنه عاش رجلاً مرفوع الرأس، ومات سيد الرجال وأنبلهم، وأكثر من عرفتهم اتساقاً مع النفس وإخلاصاً لقضيته، لقد ذاب quot;عم عدليquot; في المسألة القبطية، حتى أصبحت أهم مشروعات حياته، لكن دعوني اعترف ببساطة أنني افتقد هذا الرجل بشدة، وهو الآن في quot;دار الحقquot;، في ملكوت ربه، ولا يملك لي ولا لغيري نفعاً ولا ضرّاً، من هنا فكل كلمة أكتبها هي لوجه الله والحقيقة، بحق رجل كبير، شرفت بالاقتراب من عالمه الواسع، ونهلت من حكمته، ورضعت من شهامته وحماسه، ولمست إنسانيته الفياضة، وكلي ثقة أن هناك كثيرين ممن رباهم quot;عم عدليquot; سيحملون راية النضال من أجل وطن أجمل، ومستقبل أفضل، لا أشك في هذا مطلقاً، لكن كل ما يحزنني الآن ويكسر قلبي، أنني لن أرى quot;عم عدليquot; مرة أخرى، فارقد بسلام أيها الرجل النبيل، وأبناؤك ماضون على الدرب حتى نلقاك جميعاً، وكما نقول في مصر quot;إللي خلف ما ماتشquot;.. وما أكثر أبنائك الروحيين، فمثلك لا يموتون..
والله المستعان
[email protected]