كنت حزينا فى كلتا الحالتين، لذلك لم أكتب مسبقا عن الحادث الإرهابى الذى حدث فى ألمانيا العام الماضى والذى راحت ضحيته الشهيدة مروة الشربينى (صورتها وجنازتها منشورة بالمقال) والتى إعتدى عليها مجرم ألمانى لا لشئ إلا لأنها مسلمة وترتدى الحجاب، كما لم أكتب عن حادث نجع حمادى وهو حادث إرهابى آخر راح ضحيته شاب وسيم (أبانوب كمال) صورته منشورة بالمقال والذى راح ضحية لحادث أرهابى لا لشئ إلا لأنه مسيحى، وكيف عرف الإرهابى أنه مسيحى؟ لأنه قتله لحظة خروجه من الكنيسة بعد أداء قداس عيد الميلاد وقتل معه ستة مسيحيين وحارس مسلم.
ربما لم تشاهد عزيزى القارئ صورة الشاب (أبانوب) من قبل لأنه لم يأخذ نفس الإهتمام الذى أخذته الشهيدة مروة، بالرغم من أن (أبانوب) قد قتل قى بلده وبأيدى مواطنيين مصريين مثله، وأن مقتله هو وزملائه قد تسبب بإحداث شرخا خطيرا فى الوحدة الوطنية الأمر الذى دعا الرئيس مبارك لأول مرة لكى يحذر رجالات الدين المسيحى والمسلم على السواء من خطورة الوضع.
ومروة قتلت على أيدى المانى وكانت ضيفة فى ألمانيا حيث كانت فى بعثة دراسية، وعندما بحثت فى شبكة الإنترنت عن صور مروة وجدت المئات منها وعشرات الصور عن الجنازة المهيبة وعشرات الصور عن المحاكمة فى ألمانيا، وعشرات لافتات الإحتجاج الإسلامى داخل وخارج ألمانيا، ولكن عندما حاولت أن أبحث عن صور ضحايا نجح حمادى، وجدتها بصعوبة فى أحد مواقع الإنترنت المسيحية وقد وضعوا علامة سوداء بأعلى الصورة للتعبير عن الحزن للفقيد، وقد تألمت بنفس القدر لمقتل مروة ولمقتل المسيحيين الستة وحارسهم السابع المسلم، فكلهم مصريون وكلهم قتلوا بيد الغدروالإرهاب وكلهم قتلوا على الهوية بدون أن يكون بينهم وبين القاتل (تار بايت)، ولا فرق لدى أن يكون الإرهابى ألمانيا مسيحيا أو مصريا مسلما، أو يكون الضحية ممسيحية أو مسلم.


الشهيد أبانوب كمال

جنازة الشهيدة مروة الشربينى

فالإرهاب لا دين ولا وطن له فالإرهاب إرهاب.
ولكننى كنت أود المساواة فى الحزن فالشهداء كلهم مصريون، وكنت أود أن يذهب الرئيس مبارك لأداء واجب العزاء بنفسه لأهل مروة ولأهل ضحايا نجع حمادى، كما إستقبل بنفسه فريق مصر فى مطار القاهرة بعد فوزه ببطولة أفريقيا، وكنت أود أن يخصص عمرو دياب حفل غنائى يخصص دخله لصالح أسرة الشهيدة مروة وأسر شهداء نجع حمادى، كما فعل لمنتخب مصر، وكنت أود أن نشاهد صور (أبانوب) وزملائه من ضحايا نجع حمادى بصورة أكبر على صفحات جرائدنا وعلى شاشة التليفزيون، وكنت أود أن أشاهد أسر الشهداء كما شاهدنا أسر اللاعبين محمد زيدان وجدو، كنت أود أن نشارك بعضنا البعض فى الأحزان كما نشارك فى الأفراح، إن لدى المصريين من قديم الزمن تقديس خاص للموت حتى أن المصريين يحرصون على تقديم واجب العزاء أكثر من حرصهم على التهنئة فى الأفراح، لقد عشت فى السابق فى بلد خليجى لمدة 6 سنوات وكانت أول تجربة لى خارج مصر، وكنت أقول لأصدقائى من مواطنى ذلك البلد: quot;هو إنتوا ما فيش حد عندكو بيموت، من يوم ما جيت البلد دى وأنا مش حاسس إن فيه حد بيموت، هو عزرائيل ما لوش موقف عندكوquot;!! فضحك صديقى وقال:quot;لأ عزرائيل موجود عندنا بس بيجى سكيتى ويمشى سكيتى، مش بيعمل هيصة زى عندكو فى مصرquot;.، وبالفعل كنت أود أن نعمل هيصة مسلمين ومسيحيين لضحايا نجع حمادى، وذلك حتى نساهم فى مساعدة أهل الشهداء على الصبر فى أعزاءهم، إن فقد أى شخص عزيز لديك يعتبر بمثابة (قيامة صغرى) فما بالك إن كان هذا الشخص ولدك الوحيد، اليوم تذكرت السيد علاء مبارك وهويتحدث إلى التليفزيون المصرى مهنئا فريق مصر بالفوز، وتذكرت نجله الذى فقده فى العام الماضى ولم يتعد عمرالزهور (13 سنة)، وتصورت كيف إستطاع أن يصبر على مصابه، أعتقد أن السبب الأساسى أنه وجد أن ملايين من المصريين قد حزنوا معه، يجب أن يحس أبناء شهدائنا مسلمين كانوا أم مسيحيين بأننا كلنا حزانى لفقدهم، علينا النظر بجدية وبقلق شديد إلى ما يحدث حولنا فى العراق وباكستان واليمن، والقول بأن مصر محمية ولديها مناعة ضد تلك الأحداث كلام جميل ولكى يحدث هذا يجب أن يكون هناك مساواة فى الموت كما أتمنى أن يكون هناك مساواة فى الحياة!!

(ملاحظة: أرجو من القراء الأعزاء سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين أن يعرفوا قبل أن يعلقوا على أى مقال على أن باب التعليق للقراء قد وضع لكى يعلق القارئ ويبدى رأيه فى موضوع المقال، ولكن البعض للأسف قد حولوا التعليقات إلى مبارزة بين المسيحيين والمسلمين تحولت فى بعض الأحيان إلى جولات من الردح الدينى أو اللادينى المتبادل، وكأننا ناقصين بلاوى، إكبروا فوق الأحداث وخاصة قبل التعليق على ذلك المقال وتذكروا أننا نتحدث عن ضحايا الإرهاب وعن أسر قد فقدت أعز ما لديهم)
[email protected]