العم العزيز جلال طالباني: أخص مقالي هذا بمخاطبتك بإعتبارك قائدا ومؤسسا للإتحاد الوطني الكردستاني الذي يمر اليوم بوضع مأسأوي لم يمر به هذا الحزب من قبل، لأنورك بما قد يكون خفي عليك، وأضعك في إطار صورة حقيقية شوشها عليك بطانة السوء، فأنا عارف بطبائع نفوسهم المريضة وأساليبهم الخادعة، وكيف يستغلون قربهم منك لتنفيذ مآربهم ومصالحهم الشخصية والنفعية، ويدوسون على المباديء التي آمنت بها وآمنا بها معك.

إسمعها مني سيدي الجليل، فإن حال الإتحاد الوطني يتجه يقينا نحو الهاوية السحيقة بفضل إطلاق اليد لهذه البطانة الفاسدة حولك.

وأسمح لي أيها العم العزيز أن أذكرك ببعض الصفحات المشرقة لنضالات الإتحاد الوطني في الماضي، حين كان حزبك يحلق فوق سماء المجد والرفعة بفضل نضالات وعطاءات رفاقي المناضلين في جبال كردستان، وجودهم بدمائهم من أجل شعبهم، ولا أخالك قد نسيت تلك الأيام حين كان بيشمركة حزبك يصولون ويجولون في مدينة أربيل في السبعينات والثمانينات، وهم يتحدون أكبر آلة عسكرية وأجهزة مخابراتية يمكن أن تبنيها دولة في العالم، يخوضون مواجهة غير متكافئة ضد مؤسسات النظام القمعية، ليطمئنوا أبناء شعبهم بإستمرار المقاومة لمخططات النظام الصدامي الفاشي، الذي لولا وجود البيشمركة على الساحة، لهان عليه أن ينسف جميع مدن كردستان على رؤوس ساكنيها، وقد فعل ذلك في مدن قلعة دزة وجومان وغيرها من المدن الكبيرة.

كما أريد أن أذكرك كيف أن نسوة السليمانية كن يخفين رسائلك الى التنظيمات الداخلية بين حنايا أجسادهن، متحديات نقاط التفتيش العسكرية والأمنية المنتشرة في أرجاء كردستان، لينقلن أوامرك وتوجيهاتك الى تلك التنظيمات، وكيف كن يحمين بيشمركتك تحت عباءاتهن في الليالي التي كانت أجهزة النظام تطلق كلابها المسعورة لتفتيش بيوت المواطنين في السليمانية بيتا بيتا بحثا عن هؤلاء.

أم تريد أن أذكرك بأكياس الخبز والتمر التي كان أبناء شعبك يدفنونها تحت الإشجار والصخور على إمتداد الطرق التي يسلكها بيشمركتك لدخول مدن كردستان ليوجهوا ضرباتهم لأزلام النظام ومؤسساته القمعية، دفاعا عن شرف حرائر كردستان.

أم تريدني أن أذكرك كيف كان أصحاب العربات المتجولة في سوق أربيل والسليمانية يهرعون الى إخراج بنادقهم من تحت صناديق الطماطم وأكياس الخيار، حينما يسمعون بقدوم قوات الجيش العراقي للهجوم على مناطق كردستان ليتوجهوا الى جبهات المواجهة جنبا الى جنب البيشمركة لمنع تلك القوات من تدنيس أرض كردستان وإستباحة أعراض الناس.

فما الذي جرى الآن أيها العم الكبير لكي يتنكر كل هؤلاء لك ولحزبك في وقت كانوا يجودون بدمائهم وبكل ما لديهم من أجل خدمة المباديء التي رفعت أنت ورفاقك القدامى رايتها؟

أنت قرأت بالطبع نتائج الإنتخابات البرلمانية الأخيرة التي مني فيها حزبك بأبشع هزيمة يمكن أن تلحق بحزب جماهيري على وزن الإتحاد الوطني صاحب كل تلك الأمجاد التي تحدثت لك عنها. ولا أدري هل تساءلت مع نفسك ولو لمرة عن أسباب هذا الغضب الشعبي من حزبك، بحيث يستعصى على مرشحيه أن ينالوا ولو مقعدا واحدا في أربيل، وأن يخسر شعبيته الهائلة في السليمانية ودهوك وغيرها من مدن كردستان.

أعتقد أيها العم العزيز بأن الأسباب باتت معروفة أمام جميع أبناء شعبي، وقد تكون أمامك أيضا، ولكن الذي يحزنني بل يقتلني ألما هو عدم صدور مبادرة منك لإستعادة أمجاد حزبك،من خلال تطهير صفوف قيادة حزبك من هذه الحفنة من الفاسدين والمفسدين المحسوبين عليك من بطانة السوء الذي يلتفون حولك لا لشيء إلا للمحافظة على مصالحهم الشخصية، والشخصية فحسب.

لقد خدعك سيدي من إدعى ويدعي بأن منظماته الديمقراطية تضم نصف مليون عضو،كما يخدعك من يؤكد لك بأن التنظيمات الحزبية وصلت أعدادها الى ثلاثة أرباع المليون،وما يصوره لك إعلامك الزائف من شعبية زائفة يوهمك بها، فإين كانت هذه الأعداد وهذا الاعلام المخادع عندما أجريت الإنتخابات البرلمانية ومني حزبك فيها بتلك الهزيمة المنكرة؟.

والسؤال الذي يطرح نفسه أيها المناضل الكبير هو، أين هؤلاء المستغلين والمفسدين والطفيليين من اولئك الرجال المناضلين الشرفاء الذين جاؤا من منافي الأرض ومهاجرها، ومن داخل معسكرات اللجوء في دول الجوار ليجتمعوا بك إثر إنهيار ثورة أيلول ويرفعوا معك راية المقاومة من جديد.

أين أفراد المفارز الأولى الذين تحدوا أكبر آلة عسكرية في العالم وكثير منهم لا يملك الا سلاحا بسيطا يواجه به دبابات وطائرات النظام الفاشي.

أنظر من حولك وإسال نفسك لماذا إنفض عنك رفاقك القدامى الذين كانوا يقطعون الجبال معك، ويقاسمونك الخبز والماء، وتفحص الوجوه المحيطة بك الآن، وهي وجوه كالحة إسودها الفساد وإمتصاص دم الشعب وإستغلال شرف البنات، حتى بنات الشهداء، الذين لم يتوانوا عن أكبر السرقات، ولهم ملفات في شرطة السليمانية بإختلاسهم لملايين الدولارات وهي من أموال الشعب دون أن تحاسبهم.

ماالذي يجمل صورة هؤلاء الحفنة من اللصوص والحرامية وسراق أقوات الشعب عندك، وهم مفضوحون جماهيريا وقضائيا، ويبشع صورة الشرفاء والمناضلين أمام ناظريك، فما لكم كيف تحكمون؟

لماذا إستبدلت أولئك المناضلين الشرفاء ونفيت أكثرهم الى خارج الإتحاد والبلاد، ودفعت بالكثيرين منهم الى الإعتزال والجلوس في بيوتهم، وأبقيت على شرذمة من الفاسدين والمفسدين الذين يمتصون دماء شعبك الذي ناضلت من أجله وكرست الشطر الأكبر من عمرك المديد إن شاء الله لخدمة أهدافه في التحرر والإنعتاق.

إسال نفسك أيها القائد المؤسس عن رفاقك من أعضاء الهيئة التأسيسية لحزبك وأين ذهبوا، وماذا حل بأفراد المفارز الأولى لبيشمركتك، ثم قارنهم إذا كانت لك فسحة من الوقت بمن يدورون حولك اليوم من الذين كدسوا الملايين وبنوا العمارات والسوبر ماركيتات على حساب مناصبهم الكبيرة التي أداموها بمخادعتك؟!.

لقد فرحت جدا سيدي عندما سمعت بأنكم وضعتم شرطا للترشح لعضوية قيادة الاتحاد في المؤتمر القادم،وهو شرط طهارة اليد وسلامة الذمة المالية، وهذا ما يدفعني الآن أن ألتمس منك أن تتفحص أنت بنفسك الذمة المالية لتلك العصابة الملتفة حولك، والتي تورط كثيرين من أفرادها في فضائح تزكم الانوف وباتت مكشوفة أمام الجماهير..

إسألهم أنت من أين لكم كل هذا، ثم قرر هل أنهم يستحقون أن يصاحبوك في الفترة القادمة، وهي من أشد الفترات وطأة على الإتحاد الوطني،هذا إذا كانت لديك فعلا إرادة ونية بتجديد حزبك وإستعادة ثقة الجماهير به.

إن أفراد هذه العصابة التي تمرست على الفساد، وأصبحت الفضائح تلازمهم أينما حلوا في دول أوروبا أوشواطيء تركيا، ليسوا من ينقذون حال حزبك المتجه الى المزيد من التدهور، بل أن من ضحى لأجل هذا الحزب هو الذي بإمكانه أن يستعيد أمجاده، ففاقد الشيء لا يعطيه سيدي.

كل ما أطلبه منك أيها العم الكبير في ختام مقالي هذا، هو طلب واحد لا غير، وهو أن تكف لمرة واحدة، ولو لمرة واحدة من فرض هذه البطانة الفاسدة على قيادة حزبك، دع المؤتمرين ينتخبوا ويختاروا الأصلح لقيادة المرحلة القادمة لينقذوا حزبك من مصير معلوم. وأذكرك بقول سيدنا الخليفة العادل والراشد عمر بن عبدالعزيز الذي خاطب خادمه الأمين مزاحم قائلاquot; والله يا مزاحم، ما أفسد أولي الأمر إلا بطانة السوءquot;.

والعبرة لمن إعتبر سيدي الجليل.